زمان مثل هذا لجنة (إتشلعت براها) الصادق الشريف كونت قرية (إتشلعت براها) ريفي (شلعوها الجماعة) لجنة لدراسة الآثار الناجمة عن حفرة كبيرة في مدخل القرية. الحفرة التي تسبب فيها فصل الخريف غزير الأمطار، جاءت ب(الساحق والماحق) على أهل القرية. ولمن لا يعرف قرية (إتشلعت براها).. فإنّها من القرى التي يزورها المسؤولون بصورة راتبة كلما جاء أوان الانتخابات. وينقطعون عنها بعد ذلك لفترة قصيرة ريثما تأتي انتخابات أخرى، ولهذا كانوا يستغلون موسم الانتخابات لتعميرها بشروط انتخابية لا تقبل الجدل. في آخر انتخابات طالبوا ب(زلط) يربط قريتهم بالطريق القومي، وقالوا لمن حضر من المسؤولين (البعمل لينا الزلط بنديهو صوتنا، حتى لو كان...) وذكروا حزباً باسمه. فأنشأ لهم المسؤول زلطاً من طبقة واحدة (عدي من وشك)، وفي أول خريف بعد الانتخابات، تقطع الزلط الى جُزر معزولة من بعضها البعض بكتل من الأسفلت.. وكانت تلك الحفرة التي كونوا لها اللجنة. وبسببها فقد انقلب أحد البكاسي الشهيرة في القرية.. بكسي عبد القديم.. وأنتج الجروح والكسور في أجساد الركاب. ثم توهطت فيها (كارو) الحاج مذكر وكُسِرت قدم حماره المطيع.. ثمّ حادثان آخران... وثلاثة كسور... ولأنّ المركز الصحي بعيد عن مكان الحفرة، ولا توجد عربة إسعاف بالقرية، فقد نزف أحد الجرحى حتى فارق الحياة... فقرر أهل (إتشلعت براها) تكوين تلك اللجنة. بُعد الحفرة عن المركز الصحي كان الشاغل الأكبر لأعضاء اللجنة... لكنّ حوافزهم كانت أهمّ من كل ما تقدّم... وبعد أن اطمأنوا عليها بدأوا أعمالهم. قال أحدهم (إنتوا عارفين المشكلة وين؟ المركز الصحي بعيد، عشان كدا لا بُدّ من بناء مركز صحي بالقرب من الحفرة عشان ما يموت لينا واحد تاني... ونبقى في الندامة). اعترض عليه عضو آخر وقال (يا أخوي دا كلام شنو؟؟ المركز الصحي محتاج لقروش كتيرة، ونحن يا دوب طلعنا حافز اللجنة بالتلتلة، أحسن حاجة نشتري إسعاف ويكون واقف جنب الحفرة دي، ياداب ما يقع زول في الحفرة، يشغل صفافيرو وييوييو.. وييوييو.. وييوييو، ويشيل المجروح للمركز الصحي). وارتشف الرجل قليلاً من القهوة التي كانت أمامه ثُمّ أردفها ببعض البلح والفول المدمَّس، وقال (وبعدين دي فرصة للاستثمار، لو أيِّ قرية عندها حفرة زي حفرتنا دي، نأجر ليهم الإسعاف بالساعة.. وبالصورة دي الإسعاف يجيب سعرو في تلاتة شهور بس). مقرر اللجنة ظلّ صامتاً طوال زمن الحوار.. ويُبدي تبرمه من مقترحات زملائه في اللجنة، وكان يشعر أنّ معه بعض الحق... فهو عضو المجلس التشريعي للولاية... وممثلها في مجلس الولايات في الهيئة القومية التشريعية... وهو الذي جاء لهم بالمسؤول الذي شيَّد الزلط. كما أنّه حصل على فرص عديدة بعضوية الكثير من اللجان، كلّ هذا جعله يُقدِّم اقتراحه بقلب قوي (إنتوا عارفين أفضل حل.. عشان نوفر القروش.. هو أنّنا ندفن الحفرة دي.. ونحفر لينا حفرة تانية جنب المركز الصحي). التيار