بسم الله الرحمن الرحيم ساحة التغيير... النيل الأبيض بقلم: أحمد عيسى محمود [email protected] من المسلمات في الواقع أن الساعة المتعطلة تصدق في اليوم مرتين.. ولكن أن يكون الإنسان صاحب العقل طيلة اليوم سائراً ومخالفاً للواقع.. هذا ما تأباه الفطرة السليمة.. والأدهى والأمر أن تكون المخالفة سنين عددا.. ومصيبة المصائب أن تكون تلك الواقعة آتية من الحاكم.. وليس حاكماً عادياً فقط بل الحاكم بأمر الله العظيم كما يقولون.. ((إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ)).. هذا الواقع هو ما ينطبق على الإنقاذ.. تلك البلية التي عاقبنا الله بها على أفعالنا.. ((اللهم لا نسألك رد القضاء ولكن نسألك اللطف فيه)).. فما من سوداني إلا يُولد على الفطرة.. إلا الإنقاذ فإنها ترجسه ((رجس من عمل الشيطان)).. فالحالة الرجسية جعلت الإنقاذي نشازاً لا يأمر بمعروفٍ ولا ينهى عن منكرٍ.. بل كل ما هو مخالف للشرائع السماوية والوضعية مطبق عنده.. فقد أتوا بمصائب لم نسمع بها في آبائنا الأوليين.. من غشٍ وخداعٍ وتلفيق تهمٍ ودغمسة شرعٍ.. أما الكذب فشعارهم: ((لَنَا الصَّدْرُ دُون العَالَمينَ)). فقد وضعتنا الإنقاذ في ((ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ)).. فحولت البلد إلى سجنٍ كبير.. ومارست أسوأ أنواع الحكم في عالم اليوم.. وقد شهد شاهد من أهلها ((الدكتور الطيب زين العابدين)).. فبصراحة قد انطبق عليهم قول عمر بن عبد العزيز : ((لو تخابثت الأمم، فجاءت كل أمة بخبيثها، وجئنا بالحجاج؛ لغلبناهم، وما كان الحجاج يصلح لدنيا ولا لآخرة)).. ونحن على هذه الحالة إذ بصوت ينادي في الآفاق. هيا شباب العالم المقهور هبوا.. فرأينا الانتفاضات الشعبية تدك حصون الأفاعي.. فمنها من انزوى ودخل إلى جحر مزبلة التاريخ.. ومنهم مازال يراوح مكانه.. وآخرين بدأت على سيمائهم الغرابة.. والمارد الذي تفجر وخرج من جُرة السلطان لا يلوي بالاً لأكاذيب أولئك الفجرة فشعاره ((روما وإن طال السفر)).. فقامت قيامة السلاطين ((وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُّقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ سَرَابِيلُهُم مِّن قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمْ النَّارُ)).. فأحفاد ابن سلول لم يرحلوا ويتركوا الناس وشؤونهم فكلهم بلا استثناء من ذهب منهم ودخل مزبلة التاريخ.. والبعض الذي مازال يراوح مكانه والبعض الأخير الذي لم تبدأ لعبة القط والفأر مع شعبه بعد.. لا يختم حياته إلا بعد أن يرمل النساء ويؤتم الأطفال ويمشي على أشلاء بني شعبه.. وهذا الصنف منه إنقاذنا التي بدأت تعد العدة من أجل تكملة بنيان قتل شعبها كما فعلت سابقاتها التي تهاوت في المنطقة. وخير دليل على ذلك تلك الحالة من التشنج التي تمارسها أجهزة أمن النظام مع كل شاردة وواردة هذه الأيام.. وهي تعد أنفاس الناس خوفاً من ((يوم كريهةٍ)) عليهم.. وأكاد أصدق لو قلت أن تشييع الموتى للمقابر هذه الأيام لجهاز أمن البشير القِدح المعلى في عِداد المشيعين. والملاحظ في الثورات أنها بدأت في مناطق أخرى غير عواصم البلدان.. ونحن كذلك في السودان قبل أسبوع بدأت الجزيرة بالثورة وبلا شك سوف تستمر ما لم يتم إصلاح الحال.. وفي هذا الجو المشحون نرى نحن في النيل الأبيض بدأت تظهر في آخر النفق إشارات جميلة فنحن رغم علمنا التام أنها من باب ((الضحك على الدقون)).. إلا أنها في نظرنا بارقة أمل أو ربما تكاد لحظة صفاء داهمت هؤلاء القوم وصدقوا في حياتهم مرة واحدة وهم على كراسي السلطة.. فمن هؤلاء الوزير الطيب الجزار والوزير عبد الماجد حيث كشف الأول عن حجم التعدي على الأراضي السكنية والتجارية.. والثاني تحدث عن حجم الدمار الذي أحدثته مصانع السكر في إنسان الولاية.. فنحن متأكدون أن الشريعة المدغمسة لا يرجى منها خير.. فهذه الشريعة كانت نتاج فكر إنقاذي خالص كامل الدسم.. هذه الشريعة لم تعرف يوماً من الأيام للعدل طريقا.. اللهم إلا ((إذا سرق الضعيف أقاموا عليه الحد)). فلا تنسوا يأهل الحل والعقد أن النيل الأبيض لها المبادرة في طرد الظلم ومحاربته وخير دليل على ذلك تلك الثورة المهدية التي قال قائدها في بحر أبيض: ((الشعب يريد طرد الاستعمار)) فحقق ذلك منطلقاً من هذه الولاية.. واليوم قد تغيرت المعادلة فأصبحنا بعد نتاج مشروعكم المشؤوم ((قيام دولة الجنوب)) ولاية حدودية وبقليل من التفكير ماذا تعني ((حدودية))!!!. فلكم الشكر إخوتي الوزراء على صحية الضمير وإن جاءت متأخرة.. فإن كان هناك ضمير حي فليواصل مسيرة الإصلاح ((زنقة زنقة)) حتى يتم تطهير تلك الولاية من الخبث الذي تمت زراعته من تقاوى إنقاذكم.. فإني أرى بعين البصيرة أنكم توردون الناس المهالك بظلمكم الذي فاق كل الحدود.. فإن هذا سوف يؤدي بقيام الثورة من هذه الولاية من أجل استرداد الحقوق الضائعة للسودان أجمع. 30/3/2011