[email protected] لا يحسبن أحد أنه يمكن أن تقوم لنا قيامة بغير عقد دستوري جديد لما تبقي من السودان أو أن يستقيم لنا أمر بغير الديمقراطية الحقة فبدونهما سوف تزهق روح الأمة ، فالسودان القديم بكل مآسيه والآمه ومظالمه يجب أن يذهب غير مأ سوف عليه ، فالسودان القديم فشل في تحقيق الوحدة بكل معانيها كما فشل في أحداث تنمية حقيقة ومتوازنة بين أقاليم السودان وفوق هذا فشل في إزالة المظالم التي تراكمت وتفاقمت خاصة في الهامش فهذا السودان يجب أن نهيل عليه التراب ونترحم علي روحه ونسأل الله العلي القدير أن يغفر له ، وأن نفتح صفحة جديدة نقيد فيها العقد الدستوري الجديد فنحن في حاجة إلي اتفاق علي هذا العقد الجديد أن أردنا أن نحيا حياة كريمة ، فانفصال الجنوب يعني عهد جديد لباقي السودان المسمّي السودان الشمالي فعلينا أن نتداعي علي قدم المساواة لمؤتمر جامع نحدد معالم هذا السودان الجديد القائم علي مبدأ المواطنة والديمقراطية والحرية واستقلال القضاء ورفاهية الشعب والتنمية المتوازنة هذه ليست كلمات رنانة نطلقها علي الهواء بغير مضمون كما درج عليها ساسة هذه البلاد ، فكل من يظن أو يتصور أن تسير الأمور في السودان علي هدي النهج القديم والتركيبة القديمة يظل واهما أو أحمقا ولا مكان للحمقي في عالم اليوم ، هذه البلاد تحتاج إلي إعادة الهيكلة علي أسس جديدة يحس بها أي مواطن في أي موقع من السودان أنه شريك أصيل في ادارة هذه البلاد بل يكون شريكا في وضع هذه الأسس بحكم كونه ينتمي لتراب هذا الوطن ، لا أقصاء لأحد ولا سيطرة لأحد فكلنا سواسية كأسنان المشط وهذه الهيكلة والأسس الجديدة ليست خصما من أحد بل لمصلحة الجميع ، أن المخاطر المحدقة بالبلاد داخليا وخارجياً مدعاة لأولي الألباب في الحكومة أن يبادروا إلي بسط الأمر هكذا للشعب عبر ممثليهم في الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني وقواه الحية وعبر الأقاليم ليصنعوا جميعاً اللبنة الجديدة كأساس لسودان جديد , في يقيننا هذا هو المخرج الوحيد من عنق الزجاجة لتي نحيا فيها الآن ومن يرفض هذا الطرح فلا يلومن إلاّ نفسه ، من يظن أن الأمور سوف تمضي كما كان في الماضي يفتقر إلي الرؤية الصحيحة وإلي عدم استيعاب المعطيات الحالية فالمجتمع السوداني ما عاد ساكنا بل تحرك إلي الأمام فقد أدرك الجميع حقوقهم فلا مكان للاستغفال أو الاستجهال تحت أى زريعة !! فالثوارت التي اندلعت في الأطراف لم تكن وليدة الصدفة ولا لتحقيق أطماع أشخاص يريدون المناصب والمغانم , ولكنها ثورات شعوب تطالب بحقها وتسعي لانتزاعها فالحقوق تنتزع ولا توهب من أحد فدارفور انتفضت واستصعت علي الحل العسكري وجنوب كردفان ثارت ولا تنفع معها القمع والنيل الأزرق تتأهب للثورة والشرق وكلنا في الهم شرق تنذر بشر مستطير والوسط يموج بالثورة المكتومة منذ أمد بعيد وهو القلب النابض لهذه البلاد!! المحصلة أن البلاد كلها تحت وميض النار ، والعالم من حولنا لم يدعنا لحالنا نلتمس الطريق بل يتدخل في شأننا تدخلاً ليس حميداً بطبيعة الحال ، القوات الدولية التي تمرح في طول البلاد وعرضها والمنظمات الدولية والتي تمثل الحكومة العالمية تسرح في بلادنا وتمرح من غير رقيب وهذا انتقاص من سيادتنا الوطنية جماع هذه المشاكل والمعضلات تجعلنا نتناسي خلافاتنا وسفاسف الأمور لنقبل علي الجلوس بتواضع لنرسم خارطة جديدة للخروج من أزماتنا , نقول للذين في السلطة أفيقوا إلي رشدكم أليس فيكم رجل رشيد , تسببتم بسياساتكم في انفصال الجنوب بل سعيتم سعيا لأحداث هذا الشرخ لا لشئ إلا العنصرية البغيضة والمصلحة الخاصة أن استمراركم في هذه السياسات سوف تورد هذه البلاد الهلاك وذهاب الريح لا يظنن أحدكم أن أهل أقاليم السودان سوف يطيعونكم وأنتم تسوقونهم سوق النعاج ، منكم من يقول فلينفصل كل من أراد الانفصال فليذهب إلي حال سبيله وكأن السودان ملك خاص لكم تبترون كل جهة نطالب بحقها ، من يذهب به هذا التفكير يكون أحمقا فكل الناس حمقي لكن بعض الناس أكثر حماقة من بعض الثورة القادمة لا تطالب بانفصال جزء آخر من السودان بل تطالب بكل السودان وتدك حصون أعداء السودان في الداخل الذين عاثوا فساداً في البلاد يقتلون أهلها وينهبون ثرواتها ويزرعون الفتن بين مواطنيها فمن ينطبق عليه هذه الصفات سوف يكون عدوا للثورة وحينها لا ينفع الندم (علي نفسها جنت براقش) .أفضل من هذا أن نتداعي إلي عقد جديد لتقسيم الثروة القومية بالتساوي وبالعدالة بين أقاليم السودان وهذا يتطلب ترسيخ الفدرالية وتفكيك المركزية القابضة التي أوردتنا الهلاك والهزائم منذ الاستقلال وإلي يومنا هذا فالثروة القومية تحتاج إلي معادلة في التوزيع بين الحكومة الاتحادية والأقاليم وبين الأقاليم علي أسس موضوعية لا يمكن أن يستقيم أمرنا أن تستأثر الحكومة الاتحادية بنصيب 98% وتترك الباقي 2% لكل أقاليم السودان ، المطلوب حصر الثروة القومية بصورة شاملة وتحديد مسئوليات الحكومة الاتحادية وحكومات الولايات وتحديد نسبة التوزيع علي أسس موضوعية وواقعية ونفس الشئ ينسحب علي توزيع السلطة ليجد كل واحد منا نفسه في الحكومة المركزية هذا الأمر ليس صعباً ولكن يحتاج إلي المصداقية وحسن النوايا فالنصوص وحدها لا تجدي ......... ونقول للذين يزايدون بالإسلام وبعروبة السودان ويرفعون أصواتهم مهللين ومكبرين بأن وجهة السودان قد تحددت أسلاما وعروبة ، لإخلاف حول هاتين النقطتين ولم تكونا في يوم من الأيام سببا في المظالم الواقعة علي قطاع كبير من أهل السودان ، عشنا في هذه البلاد وعرفنا أدعياء الإسلام والعروبة ، فالإسلام المغشوش والتدين المغشوش هو سبب بلاوي هذه البلاد ، الذين يدعون الإسلام وأمناء عليه هم الذين خانوا الإسلام وأساءوا إليه , باسم الإسلام ارتكبت مجاز اريقت الدم الحرام وباسم الإسلام نهبت الأموال وباسم الإسلام زرعت العنصرية والعصبية القبلية فهذه الأفعال لا ينسب للإسلام بقدر ما ينسب إلي مرتكبيها ، غابت عن هؤلاء الأدعياء قيم الإسلام في العدالة والمساواة ونظافة اليد واللسان فانتم في ميزان الإسلام لا تساوون جناح بعوضة ، أكلتم الدينا بالدين فظهرت حقيقتكم علي الملأ وسقط القناع لا أحد يصدق ما تقولون عن الإسلام فأفعالكم تفضحكم فهي نقيض للأسلام , أفنطيع أمركم بأقوالكم أم بأفعالكم السواد الأعظم من هذا الشعب يتمسك بالإسلام الصحيح ويحتكم إليه راضيا ولكن إسلام المظاهر الذي يأكل به الحكام الدنيا فلا أحد يريده ورب العزة يخذل من يتلاعب بالإسلام ,والشعب كله يعلم علم اليقين ما فعلتم في هذه البلاد بأسم الاسلام والاسلام منه براء , أما العروبة التي تتعلقون بها فقد ولي زمان الافتخار بها فضلا عن أن أهلها الحقيقيون لا يقبلونكم رغم هرولتكم وتهافتكم عليها, نحن نفهم أن العروبة هي اللغة والثقافة والتراث ونعتز بأنتمائنا اليها فمن مصلحة الجميع أن نجلس سويا علي قدم المساواة للملمة أطراف ما تبقي من السودان علي أسس جديدة نطوى بها صفحة الماضي وألا فالطوفان.