[email protected] انكار وجود قوي سياسية بالبلاد هو افلاس حقيقي لقوي التغيير ، الاحزاب السياسية والجماعات موجودة رغم استيائنا من ادائها ، ويأسنا من اصلاح امرها الا انها تبقي ممثلة لافكار جيل سبق لم ينقرض تماما ولم ينزوي من الساحة .. الا ان افكاره وآلياته قد اضحت عاجزة عن مواكبة الحياة المتقلبة بسرعة بالغة ، جيل نشأ وما يزال يتغني بالبريد وساعي البريد .. ويعيش واقعيا في عالم انقرض فيه البريد بشكله القديم واضحت معه ثقافة كاملة خارج التاريخ .. وحلت ثقافة تواصل لحظي وآني لا مكان فيه للبكائيات المتطاولة شوقا زمانيا او حائلا من بعد المكان ، وهذا الامر يهزم الجيل السابق نفسيا لانه يجد الجيل اللاحق من ابنائه واحفاده يغرد في دنيا لا تعترف بغنائه ولا شعره ولا مفاهيمه تجاه الزمن والمكان ، وانها لهزيمة صاعقة ماحقة تجعل خطوط دفاعه هي انكار الجديد جملة فيتحدث عن غنائه الهابط وسلوكه المفارق واخلاقه غير الملائمة ، وأخطر ما في الامر ان هذا الجيل السابق الخارج عن سياق الزمن الذي يعيشه الجيل اللاحق .. ان الجيل السابق يمتلك ويسيطر علي مفاصل قوة المجتمع ، فهم القادة السياسين والتنفيذين وقادة الاجهزة المحتكرة للقوة المسلحة وقادة الاجهزة المسيطرة علي التوجيه في حقلي الاعلام والتربية ، لذا فان انكار وجود الجيل السابق ووصمه بالضعف وصولا لاخراجه خارج دائرة التفاعل هو فعل خاطئ ينجم عنه صدام مريع بين قوتين هائلتين .. قوة الشباب الهائلة المسلحة بالوعي وادوات الحاضر وفهم مسارات المستقبل ..وقوة الجيل السابق المستقوية بامتلاك التجارب والقوة المتمثلة في السيطرة التامة علي ادوات الدولة الحديثة المهيمنة علي الفعل الاجتماعي ، انها معادلة صعبة وقائمة وأظهر مثالاتها ما يجري بأرض الكنانة مصر وأرض الثورة الاولي في القرن الحادي والعشرين تونس ، نجاح القوة الشبابية في اظهار واستعراض قوتها الهائلة واجبار القديم علي التفاوض وتقديم التنازلات .. لكن دون استطاعة علي ازالة القديم جملة واحدة بسبب التخوف من الفراغ الذي يعقب ذلك والمؤدي للفوضي.. وهي النغمة المكررة التي نسنعها من مصر الي تونس الي السودان الي اليمن الي الاردن الي سوريا ، والتي هي حقيقة يجب التعامل معها من حيث ان العقليات القديمة والحرس القديم هو المهيمن فعليا علي كافة مفاصل الدولة الحديثة المحتكرة للقوة (اقتصاديا وسياسيا وآمنيا وتوجيهيا) ، الحوجة ماسة لتواصل خلاق مع طائفة من القديم تؤمن باحقية الجديد في المشاركة وفي التعبير وفي التغيير ، نحتاج الي اساليب خلاقة وجهد علمي منضبط لتحديد هولاء والتواصل معهم وتقديمهم في الصفوف الاولي لثورة الجديد حتي يتم تحييد الجمهور الغالب من الجيل القديم غير المنتمي للطغيان الا انه يقف معه في خندق الدفاع عن الوجدان والذكريات والعادات والتقاليد امام ما يظنونه اقتلاعا لهم من الجذور.