[email protected] تعد قضية شركة Mckesson & Robbins من السوابق القضائية في مجال مراجعة حسابات الشركات التجارية. و شركة& Robbins Mckessonمن الشركات الكبري في مجال تجارة الأدوية في الولاياتالمتحدةالأمريكية. تعرضت حسابات هذه الشركة لعملية تزوير ضخمة في عام 1939م , إذ تم إدراج أصول وهميةFictitious assets تبلغ قيمتها 19 مليون دولار. من ضمن هذه الأصول الوهمية , مبلغ 10 مليون دولار, عبارة عن مخزون للبضاعة, لا وجود له في الواقع. لم يتمكن المراجعون يومها, من إكتشاف الأمر, نظراً إلي أن المراجعين في ذلك الزمن , كانوا يقصرون إجراءات المراجعة علي فحص السجلات المحاسبية فقط. منذ إثارة هذه القضية, أصبحت ملاحظة جرد المخزون من مسئوليات المراجع. سقت هذا الحادث, الذي وقع منذ سنين بعيدة, لأبين كيف تلعب الغفلة و التهاون دور في سرقة المال, سواء كان مالاً عاماً أو خاصاً. و قد قيل أن المال السايب يعلم السرقة. و بسبب أن نفس الإنسان تنزع إلي الضعف في بعض الأحيان. لذا وضعت اللوائح و التشريعات التي تردع من تحدثه نفسه للتلاعب بمصالح الآخرين. جاء في الأخبار , أن مسئولاً في إدارة النظافة في ولاية الخرطوم, قبض متلبساً بالتلاعب في حسابات النظافة, الأمر الذي أوقر صدور بعض المواطنين , بسبب ما لحقهم من ضرر, تمثل في خداعهم و تحميلهم رسوم نظافة عالية فوق ما هو مقرر, لدرجة أنهم هددوه بالقتل. لاشك أن هذا الموظف المسئول, لم يجد من يراقبه و يردعه عن تلاعبه هذا, فاستمرأ المسألة و تمادي في التلاعب بمصالح المواطنين. و لك أن تقدر كم من الحالات مثل هذه, حدثت و تحدث كل يوم , في ولاية الخرطوم و في غيرها من الولايات, بسبب ضعف أو غياب الرقابة علي الأداء. و لك أن تقدر حجم الضرر, الذي يحدث للمال العام و للمواطن, الذي يتحمل تكلفة هذا العبث. هناك عمل يتم, أياً كانت درجته من الإتقان. و ينبغي أن تتم الرقابة علي هذا العمل الذي يجري كل يوم, حتي لا يحدث أي إنحراف هنا أو هناك. و الرقابة هي عنصر من عناصر العملية الإدارية, و التي تتمثل في : التخطيط – التنظيم – التوجيه – الإشراف – التنسيق و الرقابة, من خلال التغذية المرتدة بالمعلومات Feedback. و الرقابة تعني الوقوف علي حجم العمل الذي أنجز, حسب ما هو مخطط, و مقدار الإنحرافات التي حدثت و ما هي أسبابها . و لك أن تتصور حال العملية الإدارية في حالة ضعف أو غياب هذه الرقابة. إن ما يحدث من إنحرافات و تجاوزات هنا و هناك مما نسمعه و نقرأ عنه, تعني إما وجود ضعف أو غياب لهذه الرقابة, و يعني هذا أن ثمة خلل قد حدث, بتعمد البعض غض الطرف, ليمكنوا لهذا الموظف و أمثاله من السرقة, أو أن هناك تواطوءاً بين المسئولين قد حدث, أو وجود ضعف في إسلوب الإدارة المتبع . هذا يؤدي لأن يصبح المال العام سائباً, يستحل البعض سرقته بأي إسلوب. و عندما يتضح للمواطن, أنه خدع من موظف غر و ألزمه بدفع ما لا يطيق, لا يجد أمامه غير أن يثور, و ربما يأخذ القانون بيده, و يسلك سلوكاً لا تحمد عقباه, مثلما صدر من تهديد لهذا الموظف المحتال, و ما دام أن الطرف الآخر, قد تعدي علي القانون الذي ينظم العلاقة بين الطرفين. إن مداخل الفساد عديدة, يصعب حصرها في هذا المقال, فقط أشرت إلي هاتين الظاهرتين, بإعتبارهما من عيوب الإدارة في بلادنا, و بإعتبار أنه يمكن معالجتها بشئي من الجدية. إن نفس الإنسان تحمل بين جنبيها الشر, مثلما تحمل من الخير. و تطبيق القانون, هو الكابح لما يحدث من سلوك خاطئي. هل نفعل هذا القانون , أم نعمل بقاعدة معليش أستروها ؟ إن كنا جادين في محاربة الفساد, فلنتحرر من عقلية البداوة هذه التي توجه سلوكنا, و لنعلم أن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن. الرياض / السعودية