حديث المدينة ولقد هرمنا..!! عثمان ميرغني رصاصة موجهة بحذق أصابت مصور قناة الجزيرة الشهيد علي حسن الجابر بينما كان يغطي يوميات ثورة الشعب الليبي.. في ذات الوقت الذي يسيل فيه دم الشعوب العربية في أكثر من بلد بعدما سخر الله حذاء شرطي تونسي ركل بائع الخضار الشاب الجامعي (بوعزيزي) فأشعل النار في الوطن العربي كله قبل أن يشعله في جسده الفاني. أرأيتم ماذا يفعل الإعلام الراشد؟؟ من قال لكم إن الإعلام أثير محايد بلا هدف أو هوية أو أجندة؟؟ من قال إن الكلمة المكتوبة أو المبثوثة هي مجرد ملافظ سعد أو نحس تنطق أو تكتب بلا هدف.. الذي يحسه كل متابع لقناة الجزيرة أنها ليست مجرد مراقب للأحداث.. خاصة عندما يرتبط الحدث بالحريات والرأي الآخر.. بل هي مشعل حرية.. مثل الشعلة الأولمبية التي يحملها العداءون ويهرولون بها من بلد إلى آخر.. ثورة تونس ما كان لها أن تمتد إلى مصر لولا رياح الإعلام (اللواقح) الذي نقلها.. ثم ما كان لثوار مصر أن يصدموا كل تلك الأيام العصيبة لولا الإعلام الذي ساهر معهم على مدار الساعة.. هل رأيتم اللقطة الفريدة لذلك الرجل التونسي وهو يتكلم بكل اعتصار النفس ويمسج على رأسه مرتين ويقول (لقد هرمنا..) ثم يمسح رأسه..( هرمنا) ويمسح رأسه مرة أخرى.. في انتظار مثل هذا اليوم.. لقطة أثيرية هزت العالم العربي كله وبذرت في كل نفس ثورة.. صار الوطن العربي كله مشاريع ثورات.. الله وحده يعلم متى تفق زهرة كل بستان فيه.. ثم تلك اللقطة الممعنة في دهشتها للرئيس المخلوع زين العابدين بن علي وهو يقول (الآن فهمت.. فهمتكم الآن..) ثم تلك اللقطة المبهرة.. للعقيد القذافي وهو يصيح بأعلى صوته (بيت بيت.. دار دار.. شارع شارع.. زنقة زنقة) والتي صار يرددها الشارع العربي كله. خاصة مقطعها الأخير (زنقة.. زنقة).. وهل هناك (زنقة) أكثر مما فيه حكام العرب الآن.. كانوا يظنون أن الشعوب العربية محض أرقام هواتف (من هتاف وليس هاتف).. تهتف للزعيم متى شاء.. وتتبرك برضائه.. يستوي في ذلك من هو أمي لا يفك الخط ومن هو عالم فخيم يملأ رأسه الآفاق.. آفاق الفكر والعلم.. ويشاء الله الذي يجعل سره في أضعف خلقه أن يرسل عليهم (بائع خضار) مستضعف.. ومن يومها طار النوم.. واتضح أن الشعوب العربية كانت تنام في انتظار حلم لابد آت.. و(لقد هرمنا) في انتظار هذا الحلم.. يا سبحان الله.. كوابيس الحكام عند الشعوب أحلام.. حينما تنام الشعوب يرتع الحكام.. وعندما تستيقظ.. يرتعب الحكام.. اللهم تقبل شهيد الكلمة والحقيقة علي حسن الجابر.. وألهم أمة العرب الصواب.. الخالعين منهم والمخلوعين.. التيار