[email protected] فيما مضى حاولت الحكومة تجنب علم الشعب بالأمور أو تدخله بالشؤون الخارجية، فعملت بسرية تامة قبل اتفاقية السلام، وفى اغلب الأحيان من خلال مفاوضات غير علنية، كان يقودها النائب الأول أو احد مستشاري الرئيس المقربين،ويدفعون تقاريرهم إلى الرئيس مباشرة وباتوا غير مقيدين بالاعتبارات السياسية التي تؤثر في استمرارية الحزب إضافة إلى مستقبل البلاد ككل. ولكن كان من الأجدى في ظل دولة يحكمها حزب يؤمن بمبدأ وأمرهم شورى بينهم أن يفهم المواطنون مايجرى و يؤثر في مستقبل البلاد وان تنبع القرارات التي تتخذ من مصالح الأمة. وليس من نائب الرئيس أو مستشاري الرئيس فقط حتى ظن البعض منهم أن يعتبر كل الأمور السياسية منطقة تخضع لسلطته ونشاطه بشكل حصري، لا نقول بأنهم بذلك شكلوا مراكز قوة ولكن نصفها بأنها مجموعة نخبوية صغيرة تسيطر علي كل سياسة المؤتمر الوطني وبالتالي على البلاد، وتسعى هذه المجموعة الاستئثار بمسرح الأحداث مع اقل قدر ممكن من مشاركة الاخرين ،واغفال علم نواب البرلمان بما يحصل ، كما صرح نائب رئيس البرلمان هجو قسم السيد بعدم معرفة المجلس الوطنى باي تفاصيل عن اتفاق اديس ابابا بين الحكومة والحركة الشعبية الا من خلال الصحف. وقد لعب نائب الرئيس دورا حاسم في مفاوضات نيفاشا ، كما أن مستشار الأمن القومي الأسبق الذي اقبل علي لعب دور فعال أيضا ، رغما عن هذه التعددية تنتج تنوعا من الآراء إلا أنها في الواقع تجعل من تحديد مسؤولية من يصوغ السياسة الخارجية امرأ بالغ الصعوبة كما يجب أن تنبع القرارات من مصالح الأمة وعلي سيادة الرئيس اخذ المتطلبات المحلية بعين الاعتبار كونها نتاج النظام السياسي علي الصعيد العملي وقد تفوق الضغوطات الخارجية بأهميتها. من كل ذلك لا نقصد التقليل من احترام بعض قياداتنا ولكن من اجل العمل على بناء القوة وتشخيص نقاط الضعف بقية تسديدها، فمن خداع الذات أن نتغافل ونتعامى عن رؤية مشاكلنا وعيوبنا لنرمى بكل تخلفنا وإخفاقاتنا على عاتق الآخرين دون أن نفتش في نقاط الضعف المنتشرة فينا، وإلقاء اللوم على الاجنبى، لأنه نوع من تخدير الأمة وتجهيلها. ويجب الا نعمل على تبرير الظلم والفساد والتخلف الداخلي بمبررات الخارج وضرورات الصراع معه . وأخيرا على الرغم من وجود حساسية كبيرة من السلطة تجاه الذين يوجهون لها سهام النقد، نجد ليس هناك شخص مقدس أو فوق مستوى النقد، ومن حق كل مواطن سوداني أن يدلى برائيه كما كان السلف (إذ رئينا فيك اعوجاجا قومناك بسيوفنا) ومن حسن الحظ نحن لا نملك سوى أقلامنا للتنبيه على الإصلاح لان إصلاح ما فسد من واقعنا السياسي والاخلاقى، يشكل اللبنة الأولى في بناء الذات واستعادة دورنا الريادي المفقود والتخلص من التبعية والهيمنة. معتصم حمودة [email protected]