ناشط هاشم سمباي [email protected] برهنت ال (22) عاماً المنصرمة أن (الإنقاذ) ليست مؤتمنة على البلاد ومقدراتها .. ولن تكتفي بكل ما أقترفته من جرائم وآثام على المستوى السياسي والاقتصادي والأمني والاجتماعي، بل ستجر البلاد إلى إنفاق أكثر ظلاماً إن لم تجد من يكبح جماحها. غني عن القول إن ما فعلته (الإنقاذ) لم يفعله نظام منذ أن نالت البلاد استقلالها بل لم يسبق أن صبر السودانيون على نظام حكم كصبرهم على الإنقاذ التي كافأت صبرهم بأن صنعت لهم (قبراً جماعياً) على لحده جلست القرفصاء بعد أن قوضت بمشروعها الإقصائي الدموي التفتيتي بنيات البلاد الاقتصادية والسياسية وقضت على الاتحادات الطلابية ونقابات العمال وأحالت الخدمة المدنية إلى ركام ودمرت السلم الأهلي والمنظومة الأخلاقية وأذكت نيران الفتنة بين مكونات المجتمع القبلية والعرقية والأثنية والدينية وأذلت المواطن وأهانت كرامته وأثقلت كاهله بالجبايات والإتاوات التي ذهبت لجيوب منسوبيها فانتفخت أوداجهم وكروشهم أو سخرتها لآلتها القمعية وأغلقت منابر الرأي وكممت أفواه الشرفاء وأودعتهم السجون وبيوت الأشباح مستخدمة جيوشها الجرارة من (إنكشارية) و( باشبوزق) فغاب الوعي ودخل الناس في صراعات مع أنفسهم وأسرهم و ومجتمعهم جراء الالتباس الذي كرسته الإنقاذ. وليت (الإنقاذ) كفت لسانها البذيء والمسيء لشعبها أو استغفاله بالحديث عن طهارة اليد والنزاهة وربط الأرض بقيم السماء، حديث تكذبه الآلاف من ملفات الفساد الذي ما فتيء ينخر منسأتها من أول يوم أنقضت فيه على الشرعية ، رغم حجب التعتيم السميكة ومحاولات إيجاد المخارج الفقهية لتبريره تحت غطاء (السترة) . أما حديثها عن تماسك النظام هو أيضا حديث خرافة ، تكذبه التصريحات المتناقضة والإقالات وتعزز عدم صدقيته ما شهدناه خلال مسيرتها . ومعلوم أن مراكز القوى تبدأ صراعاتها بالأقالات وتنهيها بالتصفيات الجسدية وهي طبيعة (الدولة الثيوقراطية) .. وللإنقاذ على وجه الخصوص أدبيات وإرث ضخم في هذا المضمار. بالرغم من أن النظام يدرك هشاشة المعارضة وضعف بنيتها التنظيمية .. إلا أنه لم يكتف بقول المتنبيء ( ما لجرح بميت إيلام) ، بل راح يمطرها بضربات متتالية موجعة . حتى استوثق من إقعادها تماماً.. فتراها تارة تنخفض (شحتفة روح) وتارات أخرى ( تنبرش) .. فخرج منها من فقد بوصلته بحثاً عن (مسار) ومن خال الليل (نهار) ومن أراد أن يشيل (شيلا) ولا يخرج من المولد بدون حمص . معارضة وصف أحد متنفذي ا لنظام قياداتها ب (السجمانين) . حالة الاستقطاب الحاد في منطقة (أبيي) تندر بشر مستطير .. يؤججه خطاب استفزازي .. فقد شهدنا قبل يومين (الراقص الملتاث) يقرع طبول الحرب ليدخل البلاد في حرب عبثية لا تبقي ولا تذر .. وكأني به لم يكتف بتداعيات حربه (الجهادية) في الجنوب .. والخوف كل الخوف من انقضاض فئة من النظام ذات خلفية فكرية (طالبانية) تطيح به وتعيدنا إلى العصور المظلمة .. ولقطع الطريق على هذه السيناريوهات ، على (طائر الفينيق) أن ينهض من هشيم الرماد، فالوطن أمام لحظة وطنية .. فلكما تأخر عن الخروج للإطاحة بالنظام كلما اقتربنا من الكارثة. أول الغيت قطرة ثم الربيع قالها يوماً مغنٍ اتقن الإنشاد في كل اللغات. (سميح القاسم ).