[email protected] مما لا شك فيه أن توجه دول مجلس التعاون الخليجي لضم كل من المملكة الأردنية الهاشمية والمملكة المغربية لعضوية المجلس كانت مفاجأة من العيار الثقيل حيرت البعض وأثارت مزيجا من الدهشة المشوبة بالريبة عند الآخرين ومن ضمنهم رعايا الدول المدعوة للانضمام والدول الخليجية الأعضاء نفسها وهي خطوة تخفي في طياتها الكثير المثير ولها ما بعدها في إطار الترتيبات الجارية من قبل القوى الدولية لمنطقة الشرق الأوسط ولعلها ضربة البداية العملية فيما أطلقت عليه الإدارة الأمريكية السابقة مشروع (الشرق الأوسط الكبير) والذي يقع في بورة عدسته قضية حماية الكيان الصهيوني. فلو كانت الخطوة الخليجية في اتجاه دولة اليمن –التي حفيت قدما رئيسها المزنوق علي صالح وهو يهرول صباح مساء ما بين صنعاء والرياض طلبا للانضمام والقبول- أو حتى العراق لما أثارت كل تلك الحيرة والأسئلة وذلك بحكم القرب الجغرافي والروابط العرقية والقبلية للدولتين غير أن دعوة المغرب التي تبعد أكثر من خمس ألف كيلومتر من مقر المجلس الخليجي تفتح الباب على تحليلات واحتمالات تستوجب النظر إليها بعمق في ظل المتغيرات والثورات التي تعصف بالمنطقة. تأسس مجلس التعاون الخليجي في قمة أبو ظبي عام 1981م ، وظل طوال الثلاثين عاما الماضية يراوح مكانه دون أن يحقق نجاحا يذكر في الأهداف التي من أجلها قد أنشئ؛ فما يزال موضوع الوحدة الاقتصادية والنقدية (مكانك سر)، وحتى التعريفة الجمركية لم يتم الاتفاق عليها، ناهيك عن بقية الأهداف الأكثر تعقيدا، لذا فالباحث عن الحقيقة الغائبة وغير المعلنة لدعوة مجلس التعاون الخليجي لكل من الأردن والمغرب للانضمام لعضويته لا يمكن أن ينظر لها كما قلنا بمعزل عما يدور في المنطقة من ثورات وتحولات عميقة وجذرية عصفت بأنظمة الحكم الشمولية في كل من تونس ومصر الحليف الأكبر للولايات المتحدة والدول الغربية، ومازال عصفها يهز و يخلل بنيان الحكم في ليبيا واليمن وسوريا في محاولة جادة لاقتلاعه من الجذور. ولقد عانت كل من المملكتين المدعوتين من هذا الزلزال الذي يجتاح المنطقة ولا زالتا في عين العاصفة فهل يا ترى الدافع من وراء خطوة مجلس التعاون الخليجي الذي يتكون في مجمله من ممالك وإمارات وراثية هو إنقاذ المملكتين من (تسو نامي) التغيير حتى لا يكونا مثالا تحتذي به شعوب دول المجلس المتعطشة للديمقراطية، وذلك بانتشال الدولتين من الكبوة التي يعاني منها اقتصادهما بضخ ما توفر من أموال البترول في شرايينه، وتوفير معالجات عاجلة لإحداث طفرة تنموية واقتصادية تصرف الجماهير المتحفزة للتغيير وتبدد الاحتقان؟!! أم أن المسألة أكبر وأعمق من ذلك وتندرج تحت (لعبة الأمم) التي ليس لحكام المنطقة يد فيها غير تنفيذ ما يؤمرون به، من قبل قادة النظام العالمي الجديد الذي يعيد ترتيب أوراقه لسد الفراغ الذي أوجده زوال نظام الحكم في مصر، الدول العربية الكبرى الراعية والداعمة للمشروع الأمريكي الرامي لإعادة رسم المنطقة وتقسيم الأدوار فيها وفق ما تقتضيه المصالح الأمريكية والإسرائيلية خاصة والغربية على وجه العموم؟!!. ويبقى السؤال المقلق والمهم: هل درست دول مجلس التعاون -كل على حده- تأثير هذه الخطوة على اقتصادها حين تفتح أسواق العمل في وجه مواطني الدولتين المدعوتين وهم على درجة من الكفاءة إذا ما قورنوا برصفائهم في دول المجلس الحالي ويعاملون بموجب ميثاق المجلس معاملة المواطن خاصة وبعض من الدول الأعضاء تعاني من مشكلة البطالة التي تفاقمت وغدت تهدد أمنها واستقرارها؟؟ أعتقد أن الإجابة على هذا السؤال المحوري هو مربط الفرس لأي خطوة قادمة. تيسير حسن إدريس 15/05/2011م