هناك فرق. تناوبوا على اغتصابي..! منى أبو زيد العام الماضي تناقلت صحف العالم خبر عروس هندية أحرقت مركب زوجها واختارت أسرتها شاطئاً أبدياً، عندما تمردت على أعراف مجتمعها الذي يمعن في تدليل العريس حتى آخر روبية في جيب والد العروس.. متكئاً على إرث الدلال التاريخي وجه العريس الثمين إهانة إلى والدها– يوم زفافها– فقامت العروس بطرده خارج قاعة الاحتفال، وخارج أسوار حياتها إلى الأبد..! شجاعة موقفها- الرافض لاحتمال الهوان في سبيل الاحتفاظ بزوج– فتح الباب على مصراعيه أمام بنات جنسها المغلوبات، والقابعات بانتظار ثورة تغيير..! أشكال القمع التي تتعرض لها المرأة بوازع من سطوة الأعراف والتقاليد في بعض مجتمعات عالمنا الثالث، تحتاج بشدة إلى شجاعة امرأة رائدة، ترتضي أن تكون أول من تقول كلمة (لا).. امرأة تؤمن برسالية الفكرة، تفتح باب التغيير فتساعد بنات جنسها– اللاتي نشأن على تقديم مواقفهن المتخاذلة قرابين لإله السترة- على التحرر من أغلال الصمت..! قبل فترة تناقلت المواقع الإلكترونية مقطع فيديو حكاية صفية، الفتاة السودانية التي روت مأساة اغتصابها على يد ثلاثة رجال ينتمون إلى جهاز الأمن السوداني، قاموا باعتقالها على خلفية المظاهرات الأخيرة، ثم انتهى التحقيق معها بتناوبهم على اغتصابها ..! صرخات صفية ضاع صداها بين ضجيج الاتهامات المتبادلة بين تصريحات منسوبين إلى الحكومة وكتابات محسوبة على المعارضة، وقد ظللنا ننتظر.. وننتظر.. ردة فعل رسمية حاسمة بشأن تلك الحكاية دون جدوى.. لم يخرج علينا (ود مقنعة) واحد بقول فصل.. توعَّكت الحكاية.. احتضرت.. ثم ماتت، كما تموت مئات الحكايات الحزينة في هذا البلد الظالم أهله..! لماذا ماتت حكاية صفية؟!.. هل المشكلة في قوة قبضة هذا النظام؟!.. أم في طبيعتنا السودانوية التي لا تتقن فنون الاحتجاج؟!.. قبل أيام انتشر مقطع فيديو مماثل لفتاة أخرى قالت إن أفراد جهاز الأمن في بلادها تناوبوا على اغتصابها، ليس ثلاثة حيوانات، بل خمسة عشر حماراً وحشياً..! لكن الفرق يكمن في بعض التفاصيل، صفية السودانية جلست أمام الكاميرا وسجلت مقطعاً روائياً يسهل تكذيبه، بينما اقتحمت إيمان الليبية مقر إقامة الصحافيين ومراسلي القنوات العالمية في طرابلس، وعرضت عليهم حالها، وعندما تم اقتيادها من بينهم بالقوة وهي تصرخ وتقاوم، سجل التاريخ ووثقت الأقلام ورصدت الكاميرات آخر فصول حكاية لن تنسى..! حكايات أمثال صفية وإيمان حققت ما عجزت عن بلوغه المنظمات النسوية، وما قصَّرت عن تحقيقه مئات الأقلام وعشرات البرامج التلفزيونية، لقد أمسكت كل فتاة من هؤلاء بمجتمعها من كتفيه، وهزته هزاً، فمنحت نظرته- إلى كل امرأة تفصح عن تعرضها للاغتصاب- بعداً جديداً..! إذا تسلَّحت كل امرأة تم اغتصابها أو التحرش بها بشجاعة الإفصاح، فسيفكر كل حيوان ألف مرة قبل أن يجرؤ على الاقتراب.. إذا اعتبر أي شعب قضية كل فرد تعرض لبطش الحاكم قضيته- حتى يحصحص الحق- لما احتاج إلى إضرام ثورة لتغيير النظام..! التيار