العطنة بكجمة !! علي عبدالله ادريس [email protected] حمدان واحد من طلاب مرحلة الأساس - يصنف من البؤساء الفقراء المعدمين - والده مسعود يعمل بعربة ( كارو ) يجرها حمار - كالعادة يخرج باكرا قبل أن يوقظ حمدان للمدرسة - حمدان يخرج هو الآخر مع أنداده الطلاب لقطع المسافة مابين قريتهم والمدرسة والتي تبعد أكثر من خمسة عشر ميلا - سيرا على الأقدام - حمدان ليس كغيره من الطلاب - كان يسير حافي القدمين - رث الثياب وبالية - لكنها نظيفة - يحتفظ في حقيبة كتبه بورقة ملفوفة لا احد يعرف ما تحتويه تلك الورقة - ذات يوم وعندما دق ناقوس فترة الإفطار خرج حمدان كعادته آخر تلميذ من الفصل - وإذا به يذهب إلى ( المزيرة ) وتحت الزير الكبير يبرك على ركبتيه ويحفر بأصابعه الرقيقة في تلك الرمال - وعندها كان مدير المدرسة واقف يراقب حمدان - ويقترب منه ويصرخ فيه قائلا - ( تعال هنا يا كلب ) - ويقبض على يده الرقيقة قبضة تكاد تكسرها - ويرتعد حمدان من شدة الخوف - ويجره مدير المدرسة جرا إلى داخل سور المدرسة - ويلتف حوله بقية الطلاب ولسان حالهم يقول - ماذا جنا هذا المسكين - وبعد أن اجتمع المعلمين والمعلمات ليروا ما الجرم الذي اغترفه حمدان - يبادرهم مدير المدرسة - الآن عرفنا من الذي يدفن تلك الأوراق التي تحمل كل عبارات الشتم والسب لمدير المدرسة وتتهمه بالاحتيال على الطلاب وتحميله لهم بمصروفات الدروس الإضافية - هذا هو المجرم حمدان الصامت دائما - ( يا ما تحت السواهي دواهي ) ويوجه له المدير أول سؤال - ( ماذا كنت تدفن ) فيجيب حمدان بلسان متلعثم تكاد لا تسمع منه الكلمات - فتنبري له مرشدة الفصل ( ست نوال ) وتستأذن المدير في ذلك - وتأخذه غير بعيد - ( تعال يا حمدان كلمني كنت بتعمل في شنه) - فيتنفس حمدان الصعداء لأن ست نوال أم الفصل وتحبه كثيرا - لا لسلوكه فقط - بل لتفوقه دائما في الدراسة - وهو أول الفصل دائما - فيرد حمدان بكل ثقة - ( كنت يا ست نوال بفتش لكوز الصلصة بتاعي ) - وتتحدث نوال مع نفسها ( الله يقطع الكيزان - الكوز كان دفنته في الأرض يسبب ليك مشكلة مع غيرك ) ثم تلتفت إلى حمدان - ماذا تريد بكوز الصلصة - فيجيب حمدان ( عشان أسوي فيه الشطة واقعد جنب عمي الطريفي بتاع الدردقوه ) - نوال : وعشان شنو يا حمدان - يرد حمدان - عشان ما عندي حق الفطور وأقول للأولاد البشترو الدردقوه وما عندهم شطة ( العطنة بكجمة ) - فانفجرت نوال باكية بكاء مرا - وطلبت من حمدان أن ينصرف - وذهبت نوال للمدير والدموع تسبقها - وشرحت الموقف لمدير المدرسة والذي طأطأ رأسه خجلا من حمدان الصغير النحيف والمتفوق دائما - هذه قصة حمدان فأرجو أن تراعوها يا مدراء المدارس حتى لا يصبح حمدان ضمن أعضاء الفاقد التربوي !!