باحث من غزة [email protected] هل نستفيد من أولى الثورات الشعبية في المنطقة التي ذعرت، بثت ونشرت الجماهير الإيرانية في كل شبر من إيران، وغيرت الوزير والغفير ضمن تصنيف الموالاة، لقد كانت الثورة الإيرانية إلى حد كبير مشابهة للثورات العربية من حيث المفاجأة داخليا ، خارجيا، اشتراك كل فئات المجتمع علمانيين ، دينيين، نخب ، فنانين، رياضيين، سرعة التغيير، السعي نحو الانتقام من النظام وفلوله الذي كان الحاكم لا يظن ولو لمرة واحدة انه مكشوف في العراء ؛ كل المعطيات تقول أن من ورائه الغرب وعلى رأسه الولاياتالمتحدةالأمريكية بقديدها وتعديدها، إضافة إلى أن الدولة بكل أجهزتها الأمنية ، مؤسساتها، وزاراتها كلها ملك للشاه، وكذلك الحال لدى الرؤساء العرب اليوم في عام 2011م. في ختام الأحداث الكبيرة التي عصفت بإيران كان تتويج الثورة في 16 كانون الثاني/يناير 1979 مغادرة الشاه والملكة إيران نزولاً عند طلب رئيس الوزراء الدكتور شابور بختيار، الذي كان لفترة طويلة زعيم المعارضة، وظهرت مشاهد الابتهاج العفوي، ودمرت خلال ساعات \"كل رموز سلالة بهلوي\"، وأعلن بختيار حل الأمن السري (سافاك)، وأفرج عن السجناء السياسيين، ووعد بانتخابات حرة وأمر الجيش بالسماح للمظاهرات الشعبية. وبعد عدة أيام من التوقف سمح بعودة الخميني إلى إيران ، ودعا المعارضة للمساعدة على الحفاظ على الدستور. أعلنت لأول مرة الجمهورية الإسلامية بعد خمس وخمسون عاما من سقوط الخلافة التركية، وحظيت إيران قبل أي دولة في العالم بهذا الشرف، ونسيت النخب في غمرة تتالي الأحداث إن البوصلة ابتعدت عن الشعب وكرست المسار نحو النظام وإنجاحه، وبقيت العلة. ما الذي حدث وجعل الشعب الإيراني ينتفض من جديد ويبدأ بالمطالبة بالنكوص على نظام الثورة الذي أتى بها، وبذل كل شيء من اجلها آلاف القتلى ، خسائر جسيمة، هل ما زال الشاه في قصره بطهران؟ هل بقي السافاك؟ هل بقي السجناء؟ الأهم من ذلك أن الديكتاتور لم يبرح المكان ، وتكرر بصور جديدة، مثل : الحزب الحاكم، مجلس الخبراء، القيم على الدين، على الوطن، الأمن وفي المجمل سحق شخصية الدولة لصالح الحزب وطمس الأيادي جذوة الثورة؛ فلم تنجح الثورة في هزيمة الديكتاتور. في المقابل إن هذه الثورات العربية المتفاقمة ما كان لها إن تظهر إلا بعد أن هرم جيل الثورات العربية الأولى من حقب الخمسينات والستينات، التي اشرأبت لها النفوس ، وانشرحت لها الصدور ، وانفتحت لها الآمال العظام، وحلم لها الحالمون، جيل الثورة الأول الذي جرب، عرف، وعى وأدرك بحكمته الآن وبعد الانحدار الكبير على كل المستويات؛ يمسح بيده على شيبته ويقر بالمسئولية والإخفاق. شيئا فشيئا في الثورة الأولى شاعت الأمثال العربية لتسوق الناس نحو الابتعاد عن الأمور العامة وان صغرت، بل وصل الحال حد الخوف من الدفاع عن المصالح الخاصة، وفرضت الفروض للنجاة من النظام والخلاص بالنفس وحدها؛ لتكرس سياسة الاستفراد ويقتل المتمردون على الظلم، ومن هذه الامثال: \"هو انت بدك تقيم الدين في مالطا \" للبيت رب يحميه\" \"حط رأسك بين هالروس وقل يا قطاع الرؤوس\" \" كاس على كل الناس\" \" زوج أمي بقوله يا عمي\" هي العين بدها تواجه الدبوس\" .............الخ إن ثقافة الانكفاء على الذات، الخوف على المصالح الشخصية، اللهث وراء الجزرة السوداء؛ كونت أرضية ترعرع فيها الديكتاتور، الفرعون، حاشيته، نظامه، جوقته المستفيدة، هل كان هؤلاء المستبدون طرف واحد يغرد وحده، يتجبر، يتدكتاتور، يتفرعن ، يتهامن ويتقورن على نفسه ؟ أين دور طرف المحكومين، المغلوبين، الشعب المستضعف هل هم شركاء في الجبرية؛ قدموا فروض الطاعة من اجل متاع قليل لتدور عليهم الدائرة من جديد، هل فعلا طلبوا إبليس ليحل محل إدريس؟ أيها الثوار سيتكرر الموال إن لم تتكاثف الجهود؛ من اجل شخصية الدولة وحرمتها، بغض النظر عن أي نظام يحكمنا، هل يعقل إن يسجن ثلاث سنوات صحفي مدون في مصر الثورة ألان؛ لأنه انتقد المجلس العسكري. شخصية الدولة الضامن الوحيد الذي يكفل الحياة الكريمة للمواطن والموطن لتلافي اللبس الحاصل بين حمى الحاكم في كل صوره و حمى الدولة، الجميع أمام القانون سواء وحرية الرأي ، التعددية، المساءلة، الرقابة والعدالة شعار هزيمة الديكتاتور في بلادنا وكل البلاد.