بسم الله الرحمن الرحيم من أجل الصحة لا بد من البتر!! د.سيد عبد القادر قنات [email protected] وقد تحركت قواتكم المسلحة اليوم لإنقاذ بلادنا العزيزة من أيدي الخونة والمفسدين لا طمعا في مكاسب السلطة بل تلبية لنداء الواجب الوطني الأكبر في إيقاف التدهور المدمر ولصون الوحدة الوطنية في الفتنة والسياسة وتامين الوطن وانهيار كيانه وتمزق أرضه ومن اجل إبعاد المواطنين من الخوف والتشرد والجوع والشقاء والمرض . هذه هي الفقرة الأخيرة من خطاب الإنقاذ في 30/6/1989 والتي بشرت الشعب السوداني بإبعاده من الخوف والتشرد والجوع والشقاء و المرض، فهل تحقق إبعاده من المرض ؟ (أدي التدهور الاقتصادي إلي خراب المؤسسات العامة وانهيار الخدمات الصحية والتعليمية،): ونسأل هل إنعدل الحال فقط من ناحية الخدمات الصحية بعد مضي 22 عاما من الحكم؟؟ لقد امتدت يد الحزبية والفساد السياسي إلي الشرفاء فشردتهم تحت مظلة الصالح العام مما أدي إلي انهيار الخدمة المدنية ولقد أصبح الولاء الحزبي والمحسوبية والفساد سببا في تقديم الفاشلين في قيادة الخدمة المدنية وافسدوا العمل الإداري و ضاعت بين يديهم هيبة الحكم و سلطان الدولة ومصالح القطاع العام . ونسأل هل نجحت الإنقاذ في وضع الرجل المناسب في المكان المناسب من أجل خدمات صحية متكاملة لصالح المواطن وهو في أسوأ حالاته _ المرض_ ؟ جاء إنقلاب الجبهة القومية الإسلامية تحت غطاء القيادة العامة للقوات المسلحة ومازالت مقولة إذهب للقصر رئيسا وأنا أذهب للسجن حبيسا عالقة بآذان الشعب السوداني ، وستظل هكذا إلي أن يرث الله الأرض ومن عليها. نود في هذه العجالة أن نسلط الضوء علي فشل الإنقاذ في إدارة وزارة الصحة الإتحادية حتي وصلت الصحة إلي درجة من الإنهيار ربما لن يتمكن القائمون علي أمرها مستقبلا من إصلاحه إلا بشق الأنفس. كان سيف الصالح العام قد أعمل سنانه في كثير من الكفاءات المشهود لها بالعفة والنزاهة والتجرد والوطنية والخبرة التراكمية الإدارية والإنسانية بين قبيلة الأطباء ، وبجرة قلم تم نقل الكثيرين تعسفيا وإحالة آخرون للصالح العام وتم إفراغ المستشفيات وإدارات الصحة من كثير من من شهد لهم المجتمع بالسيرة والسريرة، وهكذا بدأ العد التنازلي هبوطا في الخدمة والكفاءة ، وتم إشهار سلاح التمكين وتعيين أهل الولاء مخالفة الإنقاذ ما جاءت مبشرة به في أول خطاب لها وأنها ضد المحسوبية والقبلية وفقط مع الكفاءة والمقدرة والخبرة الإدارية التراكمية. ، ولكن للنظر إلي الوضع في وزارة الصحة القومية بعد مضي 22 عاما من حكم الإنقاذ. أضرب الأطباء لإسباب جوهرية ومنطقية في عام 2003 ثم 2010 عدة مرات ، ثم في عام 2011 أيضا عدة مرات ومازالت إسباب الإضراب قائمة ،فهل تعاملت الصحة معهم بالطريقة التي تؤطر لخدمات طبية متكاملة وإستقرار الطبيب والمريض والحفاظ علي صحة المجتمع وعافيته؟ إن أحاديث المدينة تتحدث عن هجرة أكثر من 7000 ألف طبيب في أقل من عام وكان ذلك نتيجة تداعيات الإضراب وتعامل الدولة مع قبيلة الأطباء بطريقة لاتمت إلي الإنسانية ولا إلي القيم والمثل والتقاليد السودانية ، ،فهل هذا دليل عافية وصحة في وزارة الصحة؟ هل هنالك أي تقدم ملحوظ في بيئة ومناخ العمل في المستشفيات؟ هنالك ما يقال أنه ثورة صحية وثورة تعليمية ولكن هل لنا أن نسأل ما هو المقصود بالثورة الصحية والثورة التعليمية؟ هل هو كم ونوع؟ ماذا كانت نتائج الثورة الصحية والتعليميةعلي مدي تلك ال22 عاما ؟ هل التصديق بإنشاء أكثر من 30 كلية طب وتخريج أكثر من 3000 الف طبيب سنويا ،هو نهاية المطاف لخدمات صحية متكاملة ؟ كم عدد المستشفيات الجامعية بخلاف سوبا الجامعي؟ هل المنظومة الإدارية في وزارة الصحة ومستشفياتها كانت وفق خدمة مدنية تعتمد علي تراكم الخبرة والمقدرة والكفاءة؟ أم أنها كانت وفق رؤية التمكين لإهل الولاء بغض النظر عن الخبرات التراكمية والمقدرة والكفاءة الإدارية؟ هنالك عدد محدود وبسيط جدا من أهل الولاء ظلوا يتنقلون بين موءسسات وزارة الصحة ، ممسكين بكل خيوط الصحة، بل إن بعضهم ربما كانت له عدة مناصب ربما في بعض الحالات تزيد عن عدد أصابع اليد الواحدة ، فماذا نسمي هذا من منظور الخدمة المدنية والذي تحدثت عنه الإنقاذ في أول بيان لها؟ بل إن المأساة أن تجد أن من كان بالأمس خلفك بعشرات السنون قد صار اليوم رئيسك ليس بخبرته التراكمية وكفاءته ، ولكن لأنه من أهل الولاء تمكينا فقط ليس إلا، هل هذا هو العدل والقسط من أجل الوطن والمواطن وإنزال رسالة الإنقاذ التي جاءت من أجلها عبر فوهة البندقية؟ الصالح العام طال كثير من الكفاءات، وتم الإستعاضة عنهم بأهل الولاء الذين عادوا سريعا من دول البترودولار، ولكن هل أصلح العطار ما أفسده التمكين؟ بل خلق مراكز قوي داخل الموءسسات العلاجية وصار لكل منهم حزبه الذي يؤيده وهكذا كانت نهاية المطاف تدهور الخدمات الصحية التي جاءت الإنقاذ لتنقذها ، بل حتي سمعنا داخل تلك المؤسسات أن ديل أولاد فلان وديلك أولاد علان، فهل جاءت الإنقاذ من أجل هذا؟؟. هل إستفاد متخذي القرار من إحصائيات التقرير الإحصائي الصحي السنوي لوزارة الصحة؟؟ 22 عاما إنقضت من عمر الإنقاذ والصحة ما زالت في أسوأ حالاتها، فمثلا التوصيف المعياري لعدد المراكز الصحية الموصي بها ينقص بحوالي 187 مركزا صحيا بولايات دارفور مجتمعة، أليس هذا تقصيرا في صحة المواطن؟ إن المؤسسات الصحية والتي تقدم الحزمة الأساسية الكاملة في الولايات الشمالية فقط 15.3%(الحزمة الأساسية تشمل التحصين والتغذية ورعاية الحوامل والعلاج المتكامل وعلاج الأمراض البسيطة)، بعد 22 عام في السلطة فقط 36% من المستشفيات تقدم الخدمات الشاملة، وحوالي 49% تقدم الخدمات الأساسية، و15% لا تتوفر بها أي من هذه الخدمات .إن 52 من التي يطلق عليها مستشفي لا ينطبق عليها الحد الأدني من المقومات لتقديم خدمات أمومة آمنة، وأن 170 من المستشفيات تخدم كمستوي تحويل أول فقط، وهذه المستشفيات أقرب إلي المركز الصحي منها للمستشفي لإنعدام المقومات من كوادر ومعدات ومعينات.،فقط 10% تقدم خدمات أسنان،35% بها خدمات معمل،16% بها عيادات أمراض سارية،67% تقدم علاج مجاني للملاريا، 7% بها تشخيص درن، 2% فحص طوعي للإيدز ، هذا هو الوضع في موءسسات وزارة الصحة القومية ، إذا ماهي الفائدة من تلك الألوف من الكوادر داخل الصحة؟ نسبة إنفاق الصحة من الإنفاق الحكومي1.41% لعام 2007، ونصيب الفرد فقط 8 جنيه سنويا،ومعدل توزيع المستشفيات هو مستشفي لكل 100000 ألف مواطن ، و72.5 سرير لكل 10000 ألف مواطن، أما النقص في القوي البشرية والكوادر المساعدة كالآتي: 28349 التمريض،3370 محضر عملية،7520 مساعد طبي عمومي،5250 مساعد طبي معمل،2880 مسياعد طبي صيدلة،1050 مساعد طبي عيون،3050 مساعد تخدير، 1550 قابلة ممرضة،10250 قابلة قرية، 4290 فني إحصاء.وبحسب وزير الدولة بالصحة فإن عدد الأطباء العاملين بالدولة حوالي 12000 ألف طبيب فقط علما بأن العدد المسجل بالمجلس الطبي حوالي 40000 ألف طبيب وهذا دليل علي أن بيئة ومناخ العمل طارد للطبيب، وعدد الإختصاصيين لا يزيد عن 1732 حتي 2008 في الوزارة والجامعات، وهذا أيضا أبلغ دليل علي أن البلد طاردة وذلك لأن الإختصاصيين المسجلين بالمجلس الطبي حتي 2008 في حدو د 5315 ، إذا فإن معظمهم خارج نطاق وزارة الصحة والجامعات ولإسباب جوهرية تعلمها قيادة وزارة الصحة والتي عجزت عن حل مشاكل الأطباء ليس لضيق إمكانيات الدولة ، ولكن لأن من يتقلدون المناصب القيادية بوزارة الصحة ومستشفياتها ، تنقصهم الخبرة التراكمية لكيفية إدارة الأزمة المستفحلة بين قبيلة الأطباء والوزارة. نعود فنقول إن الدولة قد فشلت فشلا ذريعا في وضع الرجل المناسب في المكان المناسب من أجل إدارة وزارة الصحة وموءسساتها لخلق بيئة ومناخ عمل للأطباء وبقية الكوادر، بل إن الدولة كان همها الأول التمكين لأهل الولاء فخسرت قبيلة الأطباء وخسرا لمواطن المريض خدمات كانت بالأمس تقدم مجانا زمانا ومكانا، إن الإصلاح لابد أن يكون من داخل البيت، المستشفيات ومن ثم حوش وزارة الصحة والتي نتمني أن تكون فقط من واجباتها التدريب والبحوث والعلاقات الدولية بعد أيلولة المستشفيات إلي الولايات، أما المستشفيات فإن الكفاءة والخبرة التراكمية يجب أن تكون الفيصل لملء كل المناصب مع إعفاء كل الكوادر الحالية من مدراء ومساعدي مدراء وأمناء عامين ومدراء طبيين، ونقول المابعرف ما تديهو الكاس يغرف، يغرف يكسر الكاس ويحير الناس. وزير الصحة هو منصب سياسي بالدرجة الأولي ، ونعتقد أنه بعد أيلولة المستشفيات الإتحادية للوزارات الولائية، نعتقد أنه ليس هنالك أدني ضرورة لوجود وزير صحة إتحادي أو حتي وكيل للوزارة طالما كل التكليفات ومهام وزارة الصحة ستؤول إلي الوزارات الولائية، ومع ذلك يمكن تقليص قيادة وزارة الصحة لإدني مستوي في حدود التدريب والبحوث والعلاقات الدولية والكوارث والأوبئة. فيما مضي من زمن التمكين كنا نري العجب العجاب، يأتي الطبيب من أهل الولاء من الخارج مديرا لمستشفي أو رئيسا لقسم، ثم يتنقل من مستشفي لمستشفي ومن إدارة لإدارة ، بل بعضهم يمسك بزمام عدة مواقع ، ليس من خبرته وكفاءته ولكن لأنه من أهل الولاء وتمكينا لهم، أما سني خدمتهم وتنقلهم في أصقاع وأحراش وغابات السودان فهي ليست من المطلوبات للتعيين، فالكرسي موجود والمخصصات موجودة. لهذه الأسباب تدهورت الخدمات الصحية ووصلت حد الكارثة وليس ببعيد ما كتبته صحيفة الإهرام عن ذلك التحقيق في تلك المستشفي ، والذي كنا نعتقد أنه سقود إلي إستقالة وزير الصحة وقادة العمل الطبي وإدارات المستشفيات، ولكن كل شيء كما هو كأن ما نقلته الأهرام ليس في دولة السودان، فهل يعقل هذا؟ إن الضمير حين يموت، يموت الإنسان وتموت القيم والمثل والتقاليد والأخلاق، إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن ذهبت أخلاقهم ذهبوا، ولكن لم نكن لنصدق ما كتبته صحيفة الأهرام إطلاقا ، فواقع الحال يفرض أن يتقدم وزير الصحة لمساءلة الصحيفة ومن ثم إجراء مجالس للتحقيق وتبيان ذلك للشعب، ولكن السكات يعني إقرار بكل ما جاء في الصحيفة ، وهذا يدل علي أن الضمير والقيم والمثل قد إندثرت ، وعليه فقد وصلت حالة صحة الصحة إلي إعتلال ليس معه شفاء إلا بمبضع جراح يبتر ويبتر ويبتر وصولا للجسم السليم المعافي من أجل إستمرارية الحياة، وقطعا سيأتي هذا الجراح في يوم ما لأن حواء السودانية ولود ولم تعقر إطلاقا ففي رحمها ما زال هنالك أجيال وأجيال تؤمن بأن رسالتها تجاه الوطن ما زالت متقدة. يديكم دوام الصحة وتمام العافية