استراحة دماء على قميص المدرسة !! منى سلمان [email protected] قال الرسول (ص): (ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا)، كما تقول نظريات التربية الحديثة أن عقاب الطفل المذنب بالضرب لا يعالج الخطأ، ولكنه ينصب في خانة تشفي الوالدين والتنفيس عن غضبهما عليه بتلك الوسيلة، وبالمقابل هناك من يؤيد سياسة الضرب غير المبرح وغير المؤذي كوسيلة من وسائل التربية، ولكن لا يكون الضرب مجديا قبل بلوغ الطفل سن الأربع سنوات حتى يستطيع أن يميز لماذا تعرض للعقاب بالضرب فيرتدع عن ذلك الفعل. في مجتمعاتنا العربية وبالأخص السودانية لا ينظر كثيرا لنظريات التربية فالضرب للرُكب والعيال عندنا بيتعرضوا لضرب غرائب الإبل ودق أم بتابت ودق العيش، كما أن مصطلحات التهديد على شاكلة: (الليلة بهردك هرد) أو (الليلة بختك لحم )على لسان الكثير من الآباء والامهات، كما لفتتني صيغة تهديد لطيفة فقد سمعت من تهدد ابنها بالقول: الليلة أرجاني يا العِيفه .. بسوي فيك الما سوّاه نجار في خشبة!! وعلى العكس من ذلك نجد أن المجتمعات الغربية عموما تكفلت بل تشددت في حماية الأطفال من التعرض لأي من أنواع العنف الجسدي من الوالدين أو غيرهم، فخصصت أرقام هواتف تُلقن للأطفال في الرياض والمدارس للإتصال بها عند تعرضهم للعنف فتقوم الرعاية الإجتماعية بسحبهم منهم وحرمانهم من حق حضانتهم، ولذلك نجد أن تلك المبالغة في الحماية أتت برد فعل عكسي بعد أن استأسد الأبناء على الآباء وصاروا يهددونهم بالإتصال بالشرطة عند أقل بادرة لوم أو تأنيب منهم، ومن ذلك كانت معاناة نسائنا اللاتي يعشن في الغرب مع الخوف من أطفالهن وعدم تمكنهن من فش الغبينة في الشفع كعادتنا، فلقد شكت لي بعض السودانيات المقيمات في لندن رعبهن من هاجس فقدان أطفالهن للرعاية الإجتماعية بسبب أن يد الأم السودانية أطول من لسانها ودائما ما تكمل كلامها مع طفلها بي (أم دلدوم) وغيرها من ضرب المحنة !! حكت لي احدى الصديقات، أنها في ساعة زهج قد (شحطت) ابنها بِسِير شاحن الموبايل بسبب حركات اللياقة التي يتهرب بها من الخروج لبص المدرسة، ولأن بشرة العيال (رخسة) فقد بانت عليه آثار الشحطة وتورم مكانها في ذراعه، ارتعبت صديقتي من فعلتها واتصلت على الأب فكال لها اللوم والتقريع وقال لها: انتي ما عاوزة تبطلي حركات النسوان السودانيات دي .. تضربيهو ليه .. طيب خليهم يقلعوه مننا عشان ترتاحي. سارعت بإلباسه قميصاً بأكمام طويلة لتخفي آثار جريمتها وأوصلته الي باب البص بعد أن رشته بكل الممنوعات ووعدته بالمزيد بعد العودة .. بس أوع يا ولد تكلم المعلمة بالحصل. كان رعب صديقتي بسبب حادثة تعرضت فيها سيدة سودانية للحرمان من حق حضانتها لأطفالها الثلاثة، نتيجة سوء فهم ولبس لموقفها من الرعاية الاجتماعية، فبعد أن أصيبت ابنة تلك السيدة ب(البرجم) تغيبت عن المدرسة حتى اكتمال شفائها، ومن المعروف أن السودانيات لا يقمن بتحميم الأطفال عند اصابتهم بالبرجم، ولذلك قامت الأم بغسل شعر صغيرتها بعد أن أرقدتها بعرض السرير و(صنقعت) رأسها بطريقة امهاتنا المعروفة، وقامت بغسله حتى لا يبتل جسدها فتتهيج البثور، ولكن بعد أن انتهت من الغسل انتبهت لأن (تور البرجم) وهي أكبر حبه من بثور البرجم قد انفجرت في عنقها وسالت منها القليل من الدماء فقامت الأم بربط الحبة بباندة الشعر حتى توقف الدم . وفي الصباح انتبهت الأستاذة لبقايا دماء على ياقة قميص الصغيرة، فسألتها عن سبب ذلك، فأخبرتها بأن (ماما) قد ثنت لها رأسها حتى سالت منه الدماء وربطتها برباط الشعر من عنقها (خنق عديل) !! سارعت الأستاذة بطلب الجهات المسئولة، وفي غمضة عين وصلتها الشرطة وأخذت منها أطفالها الثلاثة، فأحتاجت تلك المسكينة لأكثر من ستة أشهر من جلسات ومحاكم حتى تشرح وتقنع السلطات بحقيقة ما حدث وتستعيد أطفالها. سؤال بريء: لو كان النظام ده مطبق عندنا .. كان لسه بيكون في شافع قاعد مع أهلوا؟ ماااا ظنيتو !! الرأي العام