الحُكومة والمُعارضة و(ماراثون) الشارع السوداني ...!!! أحمد موسى عمر المحامي [email protected] وفق ماتوقعت عدد من المصادر فقد تجاسرت الازمة الإقتصادية وألقت بظلالها على الشارع السوداني المتأزم في الأساس من قبل نشوء الازمة , والحُكومة تكابد بين محاربة تداعيات الأزمة ونُذر الإنفصال الجاثم على صدر الوطن وتتحسب لمخططات أُخرى تُحاك بهدوء قاتل لتجفيف منابع الحزب الحاكم السياسية وخلق عُزلة بينها والشارع مع الضغط إقتصادياً أكثر وأكثر لإشعال فتيل الإنفجار ... مُفكر هادئ هو (الغرب) وأرض خصبة هي (أرض السودان) لرحم تتخلق فيه الأزمات بشكل متسارع ,متعاظم , ومُتكرر ... و(الهدف) هو القضاء على ما يخشى الغرب أنه كان من المُمكن أن يصبح منطقة من مناطق تفريخ (الإرهاب) الرئيسية , فالإنقاذ أخطأت ببداياتها المتحدية للقطبية العالمية قبل أن تشب عن الطوق , ثُم أخطأت في تراجعها عن تحديها بعد أن شبت عن الطوق نوعاً ما ... فإختارت قرار الموت لحظة ميلاد الحياة فيها ثُم إختارت قرار التراجع عند ضرورة التقدم , لتبقى الأزمة الإقتصادية هي مشروع رصاصة رحمة الإنقاذ الذي تحاول (المعارضة) تحويل حُلمه إلى حقيقة بمايُقرأ بسياق (الإصطياد في المياء العكرة) لتزداد وتيرة مطالبها بأعلى سقوفاته حتى ليتساءل المُراقب عن صحة توقيت إختيار (المُعارضة) لزمان إعلان قرارها بتحريك الشارع بشكل تتوارى فيه نوعاً ما الروح الوطنية , فالوطن في أقسى لحظات مخاضة والإنفصال هو العملية القيصرية التي ربما أودت بحياة الأم لو لم يتم تحضير وتجهيز غرفة عملياتها بالشكل الطبي والعلمي الصحيح ومُحاولة إستخدام قُوى المُّعارضة للأزمة الإقتصادية الحالية والمتوقعة هو إستثمار لإحتياج المواطن المغلوب دوماً على أمره والمُعارضة حتى في لقاءاتها المُتكررة ظلت تنبه إلى أخطاء الإنقاذ ودورها في مايحدث وتأثير قراراتها في الوضع السياسي والإقتصادي الراهن وهي تنبيهات تظل دوماً محل نظر وتحتاج إلى مزيد من الإيضاحات لجهة محاولة إقناع الشارع السوداني بها ... وتناست (المُعارضة) سهواً أو عمداً تقديم بدائلها الإقتصادية والسياسية والامنية والتنموية التي تُمكنها من إقناع الشارع بها فقُوى المعارضة تتحدث بضوت مشروح وواهن عن (الخطأ) و(المشكلة) ولا تُقدم (الحل) الناجع , والشارع السوداني لا يخلوا من ذكاء فطري يقرأ به حاضر السودان ومستقبله ولا يخلوا من وطنية تجعله يخلق ما يشبه الجدار الواقي للحكومة تصدياً للأزمة ... أو جداراً واقياً للمعارضة تصدياً للحكومة ... ولكنه لحسابات (جماهيرية) واعية إختار وحتى لحظته دور المُراقب الحكيم ذو البصيرة النافذة يرفض الإستجابة لمحفزات المُعارضة للخروج وينتظر مُحفزات الحكومة لعدم الخروج وعلى كل من قُوى الحكومة والمُعارضة (النزول) للشارع كل بأدواته لإقناعة بوجهة نظره حتى يكسبه إلى صفة ويستخدمه ضمن موجهات خطته الرامية للبقاء أو الإطاحة , والراهن يوضح (نزول) المعارضة مُبكراً ولكن بخطاب مازال يكرر نفسه ويرمي بالجماهير تحت الضغط الحكومي بعد أن بحثت بين ثنايا خطاب المُعارضة عن مُجرد أمل أو حتى سراب لتسير خلفه ردحاً من الزمان ولكن يظل الحال هو نفسه ذات الحال كما تغني بذلك التيجاني حاج موسى حامل وسام الجمهورية في أعياد الإستقلال و (السلام) الأخيرة لتنزل الحكومة بمباضعها الجراحية التي تُؤلم الجسد الوطني المُتألم أساساً بمزيد من الزيادات في الوقود والسُكر وربما تستتبعه زيادات أُخرى فتزيد من سخط الساخطين و نقمة الناقمين وشماتة الشامتين ... وحتى قرارات تقليص الصرف الحكومي إستقبلها الشارع بشئ من الريبة والشك مع شئ من التقدير الخفي فإنقاص مُخصصات الوزراء والمسئولين إلى 35% والتي قررها مجلس الوزراء وإعادة الدكتور كمال عبيد وزير الإعلام لعربته الحكومية وغيرها من قرارات حكومية مؤسسية وفردية تبقى هي قطرات من حل وقطرات من إحترام تفرضها تلك القرارات على الشعب السوداني ولكنها ستزول بزوال مؤثرها إن لم يلحظ الشارع تأثيراتها ولو الطفيفة على الحياة المعيشية اليومية وليت الحكومة إستتبعتها بقرارات تمس صميم إحتياجات المواطن بدعمها لعدد من السلع الضرورية وتفعيل مشروع التعاونيات الإستهلاكية والخدمية حتى تتحمل الحكومة مع شعبها جزء من الهم العام والخاص من خلال تفعيل لجانها (الشعبية) المُقربة (إفتراضاً) للمواطن وإحتياجاته للعمل على حصر الشرائح الضعيفة وتقرير كيفية دعمها ... فالهم الراهن تُخطئ الحكومة إن ظنت أنها ستقوم به منفرده بمعزل عن مؤسساتها الجماهيرية والشعبية وبعيداً عن أحلام وطموحات المواطن البسيطة والهامة والضرورية الأمر الذي يُمكن أن تسهم فيه وزارة كوزارة الرعاية الإجتماعية أو الضمان الإجتماعي بتفعيل سريع ومُكثف لمشروعات تنمية المجتمع وإحياء مشروعات مراكز الأمن الإجتماعي فالأزمة الإقتصادية يُرجعها البعض إلى تأثيرات متأخرة للأزمة الإقتصادية العالمية ويتُرجعها إفادات حكومية إلى الصرف الذي تم على إستحقاقات الإنتخابات والإستفتاء والإيفاء بتعهدات الحكومة بإتفاقيات السلام المتناثرة هنا وهناك ويضعها البعض بموضع المؤامرة الخارجية والداخلية لضغط الشارع السوداني للخروج في ثورة شعبية بحسب تلميحات الشيخ حسن عبدالله الترابي والذي يحاول (دوماً) إستباق قُوى المُعارضة بقراءات يظن بحدوثها لينال بعدها قصب سبق تحريك الشارع بمحاولة ثانية تشابه سرقة ثورة إكتوبر 1964 , وقراءة مُتقدمة تذهب أبعد من ذلك (مُتهمةً) جهة حاكمة أو قريبة من الحاكمة بالسعي لإثارة الشارع وخلق فوضى مؤقتة تعمل من خلالها على تعطيل أو تاخير عملية إستفتاء أهل جنوب البلاد على تقرير مصيرهم الامر الذي يُلقى على رئاسة الجمهورية إتخاذ تدابير فوق العادية بناحية ضبط الامن القومي العام ... هذه وتلك كلها تقديرات تصح وتُخطئ ولكنها تبقى تقديرات لسبب الأزمة لا تخلوا من تلمُس لأسبابها كليا أو جُزئياً فيمكن أن تجتمع مع بعضها البعض لخلق الأزمة وتصاعد وتيرتها شيئاً فشئ بحال إنعدام المعالجات الجادة والحقيقة والصادقة لتبقى الأزمة المتوقعة وسيلة من وسائل الداخل والخارج لتغيير نظام الحكم بالبلاد بما يخلق ما تنادي به أجهزة المخابرات الأميريكة من خلق فوضى (خلاقة) تُمكنها من وضع يدها على منطقة الفوضى وإعادة ترتيبها على نسقها الخاص والذي تُحدد موجهاته أجهزة اللوبي الصهيونية وتجد المُعارضة نفسها بعلمها أو جهلها مخلب قط يُستخدم لتحقيق تلك الأهداف ... والشارع السوداني يبقى هو سيد الموقف وصاحب الكلمة الاخيرة وعلى الحكومة إستباق (المعارضة) بالنزول له وأن تُوسع من مساحات إلتصاقها به أكثر وأكثر وأكثر , ليس خوفاً من (إطاحة) المعارضة أو (تجفيف) الغرب ولكن تقديراً لوقفة الشارع معها بكثير من المواقف الوطنية فكُلما (غابت) قُوى المُعارضة مُتدثرة بدثار الشماتة بإنتظار الكارثة كُلما كان الشارع (حاضراً) مؤيداً ومسانداً وداعماً بلا مناً ولا أذى ويستحق الآن رد الجميل أداءاً للواجب ويستحق قيام الحكومة تجاهه بواجباتها الأخلاقية نحو تحسين ظروف المعيشة ويحتاج إلى مُحفزات حقيقية لا تُشعره بالندم أو تضعه بموضع المتردد بين موقفين أحلاهما مُر ... والله المُستعان