رأي التناقضات حول زيارة غرايشن لولاية البحر الأحمر حسن محمد صالح عندما صعد المبعوث الشخصى للرئيس الامريكى للسلام فى السودان اسكوت غرايشن الطائرة المتجهة الى مدينة بورتسودان كنا والوفد الصحفى المشارك فى استقبال والى البحر الأحمر محمد طاهر ايلا بمناسبة عودته من رحلة الاستشفاء بالمملكة العربية السعودية داخل تلك الطائرة النوفا وهى من شركات القطاع الخاص . وجاء اسكوت غرايشن وصعد الى الطائرة بهدوء مع مرافقيه من الامريكيين والسودانيين وقد توزعوا على مقاعد الطائرة وقد أثار وجود اسكوت غريشن تساؤلات بين الصحفيين من حيث توقيت الزيارة وأسبابها.. وتجادلنا قليلاً حول الامر قبل أن تقلع الطائرة وقد قلت بالحرف الواحد ان غرايشن فرغ من فصل الجنوب ويريد أن يفصل شرق السودان. وقال لى أحد الاخوة يجب ان لا نلوم غرايشن على فصل الجنوب ونلوم أنفسنا انطلاقاً من نظرية المؤامرة . قلت له لا شك عندى ان اسكوت غرايشن المبعوث الشخصى للرئيس الأمريكى باراك أوباما متحكم فى الشأن السودانى بدرجة مزعجة وقد ساعده على ذلك هدؤه وتأدبه وتواضعه حتى يصل الى الأهداف المعلنة والخفية التى جاءت به للسودان مبعوثاً وممثلاً لرئيس بلاده أوباما.وأضفت جزءا من قتاعاتي القديمة المتصلة بمهمة هذا الرجل والتي ذكرتها مرارا وتكرارا وقلت للزملاء: تذكرون كيف تدخل المبعوث الامريكى فى الإنتخابات العامة فى السودان وعمل على اجرائها فى الموعد المقرر لها رغم مطالبة قوى سياسة مقدرة فى المعارضة بتأجيل الإنتخابات إلى وقت لاحق لأسباب موضوعية تقدمت بها لمفوضية الإنتخابات في ذلك الوقت . ولم يكن هدف غرايشن هو الديمقراطية والحرية فى السودان ولكنه كان يريد من إجراء الإتنخابات في موعدها أن تكون جواز مرور لاستفتاء تقرير المصير لجنوب السودان وقد أكد ذلك بنفسه عندما أطلق عبارة إستقلال الجنوب لأول مرة في قاموس السياسة السودانية. وهز كل منا رأسه ثم أقلعت الطائرة وكان غرايشن يعبث بأحد اللعب من على كتاب يحمله فى يده ولم يكن راغباً فى الإدلاء بتصريحات للاعلام قبل ان تكتمل زيارته وهكذا قالت لنا سكرتاريتةه التى أحالنا لها لكي تنظم لنا معه موعداً للإدلاء بتصريحات صحفية فى الوقت المناسب والذي قرر أن يكون عقب الفراغ من زيارته للبحر الأحمر. عندما وصل مبعوث الرئيس الأمريكى اسكوت غريشن الى مطار بورتسودان لم يكن فى استقباله ممثل لحكومة ولاية البحر الاحمر ولم يتم استقباله فى غرفة كبار الزوار التى يتم فتحها لمثل هذه الشخصيات من شاكلة غرايشن . وقد أمضى فى بورتسودان يوم الجمعة وغادر فى عصر السبت إلى الخرطوم وكانت التصريحات التى ادلى بها فى مطار بورتسودان للصحفيين الذين كانوا يستقبلون والى البحر الاحمر تتلخص فى كونه التقى في بورتسودان منظمات المجتمع المدنى وممثلى الاممالمتحدة بالبحر الاحمر كما التقى وزيرى الصحة والزراعة فى حكومة الولاية . ووجدت فرصة التحدث لسكرتيره الاعلامى السيد جونثون لالى وقلت له ان السودانيين أصبحوا فى ريبة من الزيارات التى تقومون بها الى ولايات السودان مثل البحر الأحمر ودارفور ويعتقدون أن الغرض منها هو تمزيق بلادهم على نحو ما تم في جنوب السودان الذي أدت سياستكم إلى فصله عن الوطن الأم وقد نفى الرجل بطبيعة الحال أن يكون غرض زيارة إسكوت غرايشن لشرق السودان لرغبة الولاياتالمتحدة في فصل الإقليم أو تمزيق السودان كما يظن البعض ولكن الغرض من الزيارة هو تقوية العلاقات بين الشمال والجنوب بعد الانفصال على حد قوله . وسألته عن صحة منع المبعوث من الالتقاء بالقوى السياسية المعارضة فى البحر الاحمر و منع القوى السياسية المعارضة من قبل جهاز الأمن من مقابلة غرايشن والإجتماع به ومنعه من زيارة بعض المواقع فى بورتسودان منها ميناء بشائر لتصدير النفط. وكان رده بأن أحداً لم يمنعه من مقابلة القوى السياسية وليس هناك خصوصية لزيارة المبعوث لشرق السودان وهو الآن فى طريقه الى دارفور انطلاقاً من الخرطوم لذات الغرض وهو تقوية العلاقة بين دولتي الشمال والجنوب . أما والى البحر الأحمر السيد ايلا فقد كان تعليقه على السؤال الذى تقدم به أحد الصحفيين فى المؤتمر الصحفى الذى نظمه بمكتبه ببورتسودان عقب عودته من الخارج: ان حكومة ولاية البحر الأحمر لم يتم اخطارها رسمياً بزيارة المبعوث الشخصى للرئيس الامريكى للسلام فى السودان الا بعد وصوله بساعات وعليه لم يكن الوقت كافياً للترتيب للزيارة بالصورة المطلوبة. وأكد ان ولايته لن تتوانى فى استقبال المبعوث الأمريكى ومساعدته فى تنفيذ برنامج زيارته للولاية اذا طلبت منها الحكومة المركزية ووزارة الخارجية ذلك بصورة واضحة وجلية وفى الوقت المناسب. والتناقض حول زيارة غرايشن يكمن بين السماح للمبعوث بزيارة ولاية البحر الاحمر وفى ذات الوقت تكون زيارته من غير برنامج واضح أو يأتى البرنامج لحكومة الولاية بعد وصول الرجل بوقت طويل ولم يتم وضع هدف محدد للزيارة التي قام بها إلى هناك مما يزيد البلبلة والتوجس لدى الرأى العام والمراقبين للشأن السودانى و البحر الأحمر فى هذه الظروف الصعبة . وهناك تناقضات حول تصريحات المسئولين حول زيارة غرايشن ففي حين وصفها الدكتور قطبي المهدي أمين المنظمات بالمؤتمر الوطني بالأمر العادي قال مستشار رئيس الجمهورية الدكتور مصطفى عثمان اسماعيل انه فوجئ بزيارة غرايشن الى شرق السودان كما وصف زيارات المبعوث الأمريكي بالخطوة غير الموفقة ومهما تكن الطريقة التى زار بها المبعوث الامريكى للسلام فى السودان شرق السودان وما خلفته من ترحيب لدى البعض و ارباك ومفاجآت لدى المسئولين فى الدولة و الأجهزة المختصة الا ان هناك أطرافا في النظام قد شجعت غرايشن على زيارة شرق السودان بحجة الوقوف على سير تنفيذ اتفاقية شرق السودان بين الحكومة ومؤتمر البجا والتى لم تكن الولاياتالمتحدةالامريكية طرفاً فيها كما قال الدكتور مصطفى عثمان اسماعيل فى حديثه لقناة الشروق الفضائية، ولكن بعضاً من الذين شجعوا غرايشن على زيارته للبحر للاحمر وهم جزء من نظام الحكم يتحدثون منذ امد بعيد عن الضامن القوى لانفاذ اتفاق الشرق بين الحكومة والحركات التى كانت تحمل السلاح فى شرق السودان وعلى رأسها مؤتمر البجا وحركة الاسود الحرة وبالفعل رشحت أنباء عن التقاء المبعوث الامريكى مع من يتحدثون عن اهمية التحقيق الدولى فى احداث عام 2005 التى وقعت فى مدينة بورتسودان وادت لموت عدد من الناس من المحسوبين على مؤتمر البجا ولم تكن هذه اللقاءات منظمة ولكنها تمت رغم الحيلولة بين غرايشن ومثل هؤلاء الناشطين السياسيين في البحر الأحمر . وتأتى الاشاعات الاخيرة التى تتحدث عن وجود طنطنة معزولة تطنطن بالحديث عن انفصال الشرق لتعزز المخاوف المتصلة بنشاط اسكوت غرايشن فى السودان وزيارته لولاية البحر الأحمر ومدينة بورتسودان،والتي يمكنني أن أخلص منها إلى نتائج وقناعات تتجاوز الزيارة إلى بورتسودان إلى ما يمكن أن يحدث في أي مكان تطأه قدما غرايشن في بلاد السودان الفضل كما يقولون . ونقول : أولا :إن مهمة الرجل والخاصة بالسلام في السودان لم تنتهِ بتقرير مصير جنوب السودان حسب إتفاقية السلام ولا بدارفور إذا حدثت فيها تسوية سلمية في المستقبل ولكنها تتجاوز إلى تقوية العلاقة بين الشمال والجنوب حتى بعد الإنفصال وبموجب هذا الإدعاء يتحرك غرايشن ويزور بورتسودان وغير بورتسودان ولا أدري من أعطى غرايشن هذا الحق هل هي حكومتنا التي تنظر إلى الجزرة الأمريكية تتجلى في كل المسائل بما فيها التفريط في سيادة البلاد . ثالثا : ظهر جليا أن السياسة الأمريكية المتعلقة بوضع المبعوث الشخصي للريئس الأمريكي للسلام في السودان تتطلب منه أن يكون وجوده في السودان أمرا عاديا وأن يبرر التواجد المستمر بالعلاقة بين الشمال والجنوب حتى بعد فصل الجنوب ولا ندري هل هذا خوف على دولة الجنوب أم خوف من تجدد الحرب بين الدولتين كما يزعمون أم هو المضي في تمزيق السودان لعدة دول صغيرة كما جاء في بعض الخرائط والتصريحات الصادرة عن دوائر أمريكية بإسم الدراسة العلمية والتحليل السياسي ومن خلفها المخابرات وأعداء السودان في الولاياتالمتحدةالأمريكية وغيرها . ثالثا :في ما يتعلق بزيارة إسكوت غرايشن للبحر الأحمر فإنني على يقين أن هذه الزيارة لم تعد محل ترحيب حتى من قبل وزارة الخارجية السودانية التي سمحت بزيارته لبورتسودان ولكن وزارتنا لا تستطيع أن تقول للمبعوث الأمريكي لا تقم بهذه الزيارة صراحة وكل ما تستطيع فعله أن تعتم عليها إعلاميا أو توكل للأجهزة الولائية التقليل من فرص نجاحها ولا أظن أن الأولى قد نجحت بدليل البلبلة واللقط الإعلامي الذي أثارته الزيارة في الأوساط السياسية والإعلامية أما الثانية فإن أقل ما يمكن أن يقوله غرايشن تعليقا على هذا الوضع أننا دولة فاشلة لا نحترم كلمتنا مما يقتضي تشديد الرقابة الأمريكية علينا . والمضحك أننا نعتقد أن هذا هو ذكاء سياسي لا مثيل له. الصحافة