السفير السعودي لدى السودان يعلن خطة المملكة لإعادة إعمار ستة مستشفيات في السودان    مليشيا الدعم السريع تكرر هجومها صباح اليوم على مدينة النهود    منتخب الشباب يختتم تحضيراته وبعثته تغادر فجرا الى عسلاية    اشراقة بطلاً لكاس السوبر بالقضارف    المريخ يواصل تحضيراته للقاء انتر نواكشوط    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    شاهد بالصور والفيديو.. على أنغام الفنانة توتة عذاب.. عروس الوسط الفني المطربة آسيا بنة تخطف الأضواء في "جرتق" زواجها    المجد لثورة ديسمبر الخالدة وللساتك    بالصورة.. ممثلة سودانية حسناء تدعم "البرهان" وثير غضب "القحاتة": (المجد للبندقية تاني لا لساتك لا تتريس لا كلام فاضي)    المجد للثورة لا للبندقية: حين يفضح البرهان نفسه ويتعرّى المشروع الدموي    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    الناطق الرسمي للقوات المسلحة : الإمارات تحاول الآن ذر الرماد في العيون وتختلق التُّهم الباطلة    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    قرار بتعيين وزراء في السودان    د.ابراهيم الصديق على يكتب: *القبض على قوش بالامارات: حيلة قصيرة…    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    باريس سان جيرمان يُسقط آرسنال بهدف في لندن    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    صلاح.. أعظم هداف أجنبي في تاريخ الدوري الإنجليزي    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    المريخ يخلد ذكري الراحل الاسطورة حامد بربمة    ألا تبا، لوجهي الغريب؟!    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    بلاش معجون ولا ثلج.. تعملي إيه لو جلدك اتعرض لحروق الزيت فى المطبخ    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وزارة الصحة هل فقدت بوصلة الإتجاه ؟
نشر في حريات يوم 16 - 02 - 2011


بسم الله الرحمن الرحيم ….
الخدمة المدنية في السودان ونخص هنا وزارة الصحة الإتحادية ، إلي عهد قريب كانت لها أسس واضحة وراسخة في كيفية تدرج هيكلة الإدارات في الوزارة وجميع مستشفيات السودان ، وقد كانت وزارة واحدة مسئولة عن الخدمات الصحية في جميع ربوع الوطن علي إمتداده الشاسع، وزارة لها من القوة القانونية والأخلاقية ، ما يمكنها من بسط نفوذها خلف أسس واضحة وعلاقات عمل لا يشوبها شيء، لأن الكوادر الطبية والكوادر المساعدة والإدارية كانت تعلم يقينا أنه تقدم خدمة إنسانية للمواطن وهو في أسوأ حالاته، المرض.
الهرم الوظيفي للوزارة معروف سلفا، الوزير منصب سياسي، ولكن منصب الوكيل وهو التنفيذي الأول في الوزارة يأتي عن طريق واحد لا ثاني له، وهو التدرج في الخدمة داخل وزارة الصحة ، لأن أهل مكة أدري بشعابها، وكذلك الهرم الإداري للمستشفي ، مثلا أمدرمان وبحري والخرطوم ومدني والأبيض والدايات ، يتكون من المدير العام وهو أقدم إختصاصي في المستشفي من ناحية التخصص والعمر ، والحكيمباشي كذلك يكون أقدم طبيب عمومي في المستشفي، والباشممرض ورئيس العمال ورئيس السواقين وغيرها من بقية الوظائف الإدارية في تلك المستشفيات ،ربما تختلف الهيكلة من مستشفي لآخر ولكن نهاية المطاف الجميع ملتزمون بقوانين ولوائح الخدمة المدنية التي تساوي بين الحقوق والواجبات للجميع ، دون أفضلية للولاء ، بل كانت الكفاءة هي المعيار.
كان العرف السائد أن يكون كبير إختصاصي التخصص في مستشفي الخرطوم ، ومن يليه في وادمدني والثالث في أمدرمان، وهكذا الجميع يعرفون أين يقع دورهم ومتي يحين.
كانت وتيرة العمل تسير كأنها خط مستقيم ، الكل يعرف واجبه دون إبطاء، والجميع يأخذون حقوقهم كاملة دون نقصان، إحترام متبادل ووجوه منشرحة وبسمة دائمة ، يعملون كلهم كأنهم خلية نحل من أجل رسالة واحدة فقط ، يؤمنون بها تتمحور في المريض حتي ينال حقوقه كاملة من علاج مجاني داخل وخارج السودان إن إقتضت الحالة.
كانت تعيينات أطباء الإمتياز تتم للجميع بمجرد تسجيلهم في المجلس الطبي ، نعم إن عدد الخريجين وقتها كان في حدود العشرات ، ولذلك يتم تعيينهم في وقت واحد ، ولا يحتاجون للهرولة ما بين وزارة الصحة وديوان شئون الخدمة ولجنة الإختياروالمجلس الطبي، بل والإذلال الذي نراه اليوم للطبيب من بني جلدته، وهل لنا أن نسأل أين التنسيق بين وزارة الصحة المخدم الأساسي للكوادر الطبية والتعليم العالي والمجلس الطبي وديوان شئون الخدمة ولجنة الإختيار ؟ هذا يدل علي أن هنالك خللا كبيرا جدا في إدارة وزارة الصحة ، وذلك بسبب تدني قيم وسلوك وأخلاقيات الخدمة المدنية والتي كانت مضرب المثل في كل مستشفياتنا وعلي قمة هرمها إدارات وزارة الصحة ، وهذه الإدارات الحالية جاءت وتقلدت المناصب العليا لأنها من أهل الولاء فقط، أما الخبرة المتراكمة فلا مكان لها.
نأتي للصورة المقلوبة اليوم والتي تعيش مأساتها اليوم الخدمات الصحية ، ويدفع ثمنها المواطن المريض المغلوب علي أمره وكذلك مُقدِم الخدمة الطبيب أي كان وضعه والكوادر الطبية المساعدة بجميع تخصصاتها ، ونهاية المطاف يدفع الوطن ثمن هذا الخلل الإداري في كيفية إدارة وزارة الصحة لشئونها التنظيمية والإدارية والمالية والتدريبية، ليس داخل حوش الوزارة فقط ، ولكن لمعظم المستشفيات الإتحادية إن لم يكن كلها.
لنترك منصب السيد وزير الصحة الإتحادي جانبا لأنه منصب سياسي يخضع للموازنات السياسية ، ولكن نعلم أن السودان به 25 ولاية وكل ولاية لها وزير صحة من مسئولياته الأصلية الخدمات الصحية وقائية وعلاجية وتثقيفية لكل مواطني ولايته ،وهذا يدل علي أن إختصاصات وزارة الصحة الإتحادية قد تم تقليصها في ذلك الشأن ، فهل كان هنالك تقليص مواز للوظائف بوزارة الصحة الإتحادية؟؟
وزير صحة إتحادي ووزير دولة بوزارة الصحة الإتحادية ووكيل للوزارة !
الإداري الأول والمسئول أمام الحكومة والبرلمان والشعب هو وزير الصحة الإتحادي ثم وزير الدولة ثم الوكيل ثم الإدارات المختصة .ولكن الصورة اليوم تقول أنه ربما هنالك عدم تنسيق وعدم وضوح رؤيا في كيفية إدارة وزارة الصحة؟ بل ربما عدم وجود موءسسية تحكم العلاقة بينهم وعدم وضوح رؤيا لإختصاصات كل واحد منهم!
لماذا؟
نسأل ونقول دون أن نسقط إجابة بعينها علي هذا التساؤل:
الإدارة تعتمد علي البرامج والخطط المدروسة والمجازة من قيادة الدولة نحو الصحة ومتطلباتها وفق خارطة طريق لفترة زمنية متفق عليها، يلتزم بها الجميع من الوزير الإتحادي وهو قمة الهرم الإداري إلي أدني مستوي إداري في أي مستشفي ، فهل نجد مثل هذا الإسقاط ينطبق علي كيفية إدارة وزارة الصحة الإتحادية للصحة ومتطلباتها شاملة الكوادر والمباني والمعدات والتدريب الداخلي والخارجي والتعليم الطبي بجميع مستوياته والطب العلاجي والطب الوقائي والتثقيف الصحي،؟ بل لنسأل فقط هل ينطبق هذا الإسقاط والتساؤل علي كيفية إدارة وزارة الصحة علي مؤسساتها داخل حوش الوزارة دعكم من المستشفيات بطريقة ليس فيها خلل تنظيمي وإداري؟
لماذا يكون مدير عام الطب العلاجي أستاذا في إحدي كليات الطب؟ أو ربما كان عميدا لكلية طب؟ وهل يحق له ذلك؟ أليس في كوادر وزارة الصحة من الإختصاصيين من يملأ هذا المنصب؟ أليس أهل مكة أدري بشعابها؟
لماذا تستورد وزارة الصحة أطباء من المهجر بعد أن يكونوا قد صاروا من أصحاب الملايين علما بأن الدولة قد إبتعثتهم للدراسات العليا علي حساب حمد أحمد ود عبد الدافع ، ولكنهم آثروا البترودولار وتركوا صقع الجمل وأمدافوق وشنقلي طوباية وكايا والرنك وطوكر والجنينة وهبيلة والبابنوسة لأنهم لا يعرفون غير البابا كوستا، فبعد أن غنموا وإغتنموا إستدعتهم الدولة لإدارة مرافق وزارة الصحة والتي كان حريا بإدارتها من لم يغادر تراب هذا الوطن ولم يتنكروا لقيمه ومبادئه ، ولكنهم رضعوا من ثدي وطنية لا تعرف النفاق وشربوا كدرا وطينا وتغذوا بالقيم والمثل في الصحاري والوديان والغابات ولم يوالوا غير الله والوطن وإنسانه، فكان نصيبهم التجذير والإقصاء لأن تلك المناصب قد تم تفصيلها لإهل الولاء، ولا جدادة الخلا طردت جدادة البيت؟.
منصب الوكيل علي مرّ تاريخ وزارة الصحة الذي نعرفه ، يأتي عبر خدمة مدنية متأصلة ومتجذرة في وزارة الصحة يكون قد خبر دروب وضهاري وصحاري ومرتفعات ووديان الشرق والغرب والشمال والجنوب، جاب أصقاع الوطن متنقلا بين مستشفياته وعركته الخبرات والتجارب داخل المليون ميل من واقع معاش مع زملائه في الميزات لا تفرق بينهم الألقاب ما بين إمتياز وعمومي ونائب وإختصاصي.ولكن أن يكون الولاء هو أساس الإختيار ، فقد قاد إلي ما نحن فيه من إنهيار ، بل أن يكون الإختيار كما أسلفنا القول مِن مَن إغترب عشرات السنون يكتنز المال، وزملائه يكابدون في ظروف عمل لم تقنعه بأن يدفع ضريبتها وقتها ، فآثر مال الإغتراب ردحا من الزمن تاركا مرضاه ووطنه ومواطنيه الذين إقتطعوا تلك الأموال من أجل تخصصه ، ودفعوها عن طيب خاطر لقمة من فم جوعان وكسوة عريان وجرعة مريض ولبن رضيع وكراس طالب ورصاصة جندي، ولكن لم يعد فور تخصصه لإداء تلك الضريبة ، بل جاء الآن يقتنص ترف الوظيفة ، تلك الوظيفة التي لن يراها إلا بعد عمر طويل وخدمة مدنية لا تعرف غير الخبرات والتجارب والكفاءة والقدرات، خدمة مدنية لا تعرف المحسوبية ولا الولاء .
أيضا هذا يشمل إدارة الطب العلاجي وأن الإختيار لم يكن في الفترة الأخيرة له علاقة بأطباء وزارة الصحة الذين أفنوا زهرة عمرهم في مستشفياتها، ولكن يأتي من كان خارج الوطن دهورا أو من كان أستاذا أو عميدا لكلية طب! أليس في الأمر عجب وحيري تأخذ عقول أهل العلم والتقوي والنقاء؟
نأتي لإدارات المستشفيات والتي كانت إلي عهد قريب مثالا يحتذي في الأداء الإداري، ولكن اليوم حدث ولا حرج ، اليوم هو عميد الطب ، وغدا مدير الطب العلاجي ، وبعد غد مدير إدارة بوزاة الصحة، وبعدها مدير مستشفي، بس نقول بالواضح غيرو مافي؟ هل يمكن أن يكون هو الجوكر لكل تلك الوظائف؟ jack of all بس معقول كل الإختصاصيين لا يملكون مقومات إدارة المستشفي؟ بعدين كيف يمكن الجمع بين عميد طب ومدير عام مستشفي؟
تاني شي منصب مساعد المدير العام ، ما هي أسباب دواعيه ؟ ماهو الوصف الوظيفي له؟ ثم الأمين العام؟ ماهي واجباته وإختصاصاته؟ ثم مساعد المدير العام للحوادث؟ ومساعد مساعد المدير للحوادث؟ إضافة إلي مدير طبي العملية ! ومدير طبي بنك الدم ؟ ومديرطبي العاملين ؟ وعدد لا بأس يه من مدراء طبيين للحوادث ، هل هذا من أجل تجويد الأداء ورفع كفاءة أداء المستشفيات وتقليص الظل الإداري وسرعة إتخاذ القرار، أم له علاقة بالحوافز لإهل الولاء ؟
ما نعرفه وتوارثناه في إدارات هذه المستشفيات كما أسلفنا القول:
مدير عام، حكيمباشي، مدير طبي، الباشممرض، والعمل كان ماشي زي الصراط المستقيم .
الآن مساعد المدير العام ، نعم هم زملائنا ولكنهم حديثي التخرج لدرجة تسمح لنا أن نقول أن بعضهم ربما لم يدخل المدرسة عندما كنت أنا شخصيا أو بعضا من دفعتي إختصاصيون، وهذا يدل علي أن تلك المناصب قد جاءتهم عبر الولاء وليس الكفاءة ، بل ربما قاد هذا أن نقول أن مساعد المدير العام كما يقال في حديث المدينة أنه مُركّب مكنة وكيل وفي بعض الحالات مكنة وزير ! ألا يدعو هذا للتعجب والحيرة لأن المدير ربما كان بدون صلاحيات تُذكر أو أراد له القائمون علي الأمر ذلك بكثرة الإجتماعات التي لا تنتهي إطلاقا؟.
نخلص فنقول إنه علي السيد وزير الصحة وهو المسئول الأول عن كيفية إدارة وزارة الصحة حسب علمنا وحسب إختصاصات وزارة الصحة وموجهات إنشائها، أن يضع سياسة تذكُرها له أجيال لاحقة ليس بين قبيلة الأطباء والكوادر الطبية فقط ، ولكن أن يعيد لوزارة الصحة من ناحية الإدارة وما تقدمه من خدمات للمرضي وحقوق العاملين، أن يٌعيد هيكلة وزارة الصحة ليس بإضافة كراسي لإهل الولاء العائدون من الخارج أو الخريجون الجدد، ولكن حتي بهيكلة إدارات المستشفيات بتسونامي يقتلع كل من أتي عن طريق الولاء، وأن تكون الكفاءة والخبرة هي الأساس للإختيار، إضافة إلي تقليص تلك الإدارات إلي أدني حد يمكن أن يقوم بأداء العمل بحسب النظم والقوانين، إضافة إلي أن يشغل من يتم إختياره منصبا واحدا فقط، لأن التجربة دلت علي أن صاحب بالين كضاب وركيب سرجين وقاع ومساك دربين ضهاب.
الأخ وزير الصحة الإتحادي ،إن الفترة المتبقية إلي ما قبل الإنفصال ، يجب أن لا تصرفكم عن أصيل واجباتكم تجاه الخدمة المدنية بوزارة الصحة الإتحادية وأقسامها المختلفة ومستشفياتها المتعددة ، فالأدارة والنظام وفق المعايير المتعارف عليها عالميا وداخليا ،هي أساس التقدم والنمو والإزدهار لما تقدمه وزارة الصحة من خدمات، وهذا ما تفتقده وزارة الصحة اليوم ، بل إن مئات المرضي قد هاجروا طلبا للعلاج ووزارة الصحة لا يعنيها هذا الأمر،والدليل أن قيادة وزارة الصحة في عراك منذ شهور خلت بل إن الغسيل هذا قد تم شرّه علي كل صفحات الصحف وإنعكس ذلك سلبا علي الخدمات الصحية ، و إن حوالي 5000 ألف طبيب قد هاجروا إلي السعودية وحدها منذ فبراير الماضي، ومع ذلك لم تحرك إدارات وزارة الصحة ساكنا ولم تقم بدراسة هذه الظاهرة والعمل علي حلها، وبالأمس القريب تقدم الأطباء ببيان يوضحون فيه رغبتهم الأكيدة في تقديم إستقالات جماعية ، أليس هذا ناقوس للخطر كنا نعتقد أن تتداعي له قيادات وزارة الصحة من أجل الدراسة المستعجلة والحلول الناجعة بعقد المؤتمرات والندوات وإشراك الحادبين علي أمر الصحة والمواطن والوطن؟، ولكن للأسف قيادة وزارة الصحة وإدارات المستشفيات همها الأول والأخير هو الإستمراية في كراسي السلطة ، وأن كل واحد منهم يحاول تكبير كومه وإستمالة من يقدر إلي صفه ، وهم قطعا لا يدركون أن المناصب لا تدوم ، وأنهم لا يدركون أن الأمارة أمانة ويوم القيامة خزي وندامة،(( ألم يسمعوا كلام رئيس وزراء تركيا: نحن بشر ، نحن فانون)) فقط عليهم أن ينظروا إلي من سبقهم وقد كانوا أكثر خبرة ودراية ووطنية وتجردا وقربا بزملائهم ، ولكن المكتولة ما بتسمع الصايحة. .
ما تتناقله أحاديث المدينة اليوم من خلاف بين قمة قيادة وزارة الصحة ممثلا في السيد وزير الدولة والسيد الوكيل لهو أبلغ دليل علي ما ذكرناه بعاليه من خلل واضح في كيفية إدارة وزارة الصحة وإدارة المستشفيات، فهل يعقل أن تكون العلاقة بينهم مثل لعبة الكديس والفار؟ نقول إن قمة المسئولية في وزارة الصحة الإتحادية، إن كان هذا ديدنها ، فقطعا المتضرر والخاسر الوحيد هو المريض السوداني والكوادر الطبية وفوق ذلك الوطن؟ أليست هنالك لوائح وقوانين تحكم تلك العلاقة؟ هل وزارة الصحة ضيعة لإحدهم بتصرف فيها كيفما يشاء نقلا ونقل مضاد وتعيينات ؟ ماهو واجب وزارة الصحة تجاه المواطن، وما هو هدف إنشائها؟ ما هو دور السلطة السياسية العليا فيما يحدث اليوم داخل حوش وزارة الصحة ومستشفياتها؟وفوق ذلك الفساد الذي أزكم النفوس وإتفاقية نقل الأعضاء وزراعتها وما تناقلته الصحف؟ ثم لندلف علي فساد وريحة نتنه طفحت من ذلك المستشفي الإتحادي وإشارات الأستاذ مصطفي أبو العزائم لذلك الفساد الذي بدأ ينخر مثل السوس في الوزارة ، وقادة وزارة الصحة وإدارات المستشفيات كأن ما يحدث ليس له علاقة بوزارة الصحة السودانية ، بل ربما كان في بلد الواق واق.
إن إعادة هيكلة وزارة الصحة الإتحادية من ناحية إدارية ، إضافة إلي هيكلة إدارات المستشفيات وفق خارطة طريق تكون معروفة وفق دراسة متأنية لا تغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أفرزت لها حيزا ، وفوق كل ذلك فإن الكفاءة والخبرة المتراكمة والتضحية ونكران الذات والقيم والمثل والأخلاق السودانية لابد أن تكون هي في قمة إهتمامات أي إدارة مهما كان ولائها للنظام والذي نتمني أن لايكون له أدني موقع في هذه الهيكلة المرتقبة، بل نؤكد أن تكون المناصب وفق الحوجة الفعلية والخبرة التراكمية وليس ترضيات ، مثلا طبيب لم يعمل في مستشفيات وزارة الصحة لفترة تزيد علي العقدين ، أن لا يتقلد منصب وكيل أو مدير عام، بل لماذا لا يتم إختيار المدير العام من بين أطباء المستشفي بطريقة ديمقراطية شفافة ولفترة محددة،؟
وأطباء الجامعات لجامعاتهم وأن لا يتغولوا علي إدارات وزارة الصحة ومستشفياتها ، ولكن أن تستفيد منهم الوزارة أكاديميا وخدميا، وحتي منصب عميد الطب أن تكون هنالك شروطا واضحة .
ربما يحق لنا أن نسأل قيادة وزارة الصحة الإتحادية ولا نحتاج لإجابة، هل يوجد ضمن مستشفياتها العاملة الآن مستشفي تعليمي بحق وحقيقة حسب المتعارف عليه؟ إفتتاحات كثر تتم ، ولكنها لمباني صرف عليه الشعب دم قلبه، وبالأمس القريب تم إفتتاح مجمع عمليات مستشفي الخرطوم، فهل بدأ العمل فيه أم تم إغلاقه بعد الإفتتاح؟ ألم يظهر إعلان في الصحف لحوجة عدة مستشفيات لبعض التخصصات؟ ألا يوجد من هذه التخصصات من تخرج بالأمس ولكن لا يجد وظيفة؟ ومع ذلك من تودون أن يأتوكم تتعاقدوا معهم بعشرات الملايين، ومن يعملون الآن في أسوأ الظروف تعطوهم الملاليم! مالكم كيف تحكمون ؟
وهذا ما ظهر وطفي علي السطح بل ربما كان مثل جبل الجليد الذي لا يظهر إلا عشره طافيا علي سطح الماء ، والغائص تسعة أعشار، وكل ذلك بسبب التناحر والتشاكس وتكبير الكيمان ولنقلها علنا كل واحد عمل ليهو لوبي خاص به!!
السودان اليوم علي أعتاب شهور تفصله من إعادة ترتيب حدوده الجغرافية مع دولة جنوب السودان ، ويكفي السودان ما لحق به من دمار وخراب علي مدي أكثر من عقدين في مجال الخدمة المدنية وإنهيارها إنهيارا تاما لسبب تولية أهل الولاء كل مفاصل القيادة وإدارة شئون البلاد والعباد في وزارة الصحة الإتحادية، الآن لابد من مفاصلة وتسونامي يهز ويزلزل مفاصل تلك الوزارة عبر الخبرة المتراكة والكفاءة والمقدرة، بركان يكنس كل فساد أمامه ، ليس تصفية حسابات وتسويات وعفي الله عما سلف، ولكن بركان يحاسب كل من ثبت أنه أجرم في حق الشعب السوداني عبر وزارة الصحة وبالقانون وليس إتهاما دون أدلة وبراهين، وأن يكون ذلك عبر صحائف يمكن الإضطلاع عليها لكل من أراد ذلك، وأن تكون المحاسبة عبرة وعظة لكل مسئول تقلد منصبا ،عليه أن يُدرك أنه أتي لخدمة الوطن عبر موقعه هذا وليس لخدمة ذواته الفانية عبر إستغلال ذلك المنصب.
أخيرا إذا فقد المواطن المريض والشعب الثقة في الطبيب وهو قد أدي قسم أبقراط، ذلك القسم الذي يؤطر للقيم والمثل والصدق والأمانة والنزاهة والأخلاق والحفاظ علي أرواح البشر، فكيف نأتمن مثل ذلك الطبيب علي هذا القسم وقد حامت حوله شبهة فساد وإفساد وتناحر وتشاكس وتكبير كيمان وترك الجوهر إلي القشور؟
ما قبل الأخير:
نقابة أطباء السودان بإنجلترا وآيرلندا تكافح وتناضل وتجاهد من أجل الإرتقاء بالخدمات الطبية في السودان عبر توأمة بينها ووزارة الصحة الإتحادية والكليات الملوكية بإنجلترا وقد كان قمة ذلك توقيع إتفاقية وخارطة طريق يتم عبرها توفير التدريب للطبيب السوداني في مجالات النقص عبر برامج مدروسة للحوجة الفعلية وقد كان وزير الصحة الدكتور عبد الله تية هو أحد الموقعين والضامنين لهذه التوأمة والإتفاقية وبحضور قيادة مجلس التخصصات الطبية ونقابة أطباء السودان فرع إنجلترا وآيرلندا أمتوبر 2010، ولكن ما زالت الخطي عرجاء ، علما بأن جهودا جبارة قد بذلتها تلكم النقابة حتي صار الحلم حقيقة بالإتفاقية ، ولكن التنفيذ الفعلي علي أرض الواقع لم يري النور بعد ربما كان بسبب أن أدارات وزارة الصحة لم ترتقي لمستوي المسئولية الوطنية وتقوم بتفعيل تلك الإتفاقية ، أو ربما لإسباب أخري ونظرتهم لنقابة أطباء إنجلترا وآيرلندا كأنها خصم للنظام القائم ولا يرغبون في دعم مشاريعها مهما كانت إيجابيتها للطبيب السوداني والنهوض وترقية الخدمات الطبية للمواطن السوداني الفضل، وهذا يؤكد ما سقناه في حديثنا أن بعض إدارات وزارة الصحة والمستشفيات دون الكفاءة والخبرة التراكمية والمقدرة علي الإبداع وإبتكار المفيد ودعمه من أجل المواطن المريض، لأن عقلية المؤامرة والطابور الخامس والمعارضة هي التي تُسيطر علي مخيلتهم وعقولهم وتفكيرهم، وعليه دون إحداث تغيير جذري في هيكلة ومفاصل وزارة الصحة وإدارات المستشفيات، فكأنك يا أبزيد ما غزيت .
ما قبل الأخير ، نعتقد أن إتحاد أطباء السودان والجمعية الطبية السودانية ونقابة أطباء السودان بإنجلترا وآيرلندا لهم دور عظيم في ما يحدث داخل وزارة الصحة، لأن الخدمات الطبية لابد لها من بيئة ومناخ يتيح لمُقدم الخدمة أن يكون في وضع يؤهله من أجل الإبداع والإرتقاء والتجويد، وعليه فإن وجهة نظرهم لهي صمام الأمان للمضي بسفينة وزارة الصحة إلي بر الأمان، ولابد لهم من الإدلاء برأيهم متجردا واضعين نصب أعينهم الخدمات الطبية وما لحقها من دمار، وأنه لا يصح إلا الصحيح نهاية المطاف ، بل ألا يستحق المواطن السوداني وهو في أضعف حالاته المرض أن يجد الرعاية اللازمة ومن الكفاءات والخبرات داخل الموءسسات العلاجية الحكومية؟ يجب بل يُفترض أن تُقدّموا النصح للقيادة السياسية العليا للوطن قبل أن تلحق الخدمات الطبية في السودان سفينة تايتنك وتصل إلي قاع البحر وعندها إلي من يلجأ المواطن السوداني؟ أنتم قادة العمل النقابي في الوطن من جانب الخدمات الطبية ، والوطن صرف عليكم حتي وصلتم إلي ما أنتم فيه، أفلا ترُدّون الدين نصحا وإرشادا وتقويما ، أليس الدين النصيحة؟ وما زالت الفرصة مواتية وهي أمانة في أعناقكم قد طوقكم بها الشعب السوداني، فهلا تكرمتم؟
أخيرا :
إن السلطة السياسية مناط بها إحقاق الحق وحسم هذا الجدل والخلاف الدائر، فإن النار من مُستصغر الشرر، وشرارة الخدمات الطبية إن إشتعلت ستقضي علي الأخضر واليابس وعندها لن ينفع عض بنان الندم، إن القرار الفوري الحاسم لهو العلاج الناجع ، وفي بعض الحالات لابد من بتر العضو المصاب حتي لا ينتشر المرض لكل الجسم ، وإن أي تأخير في إجراء البتر للعضو المريض ، سيقود إلي تسمم الجسم وهذا سيزيد من معاناة المريض والذي ربما أورده هذا التسمم الهلاك وأفقده حتي حياته، فهل تنظرون إلي إنتشار المرض وتسمم الجسم وحتمية النتيجة؟؟ ربما لانجد سرير في غرفة العناية المكثفة لإدخال المريض وعندها سيكون المريض علي أسعاف يستجدي سريرا لإنعاشه، وعندها فإن الموت السريري واقع لا محالة.
يديكم دوام الصحة وتمام العافية
sayed gannat [[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.