زمان مثل هذا الكيزان هذا الخميس الصادق الشريف (1) فوجئ طلاب المدرسة الثانوية بنقل أستاذ (شرس) إلى مدرستهم عقاباً لهم على (عمايل) قاموا بها.. والخوف كان هو الشعور الذي يسبق الطلاب – صباحاً- إلى المدرسة. في أول يومٍ له وقف الأستاذ في الطابور ليقول للطلاب (مرحباً بي بينكم.. سأرحب بنفسي لأن لا أحد سوف يرحبُ بي). ثمّ واصل الحديث (مدير المدرسة كان قد طلب منكم دفع خمسين قرشاً في بداية كلّ شهر دعماً للمدرسة.. أنا سوف ألغي هذا القرار). التهبت أكف الطلاب بالتصفيق.. وصمت الأستاذ لأكثر من خمس دقائق حتى تكف الأيدي عن التصفيق.. فقال (ما في تاني خمسين قرش في الشهر.. لكن حَ تدفعوا طرادة بداية كلّ أسبوع).. وصفق الطلاب مجدداً. وللأجيال الجديدة – والقراء على الإنترنت – فإنّ اسم (طراده) هو اسم قديم لعملة سودانية منقرضه تساوي خمسة وعشرين قرشاً.. والطلاب الذين كانوا يدفعون خمسين قرشاً في الشهر (يعني طرادتين).. صاروا يدفعون جنيهاً كاملاً في الشهر (أربعة طرادات بمعدل طرادة واحدة أسبوعياً).. والعاقبة عندكم في المسرات. ومادمنا قد بدأنا في حكاية القصص التراجيدية.. فسوف نحكي قصة أخرى قبل أن ندلف إلى مقال نهاية الأسبوع.. ولو طالت القصة ف (قد) لا ندلف إليه. (2) مرّ رجل كامل التهذيب... دسم الأخلاق على اثنين يشتجران ضرباً بالسوق والأيدي والأعناق، أحدهما يطالب الآخر بمائةِ جنيه كان قد سلفها له قبل زمانٍ بعيدٍ. رجلنا أراد أن يحل المشكلة ويدفع المائة جنيه دون أن يجرح خاطر (المديون) أمام المتجمهرين... فقال للدائن: (يا أخي إنت نسيت ولا شنو؟؟ المائة جنيه دي إنت دايرها منّي أنا، ما دايرها من الراجل دا؟؟!!). فتبسم الدائن بنصرٍ بائن وقال للرجل: (قروشي الدايرها منك خليها.. أنا عارفها... وجاييها... هسع أنا في قروشي ال مع الراجل دا). (3) السيد باقان أموم.. الوزير الثائر.. الذي كان ضمن الطاقم الوزاري الحكومي.. ثُمّ قدّم استقالته منها ومن العمل السياسي في أمانة الحركة الشعبية.. ثُمّ عاد إلى الوزارة.. وعاد إلى الحركة.. وأمسك بالمايكرفون وصرّح التصريح التالي.. في أقلّ من عشرة أيام. فاقان قال (مطالبة حكومة الشمال لنا بدفع 23 دولارا للبرميل نظير استخدام أنبوب النفط.. تعتبر حربا اقتصادية وسرقة في وضح النهار). وأعتقد أنّ الرجل يريد أن يلحق بوكالات الأنباء قبل أن تغلق أبوابها ذلك اليوم.. فسارع إلى التصريح قبل أن يتأكد من الأرقام. والرقم الصحيح هو عكس أرقام السعر أعلاه.. أي رسوم النقل 32 دولاراً (وثمانون سنتاً) للبرميل وليس 23 دولاراً. وباقان أموم لا يعلم هذه الحقيقة حين صرّح تصريحه ذاك.. بل ولا يعلم أنّ ال (32) دولاراً تلك.. لا تشمل رسوم التأمين ولا رسوم التسويق. ولا يعلم أنّ تلك الرسوم قد تمّ تقديرها بواسطة خبراء.. وليس عبر منبر السلام الشامل.. ولا المؤتمر الوطني. تقاسم النفط قد ألغيَّ تماماً.. بس يدفعوا 32 دولاراً للبرميل.. وحبّة دولارات للتأمين وأخرى للتسويق!!!. ونقول لباقان كما قال الرئيس البشير (والله الكيزان ديل.. حيّرونا). التيار