الصادق المهدي الشريف [email protected] مرّ رجلاً كامل التهذيب... دسم الأخلاق على إثنين يشتجران ضرباً بالسوق والأيدي والأعناق، أحدهما يطالب الآخر بمائةِ جنيه كان قد سلفها له قبل زمانٍ بعيدٍ. رجلنا أراد أن يحل المشكلة ويدفع المائة جنيه دون أن يجرح خاطر (المديون) أمام المتجمهرين... فقال للدائن :(يا أخي إنت نسيت ولا شنو؟؟ المائة جنيه دي إنت دايرها مني أنا، ما دايرها من الراجل دا؟؟!!). فتبسم الدائن بنصرٍ بائن وقال للرجل :(قروشي الدايرها منك خليها.. أنا عارفها... وجاييها... هسع أنا في قروشي ال مع الراجل دا). والخبر العابر للطرق السريعة يأتي هذه المرة من الولاياتالشرقية حيث مشروع القاش... والخبر يقول أنّ السلطات العدلية بولاية كسلا قد ألقت القبض على مدير مشروع القاش الزراعي، بجانب المفتشين الزراعيين بالمشروع بعد أن فتحت النيابة بلاغاً في مواجهتهم تحت المادة (177). والمادرة 177 خاصة بخيانة الأمانة والتي تقرأ (يُعدُّ مرتكباً جريمة خيانة الأمانة من يكون مؤتمناً على حيازة مال او ادارته ويقوم بسوء قصد بجحد ذلك المال او امتلاكه او تحويله الى منفعته او منفعة غيره او تبديده او التصرف فيه باهمال فاحش يخالف مقتضى الأمانة)، والرجل أدين تحت الفقرة 2 من تلك المادة التي تقرأ (اذا كان الجاني موظفاً عاماً او مستخدماً لدى أىِّ شخص وأؤتمن على المال بتلك الصفة ، يعاقب بالسجن مدة لا تتجاوز اربع عشرة سنة مع الغرامة او بالاعدام). المسألة فيها إعدام... يامُرسي. والرصاصة أصابت مدير القاش ضمن الحرب على الفساد... وقد دار حديثٌ كثيفٌ حول هذه القضية في الفترة السابقة... للدرجة التي أضطرت فيها الحكومة لتكوين (مفوضية لمكافحة الفساد). ولكن – وبكلِّ صراحة – هل كان الصحافيون يضعون أعينهم نصب مدير مشروع القاش وهم يتحدثون عن الفساد؟؟؟. بل هل كانوا يقصدون مستوى الفساد من درجة مدير فما دون؟؟؟ أم كانوا يرمون بصرهم اتجاه السياسيين... وزير فما فوق؟؟؟. مثل مدير مشروع القاش ومدراء المشروعات الآخرين سوف يصبحون (نوافل) في الحرب على الفساد... سوف يلقي بهم الكبار في طريق الصحف أو المفوضية لكي يلتهوا بهم قليلاً حتى يجدون هم (طريقة للمخارجة). وقد يجدهؤلاء الصغار من يسومهم سوء العذاب – كما في نكتة القرد الشهيرة الذي ُطلب منه أن يعترف بأنه أسد – لكي يعترفوا بأنهم (وزراء ومستشارين)، لكن ظروف المجاعة هي التي جعلتهم (مدراء). الجماعة الذين كانت تتقصدهم حملة مكافحة الفساد هم من المتنفذين... الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون... أولئك الذين ينالون حافزاً 156 مليون جنيه فما فوق. وأيٍّ من ينال حافزاً دون هذا المبلغ فليصبر قليلاً... حتى تكتمل الجولة الأولى من جولات الحرب على فساد من هم أكبر منهم مناصباً واشدّ منهم ضرراً. الآن (مدير مشروع القاش دا خلوه.. نحنا عارفنو... وجايين ليهو... هسع نحنا في الجماعة التانيين!!!). صحيفة التيار