بشفافية ليت هاجري يشرح السبب حيدر المكاشفي سألت أمس الاخوة الزملاء بالغراء صحيفة «أجراس الحرية» عن سبب إحتجاب الصحيفة عن منافذ التوزيع لعدة أيام متتالية، فعلمت منهم أن الاحتجاب لليومين الأول والثاني كان بسبب حجز جهاز الأمن للعدد المطبوع من الصحيفة داخل المطبعة ومنع خروج أي نسخة منها لحين صدور تعليمات أخرى، ولم تصدر هذه التعليمات الأخرى بالإفراج عن الصحيفة إلا بعد أن مالت الشمس عن كبد السماء بمقدار رمح وهو الزمن الذي يتجاوز منتصف النهار ويعقب صلاة الظهر وهو عند أهل الاعلام يسمى الوقت الميت ففيه تبور الصحف وتبور أيضاً البرامج الاذاعية والتلفازية، فالصحف في هذا الوقت قلَّ أن تجد من يشتريها وبرامج الاذاعة والتلفزيون كذلك لن تجد من يتابعها إلا القليل جداً من المشاهدين والمستمعين أبرزهم ربات البيوت وأرباب المعاشات، كان ذلك هو «تكتيك» اليوم الأول للحجب، تلطف نوعاً ما في اليوم الثاني بصدور تعليمات الإفراج عن الصحيفة قبل إنتصاف النهار بقليل، أما يومي الاحتجاب الثالث والرابع فكانا بسبب الحيرة التي دخل فيها محررو الصحيفة فلم يصدروها إبتداء حتى يحتجزوها، فهم كما قالوا قد حاروا جواباً رغم الجهد الذي بذلوه لسبر أغوار أسباب إحتجاز الجهاز للصحيفة في أهم أوقات التوزيع ثم الإفراج عنها بعد أن يكون «رزق الصحف» قد سبّح كما تقول حكمتنا الشعبية التي تضاد الحكمة الأخرى «ود البدري سمين»، لم يدروا هل ذلك بسبب خبر أم مقال أم حوار أم... أم، لم يتركوا جنس من أجناس التحرير الصحفي لم يضعوه تحت طائلة «الاتهام» دون جدوى حتى حسبوا أن الاحتجاز قد تم «لله في الله» بفرضية أنه إذا جاز لشخص أن يحبك «لله في الله» فما المانع لأي جهاز صاحب سلطة أن يحتجزك «لله في الله»، قلت ونعم بالله، وإنى لكم من الناصحين، تصوروا بماذا نصحتهم، نصحتهم بأن يلعقوا جراحهم و«يحتسبوا خسارتهم وليذهبوا إلى المعنيين في الجهاز في مقرهم ودارهم ليسألوهم عن السبب ويدعوهم إلى كلمة سواء علّها تسوّي الامور بينهما على رأي أمير الشعراء أحمد شوقي في رائعته التي أجاد التغني بها مطربنا الكبير الدكتور عبد القادر سالم «مال واحتجب» والتي تقول بعض أبياتها: مال واحتجب وادعى الغضب... ليت هاجري يشرح السبب... عتبة رضى ليته عتب... علّ بيننا واشياً كذب... أو مفنداً يخلق الرّيب... ذلك ما كان من أمر إحتجاب الاجراس خلال الأيام الاربعة الماضية عرضناه كما هو ولم يبق لنا فيه سوى بعض التساؤلات نطرحها ولا ننتظر عليها إجابة وهي لماذا تجاوز الجهاز اسلوب لفت النظر والتنبيه الذي كثيراً ما اتبعه مع الصحف وكلما عنّ له ذلك وذهب رأساً إلى المطبعة، وأين منهج الحوار بين الشعب ومؤسساته الذي قيل أنه أبرز سمات الجمهورية الثانية، مع ملاحظة أننا لم نشر ولن نشير لا من قريب ولا بعيد إلى الاسباب التي ادت الى التغيرات والتحولات والتطورات التي إجتاحت محيطنا العربي ومن أهمها مصادرة الحريات وكتم أنفاس الناس، ولم نشر ولن نشير إلى الدستور الساري الذي أقر بوضوح حق التعبير وحرية الصحافة، ولم نشر ولن نشير الى الحوارات التي تسعى لها الحكومة ويجتهد فيها حزبها الحاكم مع الآخرين بواسطة حزب المؤتمر الوطني من جهة ومستشارية الأمن من جهة أخرى، فلماذا إذن لم يتحاور مسؤولو الاعلام بالجهاز مع إدارة تحرير الصحيفة قبل أن يستخدموا سلطاتهم، وأخيراً أليس من سبيل لعلاقة بين الجهاز والصحافة أفضل من القائمة حالياً... الصحافة