.01.2011 صالح الشفيع النيل [email protected] الترابيون المستنسخون 1. بمناسبة الأعتقالات الكثيرة التى تعرض لها الدكتور حسن الترابى خاصة الأعتقال الأخير الذى وافق - ولسخرية القدر – ذكرى اعدام الشهيد الأستاذ محمود محمد طه ، نشير الى أننا كنا قد كتبنا في فترة سابقة و قلنا أننا ضد اعتقال الرجل من حيث المبدأ ، لكبر سنه أولا ً، ولأن الحرية ينبغى أن تكون متاحة له ولغيره ثانياً....هذا اذا كنا نريد بناء وطن يسع الجميع بمفهوم المواطنة المتساوية الحقوق والواجبات ....... وقلنا أيضاً أن السلطات اذا كانت ترى أنه لا بد من اعتقال الرجل لأسباب وجيهة تعرفها هى ، فمن الأنسب أن تحدد اقامته في منزله مثلاً ....وهذا أفضل من الظيطة والظمبريطة التى ترافق اعتقاله كل مرة....الا اذا كان للسلطات غرض آخر تريد تحقيقه من وراء الأعتقال الأعلامى للرجل... 2. لا يفهم غالب الشعب السودانى حتى الآن لماذا تتجاوز الأحزاب السياسية الأسباب الأنسانية لأعتقال الدكتور الترابى وتقفز فوقها لتتعاطف معه سياسياً.....فالنهج العقائدي التمكيني المكيافيلي الذى ينتهجه الرجل وتلاميذه سواء المخلصين له أوالمنشقين عنه ، انما هو ذات النهج السلوكى الأسلاموى المبرمج على مسلمات غير قابلة للنقاش يتشربها أتباعه منذ فترات الدراسة المبكرة ويمارسونها بعد ذلك حياة ممنهجة وموجهة ضد الآخرين بشكل عدوانى من أجل السيطرة عليهم ....ذلك لأنهم لا يؤمنون بمبدأ المشاركة وقبول الآخر، وانما يلتزمون بمبدأ التمكين الدينى والتوجه الأستعلائى الأقصائى الذى يضعهم في مكانة فوق مكانة المسلمين العاديين ، ويستخدمون في ذلك مبدأ الغاية تبرر الوسيلة مما نراه من الفساد واستغلال الناس بأسم الدين والتآمر والتجسس والأرهاب....ولا شك أن الدكتور الترابى هو الأب الروحى لكل ذلك العسف والبؤس الذى طال الشعب السودانى من جلد وفصل من الخدمة وتسييس للقمة العيش وما سبق ذلك من تكوينات حزبية صورية تسمى ( أحزاب التوالى ) وما تلاه من تخريجات سياسية كالأجماع السكوتى والصمت الأيجابى.....وعرس الشهيد والحور العين..وهلمجرا... 3. كون الترابيون تعاركوا فيما بينهم لاقتسام كيكة السودان اللذيذة التى سعوا اليها بشتى الطرق المشروعة وغير المشروعة..... وأنتصر فريق على فريق ( هذا ان كان العراك حقيقياً فى الأساس ) ، نقول كونهم فعلوا ذلك ، فهذا لا يعنى الشعب السودانى في شىء....وكما يقول المثل ( اذا تصارع الفيلان فان العشب هو الذى يتكسّر..) وقد تكسّر السودانيون في العشرين سنة الماضية حتى صاروا حطاماً.....بينما يعيش الترابيون المبعدون والمقربون عيش الهناء ، ذلك لأن بينهم اتفاق( جنتلمان) بأن لا يقطعوا شعرة معاوية بينهم ( ويخلوها مستورة )... فلم يرفعوا السلاح فى وجه بعضهم البعض ولن يفعلوا ذلك أبداً.... ولم يذيعوا سراًخطيراًيتعلق بتنظيمهم ولن يفعلوا ذلك أبداً.... أذ أن في عرفهم يسود المثل القائل ( أنا وأخى على ابن عمى وأنا وابن عمى على الغريب ) ...والغريب هنا هو الشعب المغلوب على أمره..وأى شىء آخر غير منظم معهم... حيث أن لغتهم واحدة وعودتهم الى بعضهم البعض واردة في أى وقت...حيث انهم لم ينفصلوا بالثلاثة ونهائياً... 4. لقد فرط الترابيون الوطنيون في جنوب السودان....ذلك بأنهم ظنوا - وبعض الظن أثم - أنهم بسياستهم الأستعلائية الأقصائية ، قادرون على ادارة هذا الملف الشائك بمفردهم دون بقية أهل السودان...لذلك فهم لا أرضاً قطعوا ولا ظهراً أبقوا ، وذهب الجنوب مبكياً عليه.... وان ادعوا غير ذلك...بل نستطيع أن نقول أن فقدان الجنوب ، أكل حسناتهم القليلة كما تأكل النار الحطب.....فأين انجاز سد مروى من ضياع النيل الأعلى والأستوائية وبحر الغزال....وأين وأين وأين......أما الترابيون الشعبيون فيدّعون أنهم يملكون مفاتيح حل مشكلة دارفور العصية ...وبنفس العقلية الأستعلائية القديمة....لذلك نرجو من الله تعالى ألا يعطيهم موطىء قدم هناك حتى لا نتحسر على دارفور حسرتنا على الجنوب.... 5. وبمناسبة دارفور الأبية ، فقد واتتنى الفرصة عندما كنت موظفاً صغيراً فى وزارة الثقافة والأعلام أن أجرى – ضمن آخرين -- بحوثاً في ذلك الجزء من الوطن في منتصف السبعينات ......وقمنا بزيارة الفاشر ، نيالا ، كتم ، كبكابية ، مليط ، السريف ( أولاد حسين ) وكثيراً من القرى الصغيرة....وقابلنا ملوك وشيوخ بعض القبائل مثل الفور والتاما والبرتى والتنجر وعرب أولاد حسين والرزيقات الشمالية.....الخ ولا يسعنى الا أن أردد أبيات الشاعر الكبير محمد سعيد العباسى التى نظمها في مليط وأعممها على كافة تراب دارفور : حياك دارفور صوب العارض الغادى وجاد واديك ذا الجنات من وادى فكم تركت لنا من منظر عجب يشجى الخلى ويروى غلة الصادى فهناك في دارفور رأينا من كرم الضيافة وأصالة النفس الأتسانية ما لا يفهمه الترابيون الشعبيون أو الوطنيون...دارفور العزة والكرامة التى جرحت في كبريائها مرات ومرات..ولمن لايعلم ، فان دارفور ليست هى المسلحين فقط....وانما هى دارفوربلاد السلطان على التى كست الكعبة وحفرت الآبار للحجيج....وما زال الأحفاد يحتفظون بسمات الأجداد...من الأنفة والرجولة واغاثة الملهوف واعانة الضعيف.... اننا نثمن ونقدر نضال كافة الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدنى فى بحثها عن تأصيل الحرية والديموقراطية وسيادة القانون...ولكن ما لا يرضاه الشعب السودانى في تقديرى ، أن يتم انجاز هذا النضال بالأتكاءة على مناورات الدكتور حسن الترابى وحزبه.....وكما يقول أهلنا البقارة ان ( أم الكلب بعشوم )...أى أن أحمد هو نفسه حاج أحمد حتى وان نزع عمامة أبى دلامة.....أى ان هذا الشبل من ذاك الأسد....أى أتستبدلون الذى هو أدنى بالذى هو خير؟؟ أى أتمارسون جلد الذات وتستعينون بالجلاد على الجلاد ....وليس لديكم أدنى شك في أن يتفق عليكم الجلادان.....ولا شك أنهما فاعلان....طال الزمن أم قصر. ألديكم شك فى أن الترابيون الوطنيون والترابيون الشعبيون وجهان لعملة واحدة..ويحكى فى كليلة ودمنة أن أعرابياً وجد ثعباناً يكاد أن يموت من شدة البرد...فعطف عليه وقام بلفه في خرقة....وعندما أحس الثعبان بالدفء وعادت اليه الحياة ، لدغ الأعرابى فقتله....هل فهمتم شيئاً..