هناك فرق. لبس الجامعة..! منى أبو زيد أناقة السيدة أسماء الأسد– سيدة سوريا الأولى– والتي كانت محط الأنظار وحديث الصحف، تحولت بعد اندلاع مظاهرات الغضب والنقمة إلى وجه من وجوه فساد النظام الحاكم الذي يعدل فستان واحد لزوجة رئيسه عشرة أضعاف مرتب موظف محترم..! وعندما أطاحت الثورة الشعبية في الفلبين بحكم فريناند ماركوس، نقلت وسائل الإعلام صور القصر الذي خرجت منه عائلته مطرودة، فتفرج العالم على ثلاثة آلاف زوج من الأحذية كانت تملأ خزانة زوجته أميلدا– أشهر السيدات الأول في الثمانينيات- بينما كان الشعب الثائر يتميَّز فقراً..! ليس السيدات الأول فحسب، حتى القواعد من النساء في عالم الفن والنجوم، حتى أولئك اللاتي أدركهن الهرم مثل (الصبوحة)- أرزة لبنان ذات الشباب الدائم– والتي تحرص على أن تخصص بضع دقائق من كل لقاء تلفزيوني للحديث عن خبير المكياج وصانع التسريحة ومصمم الفستان..! هي إذن طبيعة الأنثى التي تؤرخ لما يليها من حاضر البشرية على طريقتها، فحكايات الأزياء هي الوجه الآخر للتأريخ- بحسب رؤية إحدى رائدات الموضة العالمية - لكن ذلك النزوع العارم نحو تقصي خطوات الجديد والرائج في عالم الأزياء مسلك مرتهن بتوافر المقدرة.. فالقوة الشرائية هي الوجه الآخر للمكانة الطبقية، وهذا هو بالضبط المأزق الاجتماعي الذي تقع فيه كل فتاة تدخل أبواب الجامعة لأول مرة..! المجتمع الجامعي هو ملتقى كل الطبقات، لكن الفارق كبير– بالطبع- بين الاحتكاك والذوبان، فتبقى كل طبقة محكومة بحدود مقدراتها في المأكل والملبس والمظهر مهما طال التواصل وتمدد الاحتكاك.. وحكايات الفقيرات مع أزمة الموضة واللبس في مجتمع جامعاتنا– على اختلاف مواقفهن من الضعف إلى القوة.. ومن الانزواء إلى التحدي!– تقول إن فرض الزي الموحد للطالبات هو الحل الصارم، الذي يدخل في قبيل القاعدة الفقهية التي أرساها علماء الأصول (درء المفاسد المقدم على جلب المصالح).. وأي مفسدة أكبر من ندوب الطبقية القبيحة التي شوهت ساحات التعليم العالي..؟! في جامعة السودان- التي طبقت قرار فرض الزي الموحد للطالبات- خرجت مجموعة من الطالبات في مظاهرة للاحتجاج وللتعبير عن رفضهن للمبدأ المقيد لحريتهن في اختيار أزيائهن، وقد تعللت بعضهن بزيادة الأعباء المالية، بعد أن قررت الجامعة إضافة تكلفته في الرسوم الجامعية..! ليس من شك في أن كثيرات غيرهن قد تنفسن الصعداء بصدور قرار يجعلهن سواسية– في ملبسهن- كأسنان المشط، ويزيح عبء متطلبات المظهر عن كاهل أسر تكابد مشقة تأمين سندوتش الطعمية، ناهيك عن الهدوم التي لا بد أن تتغير وتتبدل وفقاً لشروط الأناقة الجامعية القاسية..! بقي أن لا تقع الجامعة في أخطاء تطبيق القرار، أن لا تفعل مثل مؤسسات الحكومة التي فيها الخصام وهي الخصم والحكم، إن أرادت الجامعة إصلاحاً فلا ينبغي أن يكون لها علاقة أو (شبهة منفعة) بمصادر توفير الزي الموحد، يكفي– جداً- أن تعلن عن الموديل واللون، ثم تترك مهمة التطبيق لأولياء أمور الطالبات، وليس لطلاب العطاءات..! التيار