[email protected] في غمرة زنقتها وهي تصارع عاصفة الجماهير الهادرة وتحاول عبثا التشبث بقوائم عرش السلطة الزائلة وفي لحظة نادرة من الصدق مع الذات أقرت الأنظمة العربية التي باتت قاب قوسين أو أدنى من الرحيل إلى مذبلة التاريخ في كل من ليبيا وسوريا واليمن بان زوالها من سدة الحكم سوف يضر بأمن واستقرار الكيان الصهيوني!! هكذا وعلى عينك يا تاجر تم الاعتراف الصادم صراحة وبلا حياء مما يؤكد بأن هذه الأنظمة التي طالما تشدق زعمائها وقادتها بشعارات العروبة والممانعة والتصدي للمشروع (الصهيو/أمريكي) وتاجروا بقضية الأمة المركزية ومقدساتها المغتصبة ما هم إلا صنيعة وضيعة من صنائع الرأسمالية الغربية أوجدتهم من أجل هدف واحد هو حماية مصالحها التي يأتي في رأس أولوياتها ضمان حماية واستقرار الكيان الصهيوني. هذا الاعتراف الذي يندي له الجبين خجلا، ورد على لسان قادة تلك الدول في زنقة مواجهتهم مع شعوبهم دون أن يرمش لهم طرف يلتمسون به النجدة والعون من أولياء النعمة الذين أداروا لهم الظهر بعدما قضوا منهم وطرًا وأدركوا أنهم كروت قد احترقت وانتهت مدة صلاحيتها وأخذوا في شحذ أفكارهم لخلق البدائل الملائمة من دمى وأرجوازات المرحلة القادمة التي سوف يلعبون بها على مسرح العرائس العربي. لقد أثبت لنا هؤلاء القادة دون قصد بأننا كنا في غيبوبة كبرى شعوبا فاقدة للرشد تعيد ترديد ما تسمع كطائر الببغاء عقولنا في أذاننا حتى اندلعت فجأة شرارة الثورات العربية وحررت القلوب من الخوف وأعادت العزة والكرامة والوعي المسلوب للأمة فاستيقظ المارد من خدر الشعارات الكذوبة وغيبوبة مشاريع الصمود والتصدي الخصية التي ما أطلقت طوال الخمسين عاما الماضية رصاصة ولا قتلت من العدو ذبابة وهكذا بكل بساطة كشف صدق الثورات زائف تلك النظم العميلة وعرى عورتها. واتضح جليا بأن أنظمة الحكم العربية الجاثمة منذ عقود فوق صدور شعوبها مع اختلاف مشاربها وشعاراتها المرفوعة وسياستها المتبعة ظلت دائما هي الداعمة والضامنة لأمن واستقرار وبقاء الكائن الصهيوني الغاصب وصلفه لذلك رأى الجميع مدى الحيرة والارتباك الذي أصاب الإدارة الأمريكية وهي ترقب اندلاع الثورة الشعبية فكل من تونس ومصر و اتضح ذلك في تذبذب المواقف وتضارب وضعف التصريحات قبل أن تتيقن من خروج الأمر من يدها فتنحاز مجبره لإرادة الشعوب خوفا من فقدانها مما سيعقد عليها محاولات احتواء الوضع في المستقبل فهي لا يمكن أن تقر بفقدان السيطرة والتأثير على حكام مصر بذات وتكشف ظهر ربيبتها إسرائيل في المنطقة بهذه السهولة لذلك نجد أنها سرعان ما استعادت رباط جأشها وبدأت في صياغة إستراتجية جديدة تستطيع من خلالها لملمت الموضوع واحتوائه بأخف الأضرار الممكنة. يلاحظ ذلك في عدة مؤشرات منها أولا : الهرولة والاستعجال في دفع دول مجلس التعاون الخليجي لتوسيع منظمتهم لتضم الدولتين الأكثر علاقة بالكيان الصهيوني –الأردن والمغرب- فيما يبدو كخطوة أولى في اتجاه بث الروح فيما يسمى بالمبادرة العربية للسلام ومحاولة إنفاذها بعد إعادة صياغتها وفق الشروط والملاحظات التي أبدتها إسرائيل وغير بعيد عن ذلك إعطاؤها الضوء الأخضر لاستكمال المصالحة الفلسطينية/ الفلسطينية بكل سهولة ويسر. وثانيا: تتضح بصمات الإدارة الأمريكية في الضغط الذي مورس على دولة قطر لسحب مرشحها للأمانة الجامعة العربية فأمريكا ترى أن أي تغير في هذا التقليد الذي أرسته منذ عقود يشل قدرتها على المناورة والضغط على نظام مصر الثورة ويقود لهدم أسس احتوائه ويبعث برسائل غير مطمئنة للسلطة المصرية القادمة قد تقود لفقدانها الشهية في لعب دور مركز القرار العربي وهو الشيء الذي تحاول أمريكا جاهدة المحافظة عليه حفاظا على أمن ومصالح إسرائيل خاصة في هذا الوقت الحساس عقب نجاح الثورات ومد الجماهير العربية الثائرة في أوجه. فالإدارة الأمريكية ستظل في زنقتها الحالية ترقب عن كثب ما ستسفر عنه الثورات التي تعصف بالمنطقة وتحاول توجيه دفتها في وجهة مصالحها ومصالح الكيان الصهيوني الذي بات في وضع لا يحسد عليه وهو يرى الشعوب العربية تهب من كبوتها وتستعيد كرامتها التي مرقها الكيان الغاصب في وحل الهزائم العسكرية والسياسية المتلاحقة ويخشى أن تواصل تلك الشعوب سيرها في طلب الثأر والقصاص منه وعندها لن يجد له مهربا غير ركوب البحر والعودة من حيث أتى. عموما أن زنقة إسرائيل إذا ما استكملت الثورات العربية مدها واستمرت في اقتلاع بقية الأنظمة العميلة الفاسدة وتحقيق أهدافها الثورية النبيلة لا تقارن بزنقة حكام العرب المحصورين في خانة (أليك) فزنقة عن زنقة تفرق والفرق كبير بين زوال السلطة والجاه وزوال الكيان بأكمله رغم أن كلاهما (زنقة كلب في طاحونة) والعياذ بالله. تيسير حسن إدريس 18/05/2011م