بالمنطق العِشْق المريب..!!! صلاح عووضة * صديقي وزميلي الشاعر الفذ عبده سرِّي (أُبتلي) بعشق حسناء له إبان فترة دراستنا الجامعية.. * وقد يتساءل القراء هنا بدءاً عن (سرّ) إبتلاء (سرِّي) بمثل هذا العشق مادام هو (مفعولاً به) وليس (فاعلاً) في ذاك الاعراب الغرامي.. * وهو تساؤل من شأنه أن يكون منطقياً بالنظر الى ماعُرف عن الرجال من (حبٍّ) الى أن يكونوا (محبوبين) سيما إن كان (الحب) هذا من تلقاء حسناوات.. * ولكن ما جعل عشق الحسناء تلك لزميلنا سرِّي غير منطقي شعور تملكه أن الحب ذاك لا يخلو من (إنَّ!!).. * فهي أولاً قالت إن مدخلها للوقوع في الحب المذكور هو إعجابها بقصائد الشاعر.. * ثم قالت ثانياً إن إعجابها بشاعرية الشاعر تطورت الى لهفة للقاء (شخص) الشاعر.. * أما ما قالته ثالثاً حسب سرِّي نفسه فهو رغبتها في أن تكون هي (المُستبِدَّة) التي أشار اليها في قصيدته التي يقول مطلعها: (استبدِّي واخلفي ما شئتِ وعدي).. * وهذا الحرص على عشق الشاعر من قِبل الحسناء الى درجة التملُّك كان قد تزامن مع استهداف سياسي عنيف لابن حلفا في أواخر سنوات النظام المايوي.. * وأثبتت أحداث بعينها بعد ذلك أن العاشقة الولهانة كانت ذات صلة ببعض (أجهزة) النظام القائم.. * فقد (ضُبطت!!) وهي تدبِّج تقارير (سرية) خلال انعقاد (أركان النقاش).. * ولكن هل كان اسم (سرِّي) وارداً في تلكم التقارير (السرِّية)؟!.. * ذلك ما لايستطيع ان يجزم به حتى سرِّي نفسه.. * ويبقى ثمة احتمال قائم من ثَّم بصدق (مشاعر) الحسناء تجاه (الشاعر).. * وما دعاني اليوم الى اجترار هذه الذكرى التي (هزَّت) آنذاك للعلم نفسية شاعرنا (الرقيقة) قصة قد تكون مشابهة يتعرض لها الآن كاتب هذه السطور نفسه.. * وربما يكون الفرق بين قصتنا التي سنرويها وقصة زميلنا سرِّي أن هذه هاتفية وتلك كانت كفاحاً.. * ففتاة لا أعرف اسمها درجت على أن تهاتفني بالحاح لتقول إنها معجبة بما أكتبه في زاويتي اليومية هذه.. * ثم تطور الأمر تدريجياً الى ما يشي بما هو أكثر من ذلك حين باتت تلح على أن يكون هناك لقاء في مكان ما.. * وأخذ الفأر يلعب في عبِّي سيما وأن الصوت اعترته نبرة لا تخطؤها الاذن خلال آخر مكالمة هاتفية.. * فمالي أنا وعشق الغانيات وقد بلغت من الكبر عتياً؟! * ثم ليس مثلي بالذي (ينشغل) بدنيا (حَبَّ يَحبُّ) عن دنيا (ساس يسوس) في مثل هذه الظروف التي تمر بها بلادنا.. * وحتى اذا افترضنا أن (الفجر لاح!!) ولم تعد مثل هذه القضايا (ترفاً شعورياً) فأين يكون موقعي في الاعراب العاطفي وأنا في مثل هذه السن.. * ولا فرق هنا بين أن أكون (فاعلاً) أو (مفعولاً به) كحال صديقي عبده سرِّي.. * وعاشقة كلماتنا حسبما تقول تعلم ذلك ولاشك بما أن الصورة التي في أعلى الكلمات هذه لا (تتجمَّل!!).. * ثم أن تعشق كتابات ما لايعني بالضرورة أن تعشق صاحبها الا إن كان هنالك (تعشيق!!) خلفي عند بلوغ (الهدف).. * والهدف هذا هو منطقياً مثل الذي تخوَّف من بلوغه شاعرنا سرِّي.. * اذاً فقصة الاعجاب هذه قد يكون فيها كذلك (إنَّ!!).. * فكل فعل انساني حين يبدو (غير منطقي!!) يستوجب بحثاً (منطقياً!!) في مسبباته.. * فإما أن يكون صاحبه (خارج الشبكة!!!).. * أو أن يكون استدراجاً للوقوع (في الشبكة!!!).. * وقديماً قال الشاعر: الوقوع في (الشبكات) هيِّن.. ولكن التأمل في الخروج.. * ويبدو أن شاعرنا هذا مرَّ بتجربة مماثلة ابتلع فيها طعم كونه (معشوقاً!!).. * ثم اكتشف أن فتاةَ في عمر ابنته جرجرته من (شَعَرِه) و (شِعره) و (شِعُوره).. أجراس الحرية