تعليقات في السياسة الداخلية سد الألفية يَجُبُّ كجبار (2-3) سليمان حامد الحاج بوسع هذا السد العملاق توليد طاقة كهربائية قدرها 6آلاف ميجاوات. مع ميزاته الآخرى في حجز أكبر قدر من الطمي والتحكم في الفيضانات. أن مقارنة سريعة لإنتاج الطاقة عندنا توضح بؤس ماننتجه وما مقدر إنتاجه من سد الألفية. فخزان الروصيرص يبلغ إنتاجه 280 ميجاوات وخزان سنار 15 ميجاوات، وخزان خشم القربة 13 ميجاوات وجبل أولياء 30 ميقاوات. هذا أقصى مايمكن أن تقدمه سدودنا من الكهرباء.وإذا أضفنا ماهو مقدر من سد مروى ويبلغ إنتاجه المفترض 600 ميجاوات فأن جملة ما تنتجه كل هذه السدود لايزيد عن 938 ميجاوات. في الوقت الذي أوردت خطة النسبة القومية للكهرباء أن الطلب على الكهرباء بلغ 1051 ميقاوات في العام 2006 ولابد أن يتسارع العمل لرفع الإنتاج إلي 1677 ميقاوات. وحتي لو إفترضنا جدلاً أن سد كجبار لن يضيف أكثر من 300 ميقاوات . ليصل كل انتاجنا إلي 1238 ميقاوات .فأين نحن من ال6آلاف ميقاوات التي سينتجها سد الألفية المقترح للتوافق فيه مع أثيوبيا. هذه الأرقام الصلدة تسقط حتمية تشيد سد كجبار فقد صارت البدائل واضحة ومتوفرة، دون أن تحدث أي أضرار على البلاد .عكس ذلك فأن الإصرار عليه سيتسبب في أضرار لاحد لها. يؤكد ما ذهبنا إليه عدم ورود أي ذكر لسد كجبار في الهيئة القومية للكهرباء لأن الطاقة التي سيولدها لا ترقي إلي التكلفة العالية لإنشائه والإضرار الجسيمة التي يسببها لمواطني المنطقة والبلاد بشكل عام. كانت إسبقيات الهيئة القومية للكهرباء في خطة 2007 مركزة على تعلية خزان الروصيرص وتشييد خزان ستيت وتشيد أربعة سدود على بحر الجبل ثم خزان جبل أولياء وسنار. أما فيما يتعلق بدور سد كجبار في الزراعة والثروة فقد أورد تقرير وزارة الري أمام المجلس الوطني السابق في 2007، إن السد لايروي مساحة تزيد عن 105 ألف فدان .بينما تعلية خزان الروصيرص والتي ينفق عليها مبلغ أقل بكثير ما ينفق على تشييد سد كجبار، فسيضيف مساحة قدرها 2 مليون فدان إلي الأراضي التي كان يرويها من قبل . وهذه المساحة تساوى مشروع الجزيرة والمناقل. برزت فكرة بناء سد كجبار في العام 1995 .أي قبل ستة عشر عاماً ولم تنفذ حتي الآن لأسباب عدة.منها أن بعض المنظمات والمؤسسات العالمية مثل اليونسكو قبلت في البداية تمويل السد .إلا أنها بعد المقاومة الضاربة التي قام بها آهالي المنطقة ووصول صوتهم الداوي إلي مسامع العالم أجمع وإستشهاد أبنائهم دفاعاً عن الأ{ض والعرض والتراث، رفعت اليونسكو يدها وأمتنعت عن التمويل بل خاطبت العديد من المنظمات التي وعدت بالتعاون أن ترفع يدها عن هذه الكارثة . وخاطبت بنك التنمية الإسلامي بحدة قائلة بالنص: (لقد راعنا أن يكون لمؤسستكم دوراً في هذا المشروع الكارثة، والذي قوبل بالرفض المطلق من أبناء المناطق المتضررة من قيامة. وتبين لنا آن بعض البنوك الدولية والتي لا تهتدي في ممارستها بالدين الإسلامي الحنيف تقوم بالحفاظ على المورثات الإنسانية وتحرص على عدم التعرض لعا بالإغراق أو الضرر.) وتواصلت الحملة التضمانية العالمية، عندما أصدرت (مجموعة الكوارث العالمية THE INTERNATIONAL CRISIS GROUP) في 16/6/2007م بيانا جاء فيه :أن منطقة النوبة تتعرض لحرب غير معلنة لتشريد وتشتيت أهلها ومحو الحضارة النوبية وتغيير التركيبة السكانية لمنطقة كلها، ببناء المزيد من السدود. أن صمود آهلنا في منطقة النوبة التي سيغمرها سد كجبار ومساندة الرأي العالمي والضمير الحي ومنظمات المحافظة على كنوز الحضارة الإنسانية العريقة التي لن تتكرر في تاريخ الإنسانية ، هذا التضامن العالمي أسهم في دعم نضالهم وصمودهم. وقد أدى كل ذلك إلي رفض معظم المؤسسات الأجنبية (عدا الإسلامية) عن تمويل مايتسبب في كارثة إنسانية، كل هذه العوامل إلي جانب صمود وبسالة أحفاد (رماد الحدق) أدت إلي وقف البدء في بناء مشروع السد بل أجبرت السلطة على سحب كل مواد البناء وآليات التشغيل عن مكان العمل. إلا أن التجارب المريرة مع حزب المؤتمر الوطني الحاكم أكدت أنه كثير وعند (الزنقة) يحني رأسه إلي العاصفة حتي تمر، ثم يرمقه من جديد، حاملاً ذات المخطط ومتوهماً أن الشعب السوداني سريع النسيان، وأنه أي حزب المؤتمر الوطني في وضع أفضل الآن ويمكنه موصلة بناء السد. وهذا ماتم إعلانه في الأسابيع القليلة الماضية. وهو أصرار لاتسنده أي حقائق في الواقع السوداني الذي حدثت فيه عدة متغيرات ومن بينها تلك التي حدثت في حوض نهر النيل نفسه. نواصل الميدان