ثم ماذا بعد انفصال الجنوب؟ تاج السر عثمان [email protected] اصبحت الأوضاع في البلاد اشد تعقيدا وخطورة بعد انفصال الجنوب واستمرار النظام الديكتاتوري الشمولي وممارساته التي تتمثل في مصادرة الحريات والقمع الوحشي للمظاهرات السلمية وممارسة التحرش بالمعتقلات السياسيات، وتعذيب المعتقلين السياسيين، وتصاعد الحرب في دارفور ، اضافة لانفجار قضايا مابعد الاستفتاء(ترسيم الحدود، المواطنة والجنسية، النفط الاصول، الديون، مياه النيل،..الخ)،والمشورة الشعبية في جبال النوبا والنيل الأزرق، اضافة لأزمة الوضع الدستوري في الشمال والذي يتطلب مؤتمرا دستوريا لمراجعة كل الترتيبات الدستورية في الشمال، اضافة الي ضرورة المحافظة علي وحدة ماتبقي من البلاد بقيام دولة المواطنة: الدولة المدنية الديمقراطية التي تسع الجميع وتحترم التعدد الثقافي والديني واللغوي، فضلا عن تدهور الأوضاع الاقتصادية بعد خروج حوالي 70% من ايرادات النفط من الخزينة العامة، وارتفاع الاسعار وتدهور قيمة الجنية السوداني، وازمة نفقات الأمن والدفاع والتي تساوي حوالي 70% من الموازنة العامة اضافة الي تعمق الفقر والضائقة المعيشية، وتزايد حدة الفوارق الطبقية من خلال بروز فئة رأسمالية طفيلية اسلاموية استحوذت علي الثروة من نهب المال العام واصول الدولة وبيعها باثمان بخسة (مشروع الجزيرة وبقية المشاريع الزراعية واصول جامعة الخرطوم، ...الخ)، والفساد والعمولات،. اضافة لاعادة النظر في القوانين المقيدة للحريات، وغير ذلك من القضايا المتفجرة في البلاد. هذه الأوضاع تتطلب ترتيبات دستورية جديدة تنتج منها حكومة انتقالية تعالج الضائقة المعيشية وتوفير الخدمات الأساسية، والحل الشامل والعادل لقضية دارفور، ومعالجة أزمة التعليم العام والعالي، واستعادة الثقة بين الشمال والجنوب حتي تتم اعادة توحيد البلاد، وحل قضايا الشرق ومشاكل السدود في الشمال، وتصفية النظام الشمولي وقيام انتخابات حرة نزيهة في نهاية المطاف. وهذا هو الطريق للمخرج من قضايا البلاد المتفجرة، أما دعوة المؤتمر الوطني للحوار ولحكومة العريضة فهي ذر للرماد في العيون، ومناورة لكسب الوقت، وكما اكدت تجربة اكثر من عشرين عاما من حكم الانقاذ عدم جدية المؤتمر الوطني في أي حوار، وسعيه الدؤوب لشق صفوف المعارضة ونشر البلبلة والاحباط في صفوفها، ونقض العهود والمواثيق كما حدث بعد توقيع اتفاقات مثل: جيبوتي والسلام من الداخل ونيفاشا وابوجا والشرق والقاهرة..الخ، والتي كلها اصبحت حبرا علي ورق ، وزاد نقض العهود من الاحتقان السياسي، كما حدث بعد اتفاقية نيفاشا والتي لم يتم تنفيذ جوهرها والذي يتلخص في التحول الديمقراطي ، وتحسين الاوضاع المعيشية ورد المظالم للمفصولين تعسفيا، وقيام انتخابات حرة نزيهة، وتحقيق قومية الخدمة المدنية والتعليم ولجم الفساد،ووضع مصالح الطفيلية الاسلاموية فوق مصلحة الوطن، مما ادي في النهاية الي انفصال الجنوب، وبالتالي يتحمل المؤتمر الوطني المسؤولية التاريخية في انفصال الجنوب. ومن مظاهر تفاقم أزمة النظام وخاصة بعد سقوط الانظمة الديكتاتورية والشمولية في تونس ومصر، واندلاع المظاهرات في ليبيا والجزائر واليمن والمغرب والبحرين، واندلاعها في البلاد، وازدياد حدة التناقضات داخل النظام، كما يتضح من استقالة 50 من مدراء المستشفيات احتجاجا علي سياسات وزير الصحة، واستقالة مدير بنك السودان بسبب تدهور الاوضاع المالية، ومطالبة مواطني النيل الأزرق بالحكم الذاتي،...الخ، وتصريحات البشير المتناقضة التي تعكس هلع النظام مثل أن المؤتمر الوطني يمثل 90% من شعب السودان، وأنه لن يترشح لولاية ثانية، وشن اتباعه للحرب علي شباب الفيس بوك والانترنت..الخ. وتتوفر تحت ظل هذا النظام كل العوامل التي ادت الي انفجار شعوب المنطقة العربية والافريقية: نظام شمولي يمارس كل اشكال القمع ضد شعبه وحرب الابادة ضد مواطني دارفور وفاسد حتي نخاع العظم، ونهب كل ثروات البلاد ، وجعل 95 % من شعب السودان يعيش تحت خط الفقر،وفرط في وحدتها. وبالتالي من المهم العمل القاعدي لقوي المعارضة في اوسع تحالف من أجل الديمقراطية والسلام واعادة توحيد الوطن، في الاحياء ومواقع العمل والدراسة بدءا بمقاومة الزيادات في الاسعار وتحسين الاوضاع المعيشية واطلاق سراح المعتقلين ووقف التعذيب ومحاسبة المسؤولين عنه، والغاء القوانين المقيدة للحريات ووقف قهر النساء والغاء قانون النظام العمل، ووقف بيع وخضخصة المشاريع الزراعية وتجريد المزارعين من سبل كسب عيشهم، ووقف عملية بناء السدود دون رغبة وتطلعات مواطني تلك المناطق، وتحسين الاوضاع في مؤسسات التعليم العام والعالي، ووقف الحرب في دارفور وتحقيق الحل العادل والشامل، ومواصلة التراكم النضالي حتي الاطاحة بالنظام الذي اصبح عقبة أمام وحدة واستقرار البلاد .