[email protected] لا غرابة في أن يتناسب إرتفاع درجة حرارة تمسك الشعوب بدعوة تغيير الأنظمة في الشرق الأوسط تناسباً طردياً مع ارتفاع وتيرة العنف الذي تمارسه تلك الأنظمة لقمع الثورات الشعبية الغاضبة، فالشعوب التي اختارت المواجهة وضعت أمامها خياران لا ثالث لهما أما إسقاط النظام والانتصار لدعوة التغيير أو مواجهة الموت برصاص النظام - دباباته- طائراته - وهرواته- وغازاته السامة المسيلة للدموع ، وهذين الخيارين صارا تحدياً أمام ممارسات القمع الديكتاتوري، وحقائق تسونامي التغيير تقول إن أسلوب القذافي ونهجه الهمجي لم يوقف حراك الشعبي الليبي في طرابلس، و الشعب اليمني في صنعاء، و الشعب البحريني في المنامة والشعب السوري في دمشق و الشعب العراقي في بغداد ، والشعب الاردني في عمان. والحقائق أيضاً تشير إلى أن طوفان التغييرالآن يتجه نحو العديد من الدول في المنطقة الشرق الأوسطية والسودان يأتي في قائمة الدول المرشحة للتغيير بعد أن زودت الثورات في المنطقة المعارضة السودانية بقليل من الوقود الذي حرك مؤشرها نحو الحديث بجرأة عن ضرورة التغيير مع أنها مازالت تقف في خانة التردد تارة تدعو للتغيير عبر الحكومة القومية، وتارة أخرى تقول خيارها إسقاط النظام عموماً إعلانها صراحة عن نيتها في اسقاط النظام هي نقطة البداية لأي تغيير متوقع في خارطة الساحة السياسية السودانية سواءً كان تغييراً سلساً عبر الحوار كما تتطلع إليه أحزاب المعارضة حفاظاً على السودان من طوفان الدماء الذي قد يمحو بنيان السودان المتسامح ويأتي \"بسودان مجزرة الهوية\" أو الدخول في مواجهة بالخروج إلى الشارع في حال تمسك المؤتمر الوطني بموقفه الرافض للحكومة القومية. وحقيقة الواقع السياسي للمشهد السوداني تقول إن مبررات المعارضة بشأن الحوار مع النظام ماهي إلا وسيلة لغاية هي \" شراء الوقت\" إلى أن تكتمل كتابة سيناريوهات المواجهة بينها والنظام والشاهد على ذلك الشروط التي وضعها النظام في الحوار مع المعارضة والشروط التي وضعتها المعارضة للنظام لقبول الحوار كتهيئة المناخ السياسي الذي لا يتحقق إلا باطلاق الحريات السياسية وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين وسجناء الرأي، وكل منهما يرفض شروط الآخر في الحوار فصارت فكرة الحوار لكل منهما تسير في خطين متوازيين لا يلتقيان، فالأول يريد للأخيرة أن تدخل في عباءته عبرالحكومة العريضة التي لا تنقص من مكاسب الإنقاذيين في السلطة ولو قيراط، وأن تكون الدعوة للحكومة العريضة شرك للمعارضة لكيما تكسب جمهورية الإنقاذ الثانية أو الثالثة سمها ما شئت مزيداً من الوقت بتأجيل قرارات المعارضة بشأن المواجهة، مما يعني نحن نعيش في مرحلة التكتيكات المتبادلة بين النظام والمعارضة والقاسم المشترك فيها لعبة ( شراء الوقت) لدعاة التغيير، ودعاة التمسك بالإنقاذ. وما بين لعبة شراء الوقت وثورات التغيير عبر (الفيس بوك) تمخضت مجموعات شبابية تنادي بالتغيير جاءت تحمل مسميات مختلفة مجموعة شباب من أجل التغيير ( شرارة) ، مجموعة (قرفنا)، وهذه المجموعات يبدو أنها اتجهت نحو تجاوز الأحزاب باتخاذ قرار الخروج إلى الشارع وهؤلاء الشباب دفعوا المؤتمر الوطني إلى الحديث عن الإصلاح.. فظهر من يدعون أنهم شباب المؤتمر الوطني للإصلاح باعتبار أنهم أيضاً ناقمون على الأوضاع السياسية وأطلقوا على أنفسهم (شرارة للإصلاح) مابين الشرارتين (التغيير_ والإصلاح) تحترق الكثير من الأوراق السياسية وتختلط العديد من المفاهيم وربما القصد هو التشويش وهنالك من ينظر لشرارة المؤتمر الوطني بأنها محاولة للالتفاف على شرارة التغيير وأن مخاوفهم من فقدان نعيم السلطة دفعهم للحديث عن الاصلاح في ظل ثورات التغيير التي تشهدها المنطقة ، وهنالك من يدعي بأن دعوة الاصلاح من بعض شباب المؤتمر الوطني تجاوزت الإصلاح إلى التغيير وأنها دعوة صادقة منهم لأنهم صدموا بالفساد في دولة دفعهتم للجهاد والتضحية باسم الدين. هذه الأوراق السياسية المنادية بالتغيير أو الاصلاح يدور حراكها بعنف على(الفيس بوك) مع اقتراب يوم غدٍ ال (21) من مارس الذي دعا فيها شباب شرارة للتغيير إلى الخروج إلى الشارع كما أعلنوا عن ذلك في مؤتمر صحفي وعلى مواقع الصحف الالكترونية، وذات الدعوة وجهها شباب قالوا إنهم ينتمون إلى حزب المؤتمر الوطني، وما بين هذا وذاك الواقع السياسي الآن يقول إن القضية أكبر من أن تختزل في الخروج إلى الشارع وتقوم السلطات بتفريقها إنها قضية وطن وشعب.. والشاطر من يملك خيوط اللعبة ويحرك أدوات التغيير بطريقة تحقن الدماء ويتخلق منها جنين لوطن جديد يحمل العدالة والمساواة و الحرية والديمقراطية ويصبح نموذجاً للتغيير السلمي في المنطقة والنظام بيده أن يفعل ذلك والكرة في ملعبه كيما يسجل أقوان في التحول الديمقراطي بتشكيل حكومة قومية، وأن يدفع استحقاقات السلام في دارفور بالاستجابة لمطالب أهلها العادلة بإزالة التهميش من الشرق والغرب والشمال النوبي والوسط، والجنوب الجديد جبال النوبة والنيل الازرق.. وفي حال فشل الخيار السلمي لا أحد يستطيع أن يتنبأ بإستمرار حالة اللا مواجهة.