[email protected] لقد ولدّت الأيام القليلة الماضية فرصة لا تفوت للشعوب العربية، فهذا عام التغيير في التاريخ العربي، فمن لم يمتطِ عجلة التغيير ضد الظلم واسترداد الكرامة الإنسانية فقد فاته نصف عمره، فالفرص لا تأتي إلا مرة واحدة في العمر ( إذا هبت رياحك فاغتنمها) وها هي عواصفكم أمة العرب تهب فاغتنموها لتحقيق كسب مشروع يعيد لكم حريتكم التي سلبت منكم بأيدي من ائتمنتموهم عليها فهم لم يحفظوا الأمانة التي أشفقت منها السموات والأرض وحملوها لأنهم جاهلين ظالمين، فحكموا وجثوا على صدوركم ونوموكم مغنطيسياً وجردوكم حسياً وأرهبوكم معنوياً، وكتموا على أنفاس من بقيت فيه روح حتى فارق الحياة إلى أن قيض الله لهم شباب الإنترنت فغيروا معالم التاريخ العربي في سابقة لم يستطيع أتباع الشياطين السيطرة عليها فلتهمتهم موجة التغيير على أيدي الشباب فتهافتوا كالذباب .. وأن يسلبهم الذباب شيئاً لا يستنقذونه منه.. فالأول فر كالمذعور فأحتمى بجدة ظناً منه أن قربه من الحرمين قد يخفف عنه ذنوبه التي أرتكبها في حق شعبه فبالأمس كان يمنع حتى الآذان واليوم يحتمي بالأراضي المقدسة .. فكان بمثابة نذير الشئوم لجدة فما أن حلها بها إلا وغرقت في سيول جارفة فسخر منه أهلها بأنه هو من جلب معه الحظ التعيس وسيل العرم... والآخر لا نعرف أين يختبئ حتى الآن والأنباء بشأنه متضاربة فربما اختبئ في حفرة أو كهف ... أو لعله ينتظر السماح له بالانضمام إلى أخيه في جدة .. وأخبار أخرى تقول أنه دخل في غيبوبة كغيبوبة شارون الذي لا نعرف مصيره حتى الآن .. كل ذلك بفضل دعاء المؤمنين الصادقين .. فدعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب .. ومبارك ظلم وسرق ويقال أنه سرق 70 مليار دولار .. ثروة ناطح بها أغنياء العالم ولم يكن أحد يدري عنها إلا بعد أن تكّشفت الحقائق، وظهر المستور ، فما أن يسقط الثور حتى تسن السكاكين وينقلب الأصدقاء إلى جلساء مائدة ينتظرون كشف غطائها. فسويسرا التي أودعوا فيها عرق الشعوب هبت لتجميد أرصدتهم .. وهل ستكون أمينة تعيدها لأهلها أم تضيفها لرأسمالية الغرب كأنهم أوصياء علينا؟ .. فلو دفنها في أرض وطنه أما كان أفضل له، فربما يعثر عليها فقراء الشعب المصري فتُذهب عنهم الفقر وتكون لهم ركازاً. ولماذا كل محترف في فنون النهب .. ينهب أموال أمته ويخرجها خارج البلاد .. ولعلكم تذكرون نسيم حميد .. ذلك الملاكم اليمني الذي سطع نجمه في وقت قصير .. فحول قريته إلى جنة في اليمن حسب رواية بعض اليمنيين .. ولكن حكامنا يحولوا بلدانهم إلى خراب. لقد أرتكب هؤلاء الحكام فظائع في حق أمتهم تصنف من الكبائر التي لن ينال صاحبها الجنة حتى لو تمسح بمآذن جميع بيوت الله في الأرض .. وكيف ينال الجنة من يأمر بقتل أبناء شعبه؟ وهل تفويض وزير الداخلية وشرطته إلا اشتراك في جريمة القتل؟ وهل تظن أن المشترك يعفى من العقوبة؟ وكيف يعفى وكل النصوص القانونية تؤكد ذلك والقرآن الكريم يقول {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} (صدق الله العظيم). لماذا يتمتع أبناء الغرب بالديمقراطية بينما يحرم منها أبناء الشعوب العربية والإسلامية؟ لقد كرس الغرب جهده لاستعمار هذا الشعوب، وها هو يواصل استعمارها حتى بعد أن نالت استغلالها .. فيعود وينتزع منها حريتها بواسطة حكوماتها الوطنية التي تأبى إلا أن تكون داعمة لذلك الاستعمار.. ومن يخالف السياسة الغربية يخلعوه من حكمه بدعوى أنه يناهض الديمقراطية .. الديمقراطية التي يريدونها هم لا نحن .. فهم يتحكمون في حرياتنا ومصائرنا ويمنعونا من اختيار من نريد من الحكام.. وينحشرون بين القشرة وبصلتها ليسلبوننا حقوقنا وينهبون ثرواتنا وحتى عقلونا. ألا ترى أنهم يغرون علمائنا ليخدموا تقدم بلدانهم ونبقى نحن واقفين ؟ إلا ترى أيها القارئ الكريم أنهم دخلوا السودان وفصلوا الجنوب ليس حباً في أهله بل طمعاً في ثرواته ليسرقوها .. لماذا لا ينتبه حكامنا لسياسة الغرب نحونا التي تحكمها المصلحة فقط والاستيلاء على ثرواتنا ؟ ولماذا لا يطبقوا الديمقراطية بين شعوبهم أسوةً بالغرب؟ فنحن أحق بالديمقراطية من شعوب الغرب .. بل نحن أسبق منهم للديمقراطية، لأن الإسلام طبق الشورى التي هي أشمل من الديمقراطية.. بل هي القانون الرباني الذي أرتضاه الله لعباده في الحكم ( وأمرهم شورى بينهم). فالعدالة التي ينادي الغرب بتطبيقها في بلداننا إنما هي خدعة لاذلاننا وإذلال حكوماتنا. فمتى يستوعب الحكام العرب الدرس ويحكموا شعوبهم من منطلق الوطنية الخالصة .. فيكون همّ الرئيس هو بناء وطنه ورفعة أمته وتحقيق العدالة بين أبناء شعبه وسن القوانين والدساتير التي تؤيد الديمقراطية وتسمح بتداول السلطة .. ولكن الرئيس ما أن يتولى الحكم عندنا حتى يفكر أولاً في كيفية سرقة وطنه وخيانته وخدمة أجندة الغرب وإذلال أبناء شعبه وتكوين حزب يساعده في ذلك وإسكات صوت المعارضة وسحقها تماماً وبعد أن يستهلكه الغرب يقلب له ظهر المجن كما فعل مع مبارك وزين العابدين. لماذا لا ينظر حكامنا إلى نهاياتهم المأساوية التي لا تسر صديق فضلاً عن عدو .. فالمخرج دائماً يسعى لإمتاع جماهيره بنهاية سعيدة في مسلسله أو فلمه. بل الكل يعشقون النهايات السعيدة .. وكذلك هدف أي إنسان مسلم حسن الختام .. بعكس حكامنا كأنهم غير مسلمين إلا بالاسم فقط.. ويعشقون سوء الختام. فالظالم لا يخشى عاقبة الظلم ( ومن كان في الضلالة يمدد له الرحمن مدا..) فهم صم بكم عمي .. صم لأنهم صموا آذانهم عن سماع كلمة الحق .. عمي لأنهم أعموا أبصارهم عن مشاهدة الحقائق التي تحدث لشعوبهم .. فقد أوردت بعض الصحف أن مبارك كان لا يعلم ما يدور حوله لأن المقربين لا يريدونه أن يعرف ذلك .. وهذا هو العذر الأقبح من الذنب .. فلو خصص أي رئيس ساعتين يومياً من وقته لمشاهدة الأخبار المحايدة .. لعلم الحقيقة، فالحقيقة أصبحت لا تُخفى، ولكنهم هم من لا يريد سماع الحقيقة. وعلى العكس في الغرب .. وفي أمريكا بالذات لم نسمع برئيس خرج مطروداً أو مذلولاً من أبناء شعبه ولم نسمع برئيس قتل أو سرق أو نهب أموال شعبه .. فحتى أبلد رئيس عرفته أمريكا حسب رأي بعض وسائل الإعلام فيه .. بوش الأبن لم نسمع بارتكابه جرائم نهب للمال العام أو سرقة أو غيرها من الفظائع في حق شعبه بغض النظر عن ما أرتكبه في حق العالم الخارجي .. إذن فهو يحب شعبه ويحب وطنه .. خلاف ما عندنا. وهكذا كلنتون وكارتر الذي نراه يصارع السياسة حتى الآن ويمثل صورة المصلح الاجتماعي لبلده بين شعوب العالم. هذا كله لأنهم وضعوا دساتير تحمي شعوبهم وتحميهم .. وتسمح بتداول السلطة بشكل سلمي .. فهل تعتقد أن أي رئيس في دولنا العربية والإسلامية سيسمح بتعديل الدستور في بلاده ليخدم أبناء شعبه، ويخدم وطنه ويحفر اسمه بالخط العريض في تاريخ بلاده وتظل ذكراه خالدة كبطل قومي.. كل الرؤساء العرب لم يشرفوا حتى أسرهم ناهيك عن شعوبهم .. حتى جمال عبد الناصر لم تكن نهايته سعيدة وشاب التخبط سياسته .. ولكنه يظل الأفضل في تاريخنا الحديث. فالعدالة مفقودة في العالم العربي والإسلامي وأن يترك الأمر للشعوب لتختار من تريد ومتى تريد فذلك هو المستحيل. لذلك فعلى الحكام استيعاب الدرس وتقليد الغرب في هذه فقط، بالسماح لغيرهم بممارسة السلطة وقول الحقيقة .. وترك الأنانية وعدم التشبث الأبدي بالسلطة لأن السلطة لا تدوم لأن الله هو من يغير الملك.. وعليهم بسط قيم العدل والمساواة بين أبناء الشعب .. لتعيش شعوبهم في رفاهية كما يعيش أبناء الغرب .. وعلى الشعوب إجبار هؤلاء الطغاة وتركيعهم لتعديل الدساتير في هذه الفرصة بالذات لا غيرها .. بما يسمح بإشاعة الديمقراطية وتضمين الدساتير نصوصاً تحدد متى يخلع الرئيس الذي لا ترغبه الجماهير، أو يغور في ستين داهية.. وأن لا يتقيد الناخب بحزب معين أو حركة معين .. فالناخب الأمريكي لا يتقيد بأيٍ من الحزبين .. متى كان سياسة الحزب ضد مصلحته .. وعلى الحكام ترك الكذب الذي لا ينطلي على الشعوب المتحضرة في عصر سهُل فيه انتشار المعلومة .. وترك الشعارات الجوفاء التي لا تنفع ولا تسمن ولا تغني من جوع، فمن ينادي بالشريعة فليطبقها كلها أو ليتركها لأن الدين وحدة واحدة لا يتجزأ، فمن الخلفاء من عطّل الحدود في عام المجاعة.. وشعبنا الآن يغوص في وحل الغلاء الذي أفضل منه الجوع. وبالله التوفيق محمد أبو شهاب – السعودية