زمان الناس..؟!.. محمد عبد الله برقاوي.. [email protected] من النوادر التي تحكي عن.. طيبة وبساطة وتواضع لرئيس الراحل / الفريق ابراهيم عبود والذي حكم السودان من نوفمبر 1958الي اكتوبر1964انه في مرة دعا عددا من وزرائه للاجتماع في منزله بعد صلاة المغرب وحيث انه كان معروفا عنه عدم حبه للسهر فقد كان وهو في غمرة قلق انتظار حضورهم يحث مدير مكتبه وقتها الضابط الراحل ..الفاتح بشارة أن يتصل بهم ليحثهم على سرعة المجيء وتارة يطلب منه الخروج لمطالعة مقدمهم في الشارع .. وحينما حضروا متأخرين ساعة عن الموعد عاتبهم الرئيس عبود ..ولكنهم اعتذروا لانهم اضطروا لزيارة أحد زملائهم الوزراء الذي نقل الي المستشفى لعارض صحي..فانزعج الرئيس واخذ يطمئن في لهفة عن الرجل ثم قال لهم .. طيب اذن نذهب لزيارته ..ثم نظر الي ساعته وقال في عفوية ..لا بعد هذا الوقت حارس المستشفي لن يسمح لنا بالدخول..تصوروا رئيس الدولة بجلالة قدره يقّدر ويحترم سلطات بواب المستشفى!!!؟ خطرت ببالي تلك النادرة وأنا اطالع بالأمس في أخبار تلفزيون البي بي سي طبيب العظام الجراح المسئؤل عن القسم المعني في احدى المستشفيات البريطانية وهو يقوم بطرد رئيس الوزراء البريطاني ونائبه من العنبر الذي يقع تحت سلطته اثناء قيامهما مع وفد صحفي بالترويج لبرنامج يتعلق بالرعاية الصحية والضمان الاجتماعي اوشيء من هذا القبيل..وذلك لانهما من وجهة نظره قد خالفا الأصول المتبعة في زيارة المرضى ولم يلتزما بالضوابط المرعية قائلا لهما ومن معهما أنا هنا الحاكم بامره ولن اسمح باية تجاوزات تخالف النظام.. ومع انني والكلام للكاتب..لاأقر طريقته الفظة في التعاطي مع الرجلين والتي شاهدها العالم كله.. وان كان يملك السلطة في حدود عمله ولكن ما لفت النظر حقيقة هو الأدب الذي قابل به الرجلان تصرف المسئول الطبي فخرجا ومن معهما دون جدل أو تباهي بمنصبيهما في احترام شديد لحدود سلطات الرجل .. وهنا يتجلي موفقان احدهما لسلوك شخصية رئيس سوداني من الزمن النبيل وان كان حكمه يوصف بالديكتاتورية مقترنا بديمقراطية مهذبة في بريطانيا والفاصل بينهما نصف قرن من الزمان ولكنهما يتطابقان في النهج الراقي لاحترام سلطات الأخرين في حدود عملهم مهما صغرت أحجام المهام التي يؤدونها في مقابل سلطة الحاكم الأول للبلد.. وتبقي المقارنة فارقة بل ومعدومة في عهد التسلط الذى نعيشه حاليا .. وفي زمان استوزار اللعب ممن لا يملك لمن لا يستحق..فتجد وزير الشباب والرياضة الشاب المغرور حاج ماجد سوار يترك مهام المنصب المكلف به دون جدارة ليتحدث في الاستراتيجيات العسكرية ..فيما تغرد العصفورة المدللة سناء حمد العوض خارج سرب الاعلام وتفتي حول سودان ما بعد التاسع من يوليو القادم وتقول في نشوة طفولتها انه سيكون جنة خالصة للمسلمين باعتبارهم قد تخلصوا من الكفار او هكذا المعني وان اختلفت الصياغة؟.. وألأمثلة كثيرة وكثيرون في عهدنا هذا من يتولون خبز العيش وهم ليسوا خبازيه..في زمان.. المال بات فيه عند البخلاء والقلم بيد الجهلاء والسيف في يد الجبناء..! ولماذا نذهب بعيدا ولطالما اننا نتحدث عن اخلاقيات ومفاهيم وانسانية وتواضع الرؤساء واحترامهم لسلطات الغير..من مواطنيهم وكما عودنا ولا نقول يفاجئنا رئيس دولتنا الاسلامية ..حينما يسال عن رأيه في الأسلوب الخاطيء في تنفيذ عقوبة الجلد بحق فتاة تقطعت لها نياط قلوب الكفار ذاتهم دعك عن المسلمين فيرد .. بكل جفاء وقسوة .. الحق عليها فقد تجرست ..و كان عليها ان تركزللسوط..! وربما صدق الذين هتقوا للفريق عبود الذي صار وقتها رئيسا سابقا حينما جاء في تواضع المواطن العادي يتبضع في سوق الخضار بالخرطوم بعد ان اختطفت أكتوبر في رابعة النهار ( ضيعناك يا عبود وضعنا معاك) صحت عباراتهم أم جانبها الصواب لكن فوارق الواقع تقول بين زمان الرجل وزماننا هذا ان في نبرتهم شيء من الشجن والحنين الي عقلية وعاطفة انسان ذلك الزمان تواضعا وانسانية ونبلا وان اختلفنا معه علي النهج السياسي الذي لا يفسد لمودتنا كسودانيين قضية ولكن ذلك زمان وهذا زمان.. فلكل ناس زمان ولو كانوا في ذات المكان!.. والله المستعان وهو من وراء القصد..