بشفافية أثر الشماسة على الساسة!! حيدر المكاشفي بعد (ماسورة) وما شابهها من عبارات ومفردات ومصطلحات سكتها شريحة المشردين الذين يعرفون إصطلاحاً ب (الشماسة) أو (الشماشة)، واقتبستها منهم طبقة السياسيين، شاعت هذه الأيام في أوساط الساسة السودانيين وجرت على ألسنتهم عبارة أخرى من قاموس (بني شمس) هي (ركب التونسية) ترادفها عند الضالعين في (الراندوق) عبارة (دقس واتلحس) أو (جرّ شفّاطة) بلغة ميكانيكية المناطق الصناعية الذين استلموها من تلك الآلة التي لم يكن يكتمل توقف اللوري عن الحركة إلا بعد (جرّها إلى أعلى) حيث لم يكن الضغط على الكابح (الفرامل) وقفل موتور الحركة (السويتش) يكفيان لتوقفه عندما يُراد له ذلك، وربما استطاع من يقتفي أثر أحاديث السياسيين وخاصةً أحاديث الإنفعال وردود الأفعال أن يحصي الكثير من مثل هذه العبارات التي يستعيرها السياسيون من قاموس الشارع، مع أن العكس لم يحدث ولا أظن انه سيحدث، أي أن يؤثر خطاب الساسة على الشماسة فتتردد على ألسنتهم عبارات من مثل الخونة والمتآمرين والطابور الخامس والمشروع الحضاري والأجندة الوطنية والحكومة وهلمجرا وهكذا دواليك من هكذا عبارات، إن سمعوها فلن يحسبوها غير (برطمة) أو (رطانة)... فيما أعلم والله أعلم أن أول سياسي إستخدم مصطلح (ركب التونسية) هو السيد الصادق المهدي رئيس حزب الأمة (الأصل)، كعادته دائماً في ضرب الأمثال وخاصة الأمثال الدارفورية والكردفانية، وفي كردفان بالأخص أمثال عرب المسيرية، هذا إضافة إلى إستعانته أيضاً ببعض المفردات المتداولة بين العوام كلما كان ذلك ضرورياً، ومن ذلك مثلاً إستخدامه لعبارة (سحاسيح) في معرض نفيه عن أبنائه وبناته صفات النعومة والدلع و(الحنكشة)، حيث قال رداً على سؤال استبطن هذا المعنى كان قد وجهه له الزميل الصحافي ضياء بلاد رئيس تحرير الغراء السوداني حالياً -، فجاء رده حاسماً هكذا (أولادي ليسوا «سحاسيح» وانما نالوا ما نالوا من وضع ومقام في حزب الأمة نتيجة لكدهم وجهدهم واجتهادهم وكسبهم السياسي والحزبي، أو كما قال الإمام، ولا أدري لماذا استخدم الإمام هذه العبارة بالتحديد مع أن (حناكيش) كانت أوقع وأقرب للجيل الحالي وهو صاحب نظرية (الأصل والعصر)، المهم أن الامام استخدم مصطلح (ركب التونسية)، على خلفية ثورة الياسمين التونسية والغضبة المضرية المصرية، وفي سياق خيارين وضعهما أمام الانقاذيين، إما قبول الصيغة القومية أو ركوب التونسية للحاق بزين (الهاربين) بن علي الذي قضى نحبه الرئاسي ومن ينتظر وما بدّل تبديلاً، ثم جاء الرد سريعاً بذات العبارة من إنقاذي مكين هو الدكتور قطبي المهدي الذي قال ما معناه ان عهد (ركوب التونسية) قد إنتهى بقيام انقلاب، ولمن شاء من القراء (ثورة) الانقاذ التي (ركّبت الأحزاب التونسية).. أنا شخصياً لا أدري لماذا التونسية دون غيرها من شركات طيران حتى تختص بهذا المصطلح الذي يعني خروجا بلا عودة، ولكن مادام الأمر كذلك فلا نتمنى لأحد أن يركبها أو يتم حمله وإجباره على ركوبها، ولنركب جميعنا بكل ألوان طيفنا وتعددنا السياسي والإجتماعي والثقافي أرقى شركات الطيران وأفخمها وتحملنا كلنا إلى مرافئ الأمن والأمان والاستقرار والرفاه والتقدم والتطور والنماء والبناء، ولتكن مثلاً (لوفتهانزا)، فلماذا لا نركب كلنا لوفتهانزا..؟ أم كُتب علينا أن من يغادر فينا يركب التونسية ومن يبقى فليس له سوى سودانير.... الصحافة