وين خلف الله ؟! صوفيا حسن [email protected] بحثت بعمق لمعرفة خفايا ومسببات قضية ظهرت حديثا على الساحة السودانية بالرغم من جذورها تلك المنغرسة فى عمق التربة السودانية . عشرات من الجثث ملقية فى أنحاء مختلفة من العاصمة المثلثة ! كنت أتوقع أن تكون هناك ردة فعل ضاربة تخرج معها الجماهير ثائرة منددة بالأيادى الخفية (أو غير الخفية ) التى قتلت أولئك الأبرياء ممن يطلقون عليهم \" المشردون \" . للتطرق إلى ظاهرة تشرد الاطفال رأينا هنا انه لابد من البحث وتتبع كيفية تعامل الجهات الرسمية مع تلك المشكلة . عند نشأة مصلحة الشئون الإجتماعية فى أواخر الستينيات من القرن الماضى كان على رأسها الأستاذ/ أبو عاقله يوسف (رحمه الله ) ضمن وزارة الإستعلامات والعمل والشئون الإجتماعية . وكانت المصلحة مقسمة إلى عدة أقسام منها قسم البحوث وكان على رأسه السيد/ محمد زكريا بالإضافة إلى قسم الشباب والرياضة وعلى رأسه حسين بشير (رحمه الله ) وقسم المرأة . بعد أقل من عامين قام إنقلاب النميرى فى 25 مايو 1969 وبها تم تقسيم المصلحة ، فتحول قسم الشباب والرياضة ليصبح وزارة قائمة بذاتها وتصبح الشئون الإجتماعية قسما من أقسام وزارة الشباب والرياضة . وكما هو معلوم بدأت مايو فى التصفيات والمصادرات . ومن ضمن المبانى المصادرة كان منزل بيطار الذى إنتقلت إليه مصلحة الشئون الإجتماعية . بدأت مصلحة الشئون الإجتماعية فى تكثيف عملها البحثى وكان \"بحث التشرد \" فى العاصمة المثلثة قد أخذ الإهتمام الأكبر من المصلحة التى جاء على رأسها السيد/ عثمان محمد الحسن . وأوكل البحث للسيد/ خلف الله إسماعيل . وإستمر السيد/ خلف الله فى توسيع دائرة البحث . بعدها تحولت مصلحة الشئون الإجتماعية إلى وزارة قائمة بذاتها وعلى رأسها السيده/ فاطمة عبد المحمود وهى ذات الوزارة التى تحول إسمها لتصبح وزارة الرعاية الإجتماعية . وتنتقل مبانيها إلى مقرها الحالى فى شارع الجامعة . صاحب كل تلك التطورات تطورا ملحوظا فى بحث التشرد حيث العينة التى شملها البحث قد زادت بأعداد كبيرة وذلك نتيجة للأعداد الهائلة التى رصدها المسح الأولى \" بايلوت سيرفى \" لتلك الظاهرة . الدكتورة (الوزير) فاطمه عبد المحمود أولت التشرد إهتماما كبيرا وكانت فى معظم إجتماعاتها الدورية فى الوزارة أو عند زيارة الوفود من خارج الوزارة ويتم طرح موضوع التشرد ، قيل أنها كانت تتلفت ثم تقول \" وين خلف الله؟ خلف الله وينو ؟\" ويأتى السيد خلف الله مهرولا ليعرض مالديه من معلومات . ثم إنضم إلى فريق البحث باحث آخر هو الأستاذ/ صلاح ثم الأستاذ/ احمد ابراهبم ثم الأستاذ/ محمد زكى . بالرغم من كل تلك الجهود لم تتمكن الوزارة من إيجاد الحل الأمثل لظاهرة التشرد فى العاصمة المثلثة ! وكانت الجهات الرسمية وبكل أسف تتعامل مع الظاهرة بشكل لا إنسانى ، حيث كانت الجهات الأمنية عند زيارة رئيس أو أحد الضيوف للسودان تطاردهم وتعتقلهم وتتحفظ عليهم بالحجز فى أقسام الشرطة إلى أن تنتهى الزيارة وذلك كما كانوا بعتقدون بغرض عدم إظهار الوجه القبيح للدولة ! وليتهم كانوا يعلمون أنه ليس هناك أقبح مما كانوا يقومون به حيال اناس ظلمتهم الحياة ليضاف إلى ذلك ظلم الإنسان لأخيه الإنسان ! فى إعتقادى ، إن معالجة ظاهرة التشرد ماكان يجب أن تترك للجهات الرسمية بدون الإشراك الكامل لمنظمات المجتمع المدنى . فمنظمات المجتمع المدنى كما هو معروف عالميا لها مصادر متعدد للتمويل كما أنها لاتتقيد بالروتين الحكومى \"رد تيب \" . وظاهرة كالتشرد لاتحتاج إلى تلك الرسميات المقيدة للحلول بسبب التمويل ، بل تحتاج إلى قرارات يصاحبها سرعة فى التنفيذ . ثم جاء هؤلاء القوم الذين لايخافون الله ، وغيروا من أسلوب التعامل مع تلك الفئة من المستضعفين ، فعوضا عن إيداعهم الحراسات كما كان فى عهد النميرى ، رأوا أن قتلهم إن لم يحل القضية حتماً سيخفف من نفقات الصرف عليهم فى الحراسات ! وماذا نتوقع من نظام شيمته القتل والدمار؟! بكل أسف مقتل أو فقدان العشرات من أولئك الأبرياء لم يجد الإهتمام الكاف فى الداخل أو الخارج ويكاد الأمر أن يمر من دون محاسبات أو مظاهرات !!هل ذلك بسبب تضييق السلطات على الحريات ، أم لضعف فى بنية منظمات المجتمع المدنى والمنظمات القانونية وحقوق الإنسان السودانية التى لم تتمكن من إبراز القضية إلى دائرة الإهتمام العالمى ؟! إلى متى السكوت على جرائم هذا النظام ؟! ومتى ستعود للسودانى تلك النخوة التى عرف بها والتى تتمثل فى نجدة الضعيف والمظلوم ، وعلام الإنتظار ؟!!!! هل هناك ظلما أكبر من أن يقتل أطفال أبرياء وعلى قارعة الطريق؟!!!!! أفيدونا يرحمكم الله .