هل يمكن لأي عاقل أن يستلف أي قروش من أي بنك ليسدد بها ديونه الشخصية ؟ المجنون وحده هو من يفعل ذلك . نفترض أنني ( مديون ) 30 مليون جنيه من بتاع اللبن والدكان وشوية متأخرات في الإيجار ، ومن جزارين وخضرجية وغيرهم . وأنهم لاحقوني حتي في المنام ، وربطوا علي الشارع وزازوني بالتلفونات وبالتهديدات . ولما حار بي الدليل نصحني أحد السدنة بالذهاب لبنك ( كذا ) الإسلامي بتوصية منه لأحصل علي مرابحة قدرها 30 مليون لتحقيق المثل الشهير " من حل دينه نامت عينه " . ذهبت للبنك الشهير ، وبعد لأي ومعاناة قابلت المدير وسلمته التوصية المكتوبة ، فتبسم وقال لي خير . وبعد تلك " الخير " طلعت طابق ونزلت طابق وهاك يا ملفات وفورمات وصور جوازات وحركات . ولما انتهي هذا الموال قالوا لي عد إلي بيتك مطمئناً فسنتصل بك . ورجعت ولمدة شهر كامل لم يتصل بي أي زول ، فذهبت لصاحب التوصية أو ( شيخنا ) كما يقولون واستعجلته المرابحة . فشرح لي ما معناه أن تحريك الملف يتطلب " حركة " في شكل أرنب ولما لم أفهم ما معني الأرنب قال لي هي ( الضحاكات ) بتشديد الحاء ، ولما احترت قال لي أمشي أسأل سيد اللبن . وفهمت من سيد اللبن الذي صار سعر الرطل منه واحد ونص جنيه أو ألف وخمسمية بالقديم . ومن سيد الدكان الذي أدين له بمليون جنيه استلفت 3 مليون جنيه تاني ، فصار مجموع ديوني 33 مليون . وتحرك الملف أخيراً ، وطلعت لي المرابحة في أقل من يومين فقط لا غير . واستلمت من خزنة البنك 25 مليون جنيه ( قديم طبعاً ) ومضيت علي استلام التلاتين فقد خصموا هامش المرابحة وليس الفائدة الربوية . وطلبوا مني أن أسددها في غضون تسعة شهور وإلا جرجروني أمام المحاكم والنيابة والحراسة . سددت أغلب الديون ، ولازال متبقياً في عنقي 8 مليون جنيه . ثم قررت ألا استدين من أي زول وأن ناكل الكسرة بموية وشطة . بعد تسعة أشهر فوجئت بأن علي أن أسدد 38 مليون جنيه ( 30 + 8 ) . وكبيت الزوغة . هذه القصة بحذافيرها تعيد إنتاجها الحكومة التي تنوي أن تحصل علي قرض لتشتري به أرض ملاك الجزيرة بتراب الفلوس . ولو صرفت إيرادات البترول ليوم واحد علي تأهيل قنوات الري وتوفير المدخلات بمشروع الجزيرة ، لكان إنتاج القطن فيه كافياً لتسيير ميزانية السودان لسنة كاملة ، لكنها الرغبة الطفيلية في تدمير المشروع لصالح زعيط ومعيط ولا عزاء لعمال اللقيط . مبروك لحزب الوفد المصري المليون فدان الهدية من حزب ( الرفد ) السوداني . الميدان