الريف الجنوبي ..الغرق في بحور \"السراب\" تقرير / هاشم عبد الفتاح [email protected] لم يترك مواطني الريف الجنوبي لامدرمان بابا الا طرقوه ولا طريقا الا سلكوه بحثا عن الماء \" اساس كل شي حي\" حتي حفيت اقدامهم وتباعدت الثقة بينهم وبين الذين يملكون السلطة عليهم فالسكان هنا بالريف الجنوبي لم يطلبون خدمة غير مشروعة ولم يحلموا بمستحيل لكنهم يبحثون عن حق انساني وقانوني وسياسي طالما انهم حملوا ولاة امرهم علي اكتاف اصواتهم الانتخابية فالمياه ليست ترفا او رفاهية يستعصم بها ولاة الامر علي رعاياهم فكل الذين يتنعمون الان بعسل السلطة في اجهزة الدولة عبر الانتخابات الماضية جعلوا من مشروعات المياه والكهرباء وغيرها من الخدمات الاساسية صكوك رسمية لعبور عتبة الانتخابات الي رحاب الدولة والسلطان ..لكن الواقع هنا في مناطق امدرمان جنوب او ما يطلق عليه اصطلاحا بالريف الجنوبي لايبدو انه يعكس حقيقة المعادلة السياسة الراسخة \" الخدمات مقابل السلطة\" ودائما ما تؤخذ الخدمات كاوراق سياسية ضاغطة في مواسم البحث عن سلطة ونفوذ عبر صناديق الانتخابات او حتي عبر الثورات والنتفاضات الشعبية حيث لا تخلو اجندة الثائرين عن مطالب خدمية بحتة بعيدا شعارات الحالمون بالتغيير . ورغم ان منطقة الريف الجنوبي لامدرمان والذي تمثله منطقة الصالحة وضواحيها يشكل المنفذ الاساسي لقلب امدرمان والواجهة الحقيقية لولاية الخرطوم بعد ان تكتمل فيه مراحل وحلقات مشروع المطار الدولي الجديد وهو مشروع بدا يحدث نوعا من التحسينات والتحولات الكبيرة علي واقع السكان هناك فالتمدد السكاني اصبح سمة بارزة في شكل هذه التحولات جموع بشرية هربت من \" الازقة \" والبيوتات الصغيرة الي براحات وفضاءات الريف الحنوبي الذي اضحي ملاذا طيبا لالاف الاسر الهاربة من قسوة الايجارات ونيرانها ورغم كل ذلك لم تكافي سلطات المحلية ومن قبلها الولاية هذا التمدد السكاني بتوفير الحد الادني من معينات الحياة وخدماتها فالماء هنا شكلت امرا عصيا وهدفا صعب المنال علي مجموعات سكانية فقيرة ومرهقة اقتصاديا وصحيا وتعليميا لكنها رغم ذلك استقطعت مبلغا مقدرا (100)جنيه لكل اسرة كمقدم علي ان تدفع (10) جنيهات اخرة مع كل فاتورة مياه . صحيح هناك بعض التحركات والالتزامات والوعود من قبل السلطات المعنية بمحلية امدرمان لبناء مشروعات المياه ولكن كل هذه التحركات تبقي في طور الوعود \" المخدرة\" طالما انه ليست هناك اي خطوات عملية ولكن ما يبعث الامل ان الظروف السياسية سواء كانت علي المحيط الداخلي او الاقليمي تحتم علي السلطة السياسية تدارك كل ما من شانه ان يفتح بابا للغضب والحنق الشعبي من اجل مطالب مشروعة بنص الدستور والمواثيق والشرائع والحقوق الانسانية ولان امد البحث عن نهايات لازمة المياه قد تطاولت سنواته فان المواطنين بقري ومناطق \" الصالحة\" بدات صدورهم تضيق وتخرج انفاسها الساخنة فالمطالب التي كانت عبر المكاتبات الرسمية اصبح التعبير عنها عبر اللقاءات المفتوحة التي تنظمها الان حكومة ولاية الخرطوم وجهازها السياسي ضمن خطة الولاية لمراجعة ومتابعة البرامج الانتخابية تحت مسمي \" برلمان قضايا الناس \" وهذه القاءات كشفت بجلاء حقيقة القصور في مشروعات المياه وحقيقة الفشل الاداري وغياب المتابعة لقضايا الناس وكانت هذه القاءات بمثابة مواجهات حقيقية الكاسب الاساسي فيها هو المواطن واتضح ان اس الازمة وتعقيداتها تكمن في منظومة اللجان الشعبية الساقطة في تجارب البحث عن خدمات اساسية والغائية عن رؤي التطوير ولم تكن هذه اللجان لاعبا اساسيا او صوتا قويا للتعبير عن مشكلات وقضايا المواطن الامر الذي دفع الشيخ ابوكساوي معتمد محلية امدرمان ان يهدد ويتوعد هذه اللجان بالاقالة بعد ان حملها مسوؤلية التردي في البيئة والخدمات وتراخيها في الاستجابة لمطالب المواطنين فهناك نماذج لهذا القصور الواضح في مناطق الصالح وهجيليجة وجادين \" فالمواطنون هنا تحملوا اعباء كبيرة ليس في سبيل الحصول علي الماء فقط وانما خدمات الصحة والتعليم والكهرباء ابتداء من شراء الاعمدة والاسلاك ودفع اتعاب المهندين بل هذه اللجان ظلت تستثمر في هذه الخدمات وياتيها نصيبها في دارها \" وهي \"حامدة شاكرة \" والشاهد في القضية ان عربات \"الكارو\" انتعشت بشكل كبير فاصبت المياه حق حصري لهذه العربات لا ينازعها فيه احد غير ان ادارة المياه بوزارة البيئة ومرافق المياه بولاية الخرطوم قطعت بان العام 2011 هو العام الذي تنتهي فيه الازمة وتتدفق فيه المياه داخل مناطق الولاية وضواحيها \" بيت ..بيت ودار ..دار ..وزنقة ..زنقة\" حيث تم تنفيذ العديد من شبكات المياه كما تقول التقارير \"الاعلامية\" والغريب في الامر ان ادارة صحة البيئة \"قسم المياه\" بوزارة الصحة اصدرت منشورا في غضون اليومين الماضيين تم توزيعه علي مستوي واسع علي اصحاب عربات الكارو بمناطق الريف الجنوبي لامدرمان وحدد المنشور حزمة من الضوابط والاشتراطات التي تضمن صحة مياه عربات الكارو وحدد المنشور كذلك معايير محددة للعامل في عربة الكارو واخري للدابة التي تجر الكارو\"الحمار\" وشروط اخري تختص بطبيعة الوعاءونظافته \"البرميل\" وبالعربة نفسها ويبقي السوال الي متي تعمل هذه العربات في مجال توفير المياه اليس هذا يعني ان المحلية او بالاحري حكومة الولاية لازالت تعمل بخطي متثاقلة في سبيل استكمال مشروعات المياه ؟