الصحافة السودانية...رحلة بدون شراع وأحزان بلا شواطئ!! تقرير.. حسن بركية [email protected] مع سيل الأزمات التي تتكاثر بمتوالية هندسية في المشهد السياسي السوداني كانت الصحافة السودانية ولازالت (الحيطة القصيرة) لكل أصحاب الأجندات الذاتية والرؤي الكسيحة، وتصب كل إفرازات الواقع السياسي والاقتصادي في ماعون الصحافة فتصيبها بأمراض عديدة، وتشكو المؤسسات الصحفية لطوب الأرض من سوء أحوالها إلا قلة سارت في زمرة السلطات وغرفت من (العطايا والهدايا والمنح). (1) وتعترض صناعة الصحافة عقبات كثيرة جدا تثقل كاهل الصحفيين وتقعد بالصحافة وتحول بينها وبين أدوارها وأهدافها، وفي أكثر من مناسبة تداعي (أهل الوجعة) الصحفيون لمناقشة هموم المهنة وقدمت العديد من الملاحظات والأفكار لتطوير المهنة وخلق بيئة عمل صحفية تليق بعمر ومكانة الصحافة السودانية وكان الصحفي المخضرم ادريس حسن من الذين قدموا (روشتات ) لمعالجة الداء العضال الذي استوطن في جسد الصحافة السودانية ويقول ادريس حسن (فالصحافة في السودان مازالت تحتاج الى الكثير من الجهد والدعم لكي تصل الى صحافة العصر، ولكي تقدم ما هو مطلوب منها بكفاءة، فالصحف تفتقد الى الكوادر المدربة في المجالات المهنية كافة، كما تفتقد شركات الصحف القائمة الى البنية المؤسسية، فأغلب الصحف الآن ترزح تحت مديونيات ضخمة،). (2) وفي الأونة الأخيرة كثر الطرق علي المخاطر التي تواجه الصحافة السودانية والمهددات الكثيرة التي تحيط بها من كل جانب وخاصة أن الصحفييين (ظهرهم مكشوف) في غياب نقابة حقيقية تعبر عن همومهم وتدافع عنهم، ويظل الصحفي يواجه بمفرده كل نوائب الدهر ومصادفات المقادير،واتحاد الصحفيين يشغل نفسه بقضايا انصرافية وأصبح غريب الوجه واللسان في الوسط الصحفي لايأبه له أحد ولايتذكره صحفي . يقول النور أحمد النور رئيس تحرير صحيفة الصحافة الذي تحدث في ندوة شبكة الصحفييين السودانييين عن مستقبل مهنة الصحافة:‘‘ أن صناعة الصحافة مواجهة بالعديد من المشاكل بسبب الضرائب واستحقاقات المطابع وحجب الإعلان و الوضع يتطلب تعاون الجميع من اجل وضع حلول لإصلاح واقع العمل الصحفي. (3) ومن العقبات التي تقف في طريق الصحافة السودانية البنية القانونية المكبلة لحرية الصحافة والملاحقات القضائية المتواصلة للصحفيين وتستقبل سجون الخرطوم المختلفة الصحفيين بشكل شبه يومي ويقول المحامي طه ابراهيم لايمكن عزل قضية حرية الصحافة عن البنية القانونية والدستورية الموجودة في البلد ونحن بحاجة إلي تأسيس بنية تحية قانوية شاملة وتوطين ثقافة دولة القانون. ويضيف طه ابراهيم في البيئة القانونية الحالية لايمكن أن تنشأ حريات وبالتالي لانتوقع قانون جيد للصحافة. عديدة هي المشاكل في دنيا الصحافة ولكن يمكن حصرها في العقبات الأساسية ومنها، التوزيع والاعلان والضرائب والتدخلات الحكومية والملاحقات الجنائية والقانونية وإرتفاع تكلفة صناعة الصحافة (مدخلات الانتاج) والرقابة بأنواعها المختلفة(القبلية والبعدية والذاتية)! (4) وقال تقرير صادر عن شبكة الصحفيين السودانيين أن مستقبل الصحافة في السودان سيكون في خطر ما لم تطبق إجراءات جادة لحماية الصحفيين من الانتهاكات المتعددة وسن قانون جديد يحظى بإجماع القاعدة الصحفية وتوسيع مشاركة الصحفيين فى ميثاق الشرف الصحفي والعمل علي صناعة مؤسسات صحفية راسخة. وكان الاستاذ عادل الباز رئيس تحرير صحيفة الأحداث قد رسم قاتمة جدا لواقع ومستقبل الصحافة السودانية وقال في ندوة شبكة الصحفيين السودانيين عن هموم ومستقبل مهنة الصحافة ‘‘مهنة غير مستقرة تحاصرها المشاكل من كل الجوانب، فكرة إندماج أكثر من صحيفة في مؤسسة واحدة فكرة غير واضحة المعالم وقيام مؤسسات صحفية كبيرة إحتمال ضعيف وبعيد المنال في الوقت الحالي وأفق الحل الفردي أفق مسدود وكل الناشرين يلعبون في الزمن الضائع وفي النهاية ستنهار كل المؤسسات الصحفية‘‘. (5) وتلاحق الحكومة الصحفيين عبر مؤسساتها وأذرعها المختلفة ويقضي الكثير من الصحفيين جل وقتهم في المحاكم والنيابات ومؤخرا قام جهاز الأمن والمخابرات برفع دعاوي ضد عدد من الكتاب والصحفيين ومنهم الصحفية فاطمة غزالي التي تقبع خلف القضبان في سجن النساء بأم درمان في لحظة كتابة هذا التقرير. يقول المحامي نبيل أديب في الأونة الأخيرة أصبحت المحاكم تحاكم الصحفيين بجرائم غامضة في حين لاتحاكم الصحف التي تنشر حملات الكراهية، ويضيف أديب أوامر منع النشر لها حيثيات ومقيدة بقيود ومانشاهده الآن فيه تجاوز وأيضا مادة إشانة السمعة لايجب أن تكون فيها سجن وهي ليست مسألة جنائية، ولايوجد عقاب علي الرأي إلا في حالة إتصاله بحملات إثارة الكراهية ضد طائفة أو عقيدة ..الخ. (6) يقول الصحفي فيصل محمد صالح مؤخرا كثرت أوامر حظر النشر وتكاد تكون قاعدة ليصبح الشاذ عدم وجود الحظر وفي الغالب تستخدم أومر حظر النشر لحماية جهة حكومية وليس لحماية الضعفاء. ويضيف صالح أن واقع الحريات الصحفية في السودان يتدهور بصورة سريعة ويحتل السودان مرتبة متأخرة جدا في مؤشرات حرية الصحافة في العالم. ومن جانبه يري الصحفي أحمد عبد المكرم أن هناك سلبيات في الواقع الصحفي لايشار لها كثيرا مثل سيطرة مادة الرأي علي الصحافة علي حساب الاشكال والمعالجات الصحفية الأخري وإرتفاع أجور ومخصصات كتاب الرأي علي حساب المحرريين المهنيين. انتهي حديث مكرم ولكن أسئلة الواقع الصحفي لاتنتهي وتبحث عن اجابات سريعة قبل فوات الأوان!! .