تراسيم.. الرجل الذي خطف ابنته..!! عبد الباقي الظافر في البص الأنيق الذي يشق الجزء الشرقي من بوسطن كانا يجلسان متقابلين.. ذات المشوار يتكرر كل يوم.. مليسيا ورشيد يستغلان ذات البص إلى عملهما.. اعتاد الركاب أن يحتفظوا بمواقعهم في رحلة السادسة صباحاً..عندما تأتي عطلة نهاية الأسبوع يفتقدان بعضهما.. كل ذلك ولا أحد يعرف عن الآخر حتى اسمه..رشيد وفد إلى هذه البلاد من السودان ومازال في لسانه عقدة.. مليسيا من الإكوادور..الشمس الحارقة أضافت غموضاً على لونها الأبيض. لا يدري رشيد ما الذي حدث على وجه الدقة ..وقف ذات يوم في قلب الكنيسة الإسبانية ..مليسيا تحدثت مع القسيس بلسان فصيح ..رشيد كان مستسلماً لطقوس الزواج..انتهت المراسم بقبلة مفاجئة من الزوجة.. وتصفيق حار من الحضور المحدود.. خرجا من الكنيسة متماسكي الأيدي كأطفال صغار. الغريبان جمعهما منزل صغير.. ذهبا معاً إلى مدرسة تعليم انجليزية.. بدآ يعيشان الحلم الأمريكي.. يستمتعان بالحب الذي آلف بين قلبيهما.. إيقاع الحياة يمضي بسرعة.. طفلة هجين تضيف إلى المنزل الهادئ بعض الصخب ..يوم ميلادها اختلفا على الاسم.. رشيد كان يريد تخليد ذكرى أمه التي ماتت وهو مازال يافعاً.. مليسيا كانت تريد اسماً يسهل ترديده بين أهل هذه البلاد..أخيراً اتفقا على نورا. كلاهما كان قد نسي جذوره تماماً..رشيد غاب عن عالمه السابق.. لم يتصل أبداً بأسرته أو حتى بأبناء الجالية السودانية.. مليسيا اعتزلت عشيرتها الأقربين..تفرغت إلى عشق زوجها الإفريقي. بعد أربع ليال من هجمات نيويورك التي استهدفت برجي التجارة العالمية.. كان رجال مكتب التحقيقات الفيدرالي يسجلون زيارة إلى بيت الحب.. وضعوا رشيد في الأغلال.. ثم بدأوا يفتشون كل ارجاء البيت.. زوجته تصرخ هنالك شيء خطأ.. وابنته الصغيرة تبكي من هول المفاجأة. رشيد لم يتوقع مثل هذا.. لم يتأهب لمقبل الأيام ..حتى أوضاع اقامته القانونية لم تكن قد وفقت تماماً.. اسمه ورد في التحقيقات..احد الخاطفين اشترى سيارة من رشيد السوداني.. لم يغير أوراق الملكية وظل يستخدمها باسم مالكها.. بعد تحقيقات طويلة أفرج عن رشيد.. تأكد للمحققين ان الأمر بني على النوايا الحسنة. في هذه اللحظة انتبه رشيد الى نفسه.. تأكد له انه مواطن أجنبي يدين بالإسلام.. بدأ يحاول تغيير المسار.. بعد عشر سنوات مضى الى المسجد لتوفيق زواجه من مليسيا..عاد يتكلم عن أهله بشوق غير معتاد. ذات مساء عادت مليسيا الى البيت.. لم تجد زوجها يسبقها بصحبة طفلتهما كالمعتاد..هاتف رشيد كان مغلقاً.. بعد ساعات من الانتظار القلق اتصلت على المدرسة.. استاذة نورا اخبرتها ان والدها مر على المدرسة واخذ الصغيرة متعللاً بظروف أسرية.. هنا بدأ يساور الأم خوف على طفلتها بعد أن كانت المخاوف متعلقة بزوجها. بعد ساعات عم الخبرالمدينة.. قنوات التلفزة المحلية كانت تنشر صوراً للصغيرة التي اختطفها والدها. التيار