قولوا حسنا الأثنين 23 مايو2011 وزير المالية والعقد والصحافة القضية التى أثارتها صحيفة السودانى الغراء بين الصحفى النابه أبو القاسم والسيد وزير المالية قضية تحتاج لرؤية موضوعية فهى قضية ذات شقين منها أولا موقف وتصرف وزير مسئول تجاه صحفى مهنى والصحافة عموما،والثانية هى قضية العقد نفسه محتواه ومغزاه. ولنبدأ بالشق الأول فلو كنت مكان السيد الوزير لما انفعلت ذلك الأنفعال الذى يجعلنى متعسفا فى مواجهة الصحفى ومن ثم الصحافة، فمن المعروف بداهة أن من حق الصحافة وفق قانونها أن تتحصل على أى معلومات وتنشرها طالما لم يكن تصنيفها كمعلومة أو وثيقة سرية تتعلق بأمن الدولة القومى أو تحرك القوات المسلحة فهل هذا العقد يقع من ضمن هذا التصنيف؟ من المؤكد ليس كذلك. ثم ان قانون الصحافة يعطى الصحفى الحق فى عدم الكشف عن مصدره فهل تجاوز الصحفى أبو القاسم ذلك الحق؟ مؤكد لا. اذ ليس من حق السيد الوزير أن يسأله عن مصدر العقد لأنه ليس موظفا عنده وليس قاضيا فى محكمة بل يواجه صحفى يمارس حقه المهنى وذلك تصرف معروف عالميا ولدينا تلك القصة المشهورة لصحفية أمريكية فضلت السجن على أن تكشف مصدر معلوماتها كما لن ننسى فضيحة ووترقيت وذلك الصحفى الذى وصف مصدره بالحلق العميق the deep throat ولم يلزم بكشف مصدره واستقال على اثر الفضيحة الرئيس الأمريكى رتشارد نكسون. لو كنت مكان السيد الوزير لشكرت الصحفى على نباهته وقدراته المهنية أولا ثم شرحت له ملابسات ذلك العقد وأجبته مثلا بالقول أن وظيفة خطيرة كمدير لسوق الأوراق المالية ومثلها من وظائف كبيرة وخطيرة تتطلب ميزات خاصة تستحق مثل ذلك العقد وربما أكثر لسبب بسيط أن تلك الوظيفة ومثيلاتها يحتاج القائم بها لتكون (عينو مليانة) فاذا لم نعطه مانوفر له من أوضاع مالية مريحة فقد تمتد يده الى المال العام ويستغل وظيفته فيأخذ أضعاف أضعاف ذلك خاصة وظيفة مثل مدير لسوق الأوراق المالية الذى يمكن أن يتلاعب بالأسهم مع الشركات فيفسد السوق ومثله القاضى أو مدير البنك مثلا أو وكيل النيابة أو الضابط أو حتى الوزير ووكيل الوزارة.. الخ الوظائف الخطيرة المعروفة كالأطباء والمعلمين الذين يحترقون كالشموع. وهنا قد يثور تساؤل وهو أين المال لنعطى كل تلك الجيوش من الموظفين والمهنيين والعمال أموالا كافية؟ وهنا تأتى نظرية الكفاءة الأدارية فى الخدمة العامة. انها تشابه نظرية سيدنا يوسف عليه السلام الذى قال للملك اجعلنى على خزائن الأرض انى حفيظ عليم. أى ذو أمانة و كفاءة فعينه الملك مسؤولا عن مال الدولة وثرواتها فأحسن ادارتها وذلك بعد أن علم حسن خلقه وأمانته مع امرأة العزيز والنساء اللاتى قطعن أيديهن ثم تفسيره للرؤيا، لم يعين فيها الملك صاحب الولاء بل صاحب الكفاءة والأمانة وهنا يكون مربط الفرس. مجمل القول أنه لابد من الشفافية فى التعيين – لا أقول أن مدير السوق لا يستحق – ولكن أقول أنه آن الأوان لتكون الشفافية ومعيار الكفاءة والأمانة هى معيار التعيين وليس الولاء السياسى ولابد أن ينظر المجلس الوطنى فى هذه القضية، ولامانع عندى أن يعطى القوى الأمين ما يمنعه من الفساد ولكن مع مراعاة حال البلاد الأقتصادى فمليار جنيه سنويا فى هذه الظروف شئ مبالغ فيه ويمكن أن نتعارف على الشئ المناسب لحال بلادنا وحاجتنا للأكفاء والأمناء فغير المعقول أن يكون لنا جيوش من الدستوريين على حساب المواطن المسكين والأقتصاد المتردى.. غير معقول.