(مافي داعي)..!! صلاح الدين عووضة * هل لاحظتم أن عازف الكمان الشهير محمدية لم يعد يبتسم حين يشارك بالعرض في المناسبات الغنائية؟!.. * بل هل لاحظتم أن ابتسامته التي لم تكن تفارق شفتيه قد حل محلها ما يوحي بالشعور بالحزن والأسى و(الأسف)؟!.. ان كنتم لاحظتم فقد لاحظتم اذاً كذلك أن ما اعترى محمدية من تغيُّر ينسحب على آخرين من زملائه العازفين بالأوركسترا (الذهبية) للاذاعة والتلفزيون.. * ومسببات هذا التغير الانفعالي الابداعي لاتحتاج الى كثير اجتهاد.. * فالذين كانوا يعزفون ألحان اغنيات من قبيل (شجن)، و (قلت أرحل)، و (في سكون الليل)، و (ضنين الوعد) أضحوا عاجزين الآن عن التفاعل مع أجواء (القنابل!!) و(تُلَُّب!!) و (رجال المرا!!) و (الحركات الما ظريفة!!).. * وفي غمرة هذه الاجواء (الحزائنية) في مجال الطرب ببلادنا يُفجع الناس بخبر (حزين) عن عرض منزل (مطرب القرن) افريقيا للبيع في المزاد العلني.. * ففنان افريقيا الاول للقرن العشرين غير قادر على دفع ما تبقى من أقساط بيته في وقت (يتمخطر) فيه نازعو البسمة عن وجه محمدية بالفارهات (الشريفية!!!).. * ولو كان وردي (خطف رجله) الى ولاية مادوغري النيجيرية حيث الشريف لكان لديه (بدل) البيت (تلاتة) ربما.. * ولكن الشريف قد يكون غير راغب في أمثال وردي والكابلي ومحمد الأمين ولو (خطفوا أرجلهم) اليه وانما هو راغب (بشدة) في اللائي يقلن بعد عودتهن منه: (مافي راجل مسك رجليَّ).. * والعبارة التي ختمنا بها الفقرة اعلاه للعلم، قيلت بصيغة أكثر ابتذالاً عبر صحيفة فنية فألبسناها نحن ثياب (حشمة!!) قدر المستطاع.. * فهذا هو (الواقع) الفني الذي يبدو ان الانقاذ ذات الشعارات الاسلامية تريد له أن يكون سائداً في بلادنا.. * فالانقاذ في بدايات حكمها حاربت الفن الأصيل من أجل أن يحل مكانه فن (الجلالات)، وأناشيد الجهاد، وأغنيات قيقم وبخيت وشنان الحماسية.. * فلما لم ينجح الأمر هذا (انقلبت) أي الانقاذ مائة وثمانين درجة وكأنما تقول بلسان الحال: (عليّ وعلى شعبي) وفتحت الأبواب على مصاريعها امام ما كان يوصف قبل استلامها السلطة ب (الفن الهابط!!).. * ثم أصحاب الفن هذا يغدون ويروحون تحت سمعها وبصرها و(أجهزتها!!) في (رحلة الغثاء والكيف!!!) الشريفية.. * والانهيار الأخلاقي حين يحدث لا يكون وقفاً على الفن وحده وانما يشمل منظومة القيم كافة.. * وبالأمس القريب هذا صدر تقرير عالمي جديد ذو صلة بالاخلاق وصم بلادنا بانها ثالث أكبر الدول (فشلاً!!) في العالم.. * أي أن السودان هو (ثالث الطيش).. * ولكن حكومتنا تبدو (مبتسمة!!) رغم الواقع هذا ولو هجر محمدية وصحبه (الابتسام!!).. * وتبدو (طَرِبةً!!) ولو ضجَّ فضاء (الطرب) بأغنية (حرامي القلوب تُلُّب!!).. * وتبدو (سعيدة!!) ولو (حزن) الشعب لعرض منزل رمز من رموزه الابداعية للبيع في المزاد العلني.. * وقل أن يقفز أحدهم داخل منزل وردي (تُلَُّب) بالطرق القانونية نهيب بمحبِّي فنه، وكل فن أصيل، أن يستمعوا الى رائعته (وطنا).. * ثم أن يتمعنوا في المقطع الذي تقول كلماته: بناتك عيونن صفاهن سماي.. وهيبة رجالك بتسند قفاي.. * ولن يحتاج وردي بعد ذلك باذن الله الى أن يقول: (قلت أرحل!!!) حسبما رشح من أخبار. * بل سيقول: (ما في داعي!!!). أجراس الحرية