ضربة موجعة لمليشيا التمرد داخل معسكر كشلنقو جنوب مدينة نيالا    مدير مستشفي الشرطة دنقلا يلتقي وزير الصحة المكلف بالولاية الشمالية    شاهد بالفيديو.. شاعرة سودانية ترد على فتيات الدعم السريع وتقود "تاتشر" للجيش: (سودانا جاري في الوريد وجيشنا صامد جيش حديد دبل ليهو في يوم العيد قول ليهو نقطة سطر جديد)        ضياء الدين بلال يكتب: نحن نزرع الشوك    بالصور.. اجتماع الفريق أول ياسر العطا مساعد القائد العام للقوات المسلحة و عضو مجلس السيادة بقيادات القوة المشتركة    أقرع: مزايدات و"مطاعنات" ذكورية من نساء    وزير خارجية السودان الأسبق: علي ماذا يتفاوض الجيش والدعم السريع    محلية حلفا توكد على زيادة الايرادات لتقديم خدمات جيدة    شاهد بالفيديو.. خلال حفل حاشد بجوبا.. الفنانة عشة الجبل تغني لقادة الجيش (البرهان والعطا وكباشي) وتحذر الجمهور الكبير الحاضر: (مافي زول يقول لي أرفعي بلاغ دعم سريع)    شاهد بالفيديو.. سودانيون في فرنسا يحاصرون مريم الصادق المهدي ويهتفون في وجهها بعد خروجها من مؤتمر باريس والقيادية بحزب الأمة ترد عليهم: (والله ما بعتكم)    غوتيريش: الشرق الأوسط على شفير الانزلاق إلى نزاع إقليمي شامل    أنشيلوتي: ريال مدريد لا يموت أبدا.. وهذا ما قاله لي جوارديولا    سوداني أضرم النار بمسلمين في بريطانيا يحتجز لأجل غير مسمى بمستشفى    محاصرة مليوني هاتف في السوق السوداء وخلق 5 آلاف منصب عمل    غوارديولا يعلّق بعد الإقصاء أمام ريال مدريد    امين حكومة غرب كردفان يتفقد سير العمل بديوان الزكاة    نوير يبصم على إنجاز أوروبي غير مسبوق    تسلا تطالب المساهمين بالموافقة على صرف 56 مليار دولار لرئيسها التنفيذي    مناوي ووالي البحر الأحمر .. تقديم الخدمات لأهل دارفور الموجودين بالولاية    محافظ بنك إنجلترا : المملكة المتحدة تواجه خطر تضخم أقل من الولايات المتحدة    منتخبنا يواصل تدريباته بنجاح..أسامة والشاعر الى الإمارات ..الأولمبي يبدأ تحضيراته بقوة..باشري يتجاوز الأحزان ويعود للتدريبات    بايرن ميونخ يطيح بآرسنال من الأبطال    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    العين يهزم الهلال في قمة ركلات الجزاء بدوري أبطال آسيا    مباحث المستهلك تضبط 110 الف كرتونة شاي مخالفة للمواصفات    قرار عاجل من النيابة بشأن حريق مول تجاري بأسوان    العليقي وماادراك ماالعليقي!!؟؟    الرئيس الإيراني: القوات المسلحة جاهزة ومستعدة لأي خطوة للدفاع عن حماية أمن البلاد    بعد سحق برشلونة..مبابي يغرق في السعادة    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    خلال ساعات.. الشرطة المغربية توقع بسارقي مجوهرات    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    وزير الخارجية السعودي: المنطقة لا تحتمل مزيداً من الصراعات    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تقرير: روسيا بدأت تصدير وقود الديزل للسودان    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نظرات فى الحكم الإسلامي
نشر في الراكوبة يوم 26 - 07 - 2011


[email protected]
1- أين تكمن المشكلة ؟
2- أيهما نريد الحاكم الصالح أم الحاكم العادل ؟
3- الدولة الإسلامية بين المدنية والديمقراطية ؟
4- بعض القضايا المهمة :
أولا: مبدأ المساواة.
ثانيا: فصل سلطة القضاء.
ثالثا: الدستور الإسلامي .
5- لماذا نرفض الشريعة الإسلامية ؟
1- أين تكمن المشكلة ؟
هو سؤال كبير يحتاج إلى إجابة يتسع عقل الإنسان لها وإلى الإنتباه وقراءة مابعده بتأني وحرص حتى يفهم القارئ جيدا\" ما نريد أن نوضحه فى هذا المقال .
دعوني أولا\" أبين أن الإسلام ليس المشكلة فهو نظام كامل لا خطأ فيه وإن قلنا أن المشكلة فى المسلمين لا الإسلام فأنا أؤيد هذا الرأي من دون إفراط ولا تفريط ، ذلك لأن المسلمين هم الواجهة الطبيعية لهذا الدين ولكن هذه الواجهة غير موحدة فى الرأي أو التطبيق ومختلفة فى أصول أحيانا وفى فروع أحيانا أخرى وكل يدعي الإسلام وهذا هو الغثاء الذي تحدث عنه محمد صلى الله عليه وسلم .
والإسلام نظرية علمية وعملية وروحية وتكمن المشكلة فى فهم هذه النظرية وتطبيقها ومن أمثلة ذلك العقيدة الطحاوية وهو كتاب فى علم العقيدة الإسلامية ألفه الإمام الطحاوي حيث يقول السلفيون أن هذا الكتاب هو شرح وتبيان للعقيدة الصحيحة ويقول الصوفيون أن هذا الكتاب يمثل العقيدة السليمة التى يتبعونها مع العلم ان هذه الفرق لا تجتمع لا في عقيدة ولا غيرها كما هو ظاهر الحال ، فهذا إختلاف فى فهم النظرية والإختلاف العملي فى تطبيق هذه النظرية فهو واضح أيضا\" فمثل ذلك أن هناك من يرى الجهاد إرهابا\" وهناك من يرى الإرهاب جهادا\" وهذا لبس فى فهم مسألة الجهاد فى الإسلام وتطبيقه .
فالعامل الأساسي والسبب الرئيسي لهذه المشكلة هو إسقاط مبدأ الوحدة الإسلامية الذي يمثل جوهر الإسلام والحل الأول لإصلاح تلك الواجهة المخيفة والمنفرة للناس وعندما تحدث الاستاذ حسن البنا عن الوحدة الإسلامية مقتبسا\" من إمامه الشيخ محمد رشيد رضا ( نعمل فيما إتفقنا فيه ويعذر بعضنا بعضا فيما إختلفنا فيه ) قال بعضهم هذه العبارة تدل على موالاة أهل الباطل والعمل معهم وهنا لم يدعوا مجالا\" لإصلاح ما تبقى من واجهة الإسلام وأصبحت مسألة الوحدة مجرد حلم وتم عكس الآية فبدل الوحدة طغى الإنقسام على تيارات العمل الإسلامي وأقول أن هذه الإنقسامات ستستمر والأمل فى الجيل الإسلامي القادم الذي رأى التجارب الإسلامية المضطربة وأظنه قادر على إرساء الوحدة الإسلامية من جديد .
2- أيهما نريد الحاكم الصالح أم الحاكم العادل ؟
إن الشريعة الإسلامية هى الحل الامثل والوحيد الذي يقود العالم نحو السعادة والطمأنينة وأنا مؤمن بذلك ولكن عندما نتحدث عن من يطبقها فهنا لنا وقفة ...
الحاكم العادل هذا الذي نريد والحاكم الصالح هذا الذي نريد فإن كان صالحا لنفسه ظالما\" لأمته فيجب أن يعزل وإن كان عادلا\" فى حكم أمته فاسقا لنفسه فيجب أن يعزل ايضا \" ، فمن كان عادلا\" وفسوقه لنفسه فهذا ينطبق عليه قول سفيان الثوري لهارون الرشيد وإن كانت القصة مشكوك فى صحتها إلا أن القول ينطبق على حال الدول العربية والإسلامية اليوم حيث قال له ( أن جنودك يحدون السارق ويسرقون ويرجمون الزاني ويزنون ) فإذا كان كذلك فأين العدل وأين الرحمة فى شريعة تسمح بكبار القوم بفعل ما يشاؤون دون إلتزام بالقانون ولا إلتزام بحدوده ويعاقب على ذلك العامة وصغار القوم لذلك نحن نعترض على قول بعض العلماء أنه ( لا بأس بالحاكم الذي يحكم بشرع الله وإن كان فاسقا\" لأن فسوقه لنفسه ) ويكفي هنا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ( وايم الله لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطعت يدها ).
واما بالنسبة للحاكم إن كان صالحا\" من دون عدل وهنا نقصد بذلك عدم كفاءته أو عدم مقدرته على ضبط الاجهزة التنفيذية والرقابية فهذا يجب أن يعزل أيضا\" وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يؤخر بعض أصحابه ويقدم بعضهم فى أمور كلفها بهم ومع ذلك نجد أن بعض من يؤخرهم من خيرة الصحابة ولكنها الكفاءة والحكمة .
3- الدولة الإسلامية مدنية أم ديمقراطية ؟
بالنسبة لمدنية الدولة الإسلامية فهي مدنية بمرجعية إسلامية أي أنها دولة مؤسسات وليست دولة دينية كما يصفها البعض تشبيها\" بدولة الكنيسة فى اوربا ودليل ذلك الإجتهادات التى قام بها عمر بن الخطاب لإرساء مؤسسات دولة الخلافة فى ذلك الوقت وإذا نظرنا لأساس الدولة المدنية وهو الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي أجيز من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة فى عام 1948م لوجدنا أن 6 مواد فقط تخالف الشريعة الإسلامية من أصل 30 مادة ويدل ذلك على أن نسبة المدنية فى الإسلام 85 % من قانون المدنية والحريات والحقوق الذي وضعه البشر، ومع ذلك فلنعلم جيدا\" أن هذه المواد ال6 لا تخالف الشريعة الإسلامية بصورة مطلقة ولكن تحتاج إلى تعديل بسيط لتتوافق مع الشريعة الإسلامية .
اما بالنسبة للديمقراطية فهنا وقع خلط كبير فالديمقراطية لفظا فى العالم العربي والاسلامي أحيانا\" تعني الحرية فقط وإن كانت كذلك فهذا موجود فى الإسلام أما إن كان يقصد بها تلك المنظومة التي تحكم اوربا وامريكا هنا نقول ان الإسلام فيه ديمقراطية بمرجعية إسلامية وهذا قول صحيح فنحن نجد ان الإسلام يلتقي مع الديمقراطية فى أساس الحرية ولكن فى حدود شرعية إسلامية وليست حرية مطلقة فالإسلام يقر بعض ما أقرته الديمقراطية مثلا\" يقر بحرية المعتقد ويقر حرية إختيار الحاكم ويقر حرية الأحزاب السياسية والجمعيات والمنظمات التي لا تعادى المبادئ الإسلامية فالحرية موجودة ولكن فى حدود لذلك صحيح أن نقول فى الإسلام ديمقراطية بمرجعية إسلامية وصحيح أيضا\" من قال بأن الديمقراطية كفكرة ومصطلح سياسي لا منظومة آلية لوصول الإسلاميين للحكم لإصلاح الدولة كما فى تركيا ولكن .........
هنا سؤال يطرح نفسه ما هي الحاجة لأن نقول ان الإسلام دولة مدنية وما الحاجة لان نقول أن لدينا ديمقراطية بمرجعية إسلامية ؟
وهنا يأتي الجواب بأن الحوجة تأتي فى توضيح ما اشكل على الناس فى مسألة الحكم الإسلامي والترغيب فيه فالقول بذلك من المسائل التوضيحية للمسلمين بما يفهمونه فى هذا العصر ولكن تلك حاجة لا يجب أن نسوقها دائما\" فى كل حديث فالصحيح أن نقول أن الدولة الإسلامية دولة حقوق وحريات وأن الإسلام حفظ هذه الحقوق والحريات لكل فئات المجتمع .
4- بعض القضايا المهمة :
أولا\" : مبدأ المساواة :
المساواة فى الإسلام موجودة بصورة او بأخرى ولكن فى حدود الضوابط الشرعية فمن أمثلة ذلك حرية التعبير للمسلم وغير المسلم وترشيح من ينوب عنه فى البرلمان أو مجلس الشورى والمقاضاة والمساواة أمام القانون ومن أمثلة ذلك ما ذكره الدكتور عبدالكريم زيدان فى رسالته الفرد والدولة ( ومن تطبيقات المساواة أمام القانون أن ابن عمرو ابن العاص ، والى مصر ، فى زمن الخليفة الراشد عمر بن الخطاب لطم قبطيا\" لأنه سابقه فسبقه ، فاشتكاه عند الخليفة عمر ، فأرسل الخليفة إلى عمرو بن العاص وإبنه فلما حضرا أحضر الخليفة القبطي المشتكي وقال له : أهذا الذي ضربك ؟ قال: نعم ، قال : فاضربه ، فأخذ يضربه حتى استشفى ثم قال له عمر : زد ابن الأكرمبن ، ثم التفت إلى عمرو بن العاص وقال له ( منذ كم يا عمرو تعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا) ولكن لهذه المساواة حدود بين المسلم وغير المسلم لأنه لا يوجد فى تاريخ الحكم الإسلامي من ساوى بين المسلم وغير المسلم فى كل أمور القانون الإسلامي ولو دققنا النظر فى هذا الامر لوجدنا أنها مجموعة بسيطه جدا من القوانين وليس لها الأثر الكبير الذي يتضرر منها غير المسلم ولا يمكن لأحد أن يقول أنه لا توجد مساواة فى مسائل العمل وخدمة المواطن من قبل الدولة فهذه الأشياء لاتدخل في هذا الباب أصلا\" ، أما فى أمر المساواة بين الرجل والمرأة فى الإسلام وهي أيضا\" حقوق محدودة ومعينة التى لا تعترف بمدأ المساواة وكون الإسلام لا يعترف بمدأ المساواة فى مسآئل معينة لا يعني ذلك ظلما بل المساواة فى هذه المسائل المعينة هى التي تمثل ظلما\" لأحد الطرفين وإذا نظرنا فى مسألة الميراث التى يحتج بها كثير من الناس ليظهر ظلم الإسلام للمرأة لوجدنا أن المرأة فى قضية الميراث تتفقوق أو تساوى الرجل فى 34 حالة من حالات الميراث ويتفوق الرجل على المرأة فى 4 حالات فقط من أصل 38 حالة للميراث وذلك التفوق من قبل الرجل مرة ومن قبل المرأة مرة أخرى لحكم متعددة وهنا يتبين أن الحكم بالظاهر خطأ وعدم تعلم الإسلام وفهمه خطأ أكبر .
ثانيا\" : فصل سلطة القضاء :
إن الحكم الإسلامي لا يقر مبدأ فصل السلطات ومن ضمن ذلك لا يقر فصل القضاء وهنا تكمن المشكلة ، إن فصل القضاء فى هذا الزمن الحديث أصبح ضروريا\" لما يترتب عليه من درء لمفسدة وإرساء لمصلحة وهي عدم إستبداد الحاكم فقد اصبح هاجس إستبداد الحاكم عند الشعوب العربية والإسلامية أمرا\" يرهقها ويضعف من إنتاجها وتقدمها وما يحدث الآن من ثورات عربية وإراقة للدماء وفوضى عارمة كل هذا سببه إستبداد الحاكم ولعدم وجود هيئة ذات ثقة ورقابة مستقلة عليه لأن الأصل فى الإسلام أن رئيس الدولة او الحاكم هو الذي يعين رئيس القضاء وإذا كان الحاكم مستبدا\" وعين رئيس قضاء على شاكلته فما فائدة القضاء إن لم يسترد الحقوق من رئيس الدولة أو يحاسبه ، هنا تكمن المشكله وأرجوا من المفكرين الإسلاميين والفقهاء والعلماء أن يعيدوا دراسة هذا الامر بعناية ودقة .
ثالثا\" : الدستور الإسلامي :
الدستور أصلا\" كلمة فارسية تعني القوانين والتشريعات وهنا بما ان الدول تحكم وفق دساتير أجتهد المسلمون فى بلورة الحكم الإسلامي وتطبيق الشريعة الإسلامية لتكون دستورا\" إسلاميا\" وبحمد الله خرجت إلى الساحة العالمية مجموعة لا بأس بها من الدساتير الإسلامية إلا ان هذه الدساتير لم تخلوا من بعض العلل وإتباع للهوى وقد خرجت تحت مسمى دستور إسلامي ، فالدستور الإسلامي يجب ان يصاغ بعناية ووفقا\" للقرآن والسنة وقد تحدث الإمام المودودي عن كيفية تدوين الدستور الإسلامي ووضع له شروطا\" وأسسا وهذا العمل من المجهودات المقدرة لهذا الإمام ، ويجب أن نعلم أن قوة الأمم وتطورها ورقيها وتقدمها ونشر ثقافتها وتصدرها للعالم هو ثبات قوانينها ودساتيرها فهذا هو الدستور الأمريكي كما قال ستيفن كوفي الرجل المخضرم فى مجال التنمية البشرية أن دستور الولايات المتحدة الامريكية لم يتغير فيه خلال 200 عام إلا 27 مادة فقط فى مسألة الحقوق و الحريات وقد طرحت فى إستفتاء عام ، لذلك يجب أن نحرص على إيجاد دستور إسلامي صحيح وصريح وأن يظل هذا الدستور ثابتا\" حتى مع ذهاب الأنظمة ويجب على الشعب أن يحمي هذا الدستور كما تحمي الشعوب المتحضرة دساتيرها وقوانينها .
5- لماذا نرفض الشريعة الإسلامية ؟
إن أهم أسباب رفض الشريعة الإسلامية من قبل البعض يرجع إلى جهلهم بها وقد قال رجل القانون الفقيه عبدالقادر عودة ( إنني لا اعتقد أننا لم نترك أحكام الشريعة الإسلامية إلا لجهلنا بها ، وقعود علمائنا أو عجزهم عن تعريفنا بها ) ثم قال ( ولقد رأيت أن خير ما يخدم به المسلم أخاه أن يبصره بأحكام الشريعة الإسلامية وأن يبين له ما خفي عليه منها ) ، إن الشريعة الإسلامية ليست كما يتصورها البعض لا تقوم إلا على القهر والإستبداد ودائما يضربون الأمثلة بحد الزنا وحد السرقة ويظنون أن للشريعة جانب مشرق وجانب مظلم ، ويجب تصحيح هذا الظن الذي إنبثق من عقل خاوي من علوم الدين واصبح ساحة يتغول عليها اصحاب الفكر الشاذ ومفاهيم الشيطان الرجيم ، فى الشريعة الغراء العدل هو أساس الحكم والإسلام يؤيد العدل فى كل مكان وإن كان فى دولة لا دين لها ودليل ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما أشتد أذى كفار قريش على المسلمين الاوائل أرسلهم الرسول الكريم إلى الحبشة وعلى رأس النساء إبنته رقية وقال لهم ( إذهبوا إلى الحبشة فإن فيها ملك عادل لا يظلم عنده أحد ) وهذا إقرار صريح من رسول الله أن العدل أساس كل حكم سواءا\" كان إسلاميا أم غير إسلامي ، وفى الشريعة الغراء تحرر من كل خوف ومن كل عبادة إلا من عبادة الله الواحد القهار وهنا لا نأخذ الشرك الأكبر فحسب بل نأخذ أيضا\" الشرك الاصغر وقد يقع فيه الكثيرون فى هذا الزمان فمنهم من يرى رزقه عند فلان ومنهم من يخاف من فلان وهنا يأتي دور الشريعة ألا تخاف إلا من الله عزوجل فى زمن كثر فيه الخوف من بطش أجهزة الامن وما تمارسه من إرهاب للمواطن حيث أن هذه الشريعة تهيأ للمسلم وغيره هذه الظروف وقد تحدث الشيخ راتب النابلسي عن هذه الامور وأنها شركيات يقع فيها الناس وتقع تحت مسمى الشرك الاصغر والحقيقة أن هذه الامور تحدث دائما\" عند وجود الانظمة الفاسدة وأنظمة الإستبداد السياسي وقمع الحريات ولو نظرنا لأوربا وامريكا فى العصر الحديث لوجدت عزة وقوة من المواطن فى طلب حقوقه وإعتراضه على سياسة الدولة أو الرئيس دون خوف لأنه يعلم أن القانون سيحميه ويكفل له ذلك ورحم الله من قال ( وجدت فى الغرب إسلاما\" بلا مسلمين ووجدت عندنا مسلمين بلا إسلام ) والحقيقة أن الشريعة لا تقر وترفض هذا الإستبداد والقهر السياسي وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم ( تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون ثم ..........ثم تكون ملكا\" جبريا\" فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها ثم تكون خلافة على منهاج النبوة ثم سكت ) وفى هذا فرق واضح بين الحكم الجبري والقهري وبين الخلافة الإسلامية او الحكم الإسلامي ، والتحرر من عبادة العباد هو التحرر من الظلم والفساد فى عصرنا الحديث لذلك تحرر ذلك القائد رث الملابس مرقع الثياب من هيبة رستم والخوف منه وجنده وهو الصحابي الجليل ربعي بن عامر فسأله رستم وقال له ما جاء بكم ؟ فرد الصحابي الجليل ( الله إبتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله ...إلخ ) وجائت هذه الشريعة الغراء لترسيخ هذا المفهوم وهذه النظرية السليمة .
وفى هذه الشريعة الغراء توازن فى شتى مجالات الحياة وتقديم أسباب إنتفاء العقاب على العقاب وقد تحدث الإمام القرضاوي فى كتابه ( شريعة الإسلام صالحة للتطبيق فى كل زمان ومكان ) ( أن توازن المجتمع مطلوب فى الشرع وقد ضرب مثالا\" بإقامة حد الزنا حيث أنه من المفترض وجود مجتمع ييسر الزواج وإرخاص المهور وسهولة المسكن والاثاث ويسد طرق الحرام من المثيرات ودواعي الإغراء مما يجعل عقوبة الزانية والزاني فى محلها الذي أراده الشرع تماما\" وإلا فقد لا يشعر الفرد بعدالة العقوبة التى اصابته أو أن لا تردعه من إقترافها مرة اخرى ويطبق هذا التوازن فى شتى مجالات الحياة ) وعلى نفس النسق قد بدأ هذا النهج الخليفة العادل عمر بن الخطاب عندما أوقف حد السرقة فى عام المجاعة لأنه ليس من العدل او الممكن أن يسرق السارق الطعام من دون حوجة إليه والأولى أن يعرف الناس أنه لا حد على جاهل لم يعلمه المجتمع الحد الادنى مما يجب معرفته من الحلال والحرام ولا حد على سارق لم يوفر له المجتمع تمام الكفاية له ولمن يعول ولا حد إذا وجدت شبهة معتبرة فالحدود تدرأ بالشبهات ومن تاب بعد الجريمة وبدت عليه أمارات التوبة ، فمن حق الإمام أو القاضي أن يسقط عنه الحد كما هو رأي الإمام ابن تيمية والإمام ابن القيم وقد ذكر ذلك الشيخ القرضاوي فى كتابه ( الإجتهاد المعاصر بين الإنضباط والإنفراط ) وهنا يكفي قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إدرؤا الحدود ما استطعتم ) والتضييق لا التهاون فى أمر الحدود أمر محبب فى الإسلام وهنا قول رسول الله لهذال الذي حرض ماعز عندما زنى أن يقر ويعترف أمام رسول الله بزناه قال الرسول الكريم ( لو سترته بثيابك لكان خيرا\" لك ).
والشريعة الغراء لا تقتصر على الحدود فقط إنما الحدود جزء منها فلا تظنوا أنها إستعباد بل إنها رحمة إلا إذا تقلد الحكم منافق ظالم يبطش بإسم الشريعة وهذا ما نخشاه وما يدل على أنها رحمة فطنة وذكاء ذلك العالم الرباني الذي تحدث عن مبارك قبل ذهابه وتحدث عن الثورة قبل وقوعها وهو الشيخ محمد متولى الشعراوي حين قال ( هل يخرب أحدكم ملكه بيده – أي ما يملكه من أشياء – فرد الحاضرون : لا ، فقال لهم : نحن فى ملك الله وإذا كنا لا نخرب ما نملك من أشياء فما ظنكم بالله خالقكم ) ، فالله سبحانه وتعالى خلقنا من عدم وأعلم بنا من أنفسنا ووضع لنا قانونا\" لا خطأ فيه ولا هوى فلماذا نرفضه ؟؟؟ بل إن علماء أوربا آمنوا بهذه الشريعة وهذه الحقوق وأنها تحتوي على سعادة البشرية كلها وهذه بعض الشهادات التى ذكرت ووردت فى أكثر من مناسبه ولكن أوردتها هنا للذكرى فالذكرى تنفع المؤمنين وأيضا\" إحتراما\" لبعض العقول التي لا تقتنع إلا بأراء هؤلاء لأن المهم بالنسبة لي أن يقتنع الناس بهذه الشريعة وضرورة تطبيقها بطريقة صحيحة كما جاءت سواءا\" إقتنعوا بفقه الإسلام والقرآن الكريم أو عن طريق علماء أوربا فى المجال القانوني والسياسي بل حتى فلاسفتهم فقد قال شبرل عميد كلية الحقوق فى فيينا فى عصرها الذهبي ( إن البشرية لتفتخر بإنتساب رجل كمحمد إليها إذ رغم أميته إستطاع قبل بضعة عشر قرنا – أن يأتي بتشريع سنكون نحن الأوربين أسعد ما نكون لو وصلنا إلى قمته بعد ألفي سنة ) وهنا أضرب مثالا\" بيسطا\" وواقعيا\" فى توجه فرنسا نحو إقرار قوانين الإقتصاد الإسلامي التي أصبحت حلا\" لأزمات أوربا الإقتصادية ، ويقول المفكر إدموند بيرك وهو مفكر سياسي إيرلندي ويعتبر من رواد الفكر المحافظ وإن كان قد وقف ضد الثورة الفرنسية إلا أن من كان يملأه اليقين بأمر هذا الدين لا يهمه رأي هؤلاء ولكن لا ينقص ذلك شيئا\" من شهادته بالنسبة للشريعة حيث قال ( إن القانون المحمدي قانون ضابط للجميع من الملك إلى أقل رعاياه وهذا القانون نسج بأحكم نظام حقوقي ، وشريعة الإسلام هي أعظم تشريع عادل لم يسبق قط للعالم إيجاد مثله ولا يمكن فيما بعد ) أما الدكتورهوكنج أستاذ الفلسفة بجامعة هارفرد فيقول ( إن فى الإسلام إستعدادا\" داخليا\" للنمو ، وإني لأشعر بأني على حق حين أقرر أن الشريعة الإسلامية تحتوى بوفرة على جميع المبادئ اللازمة للنهوض والرقي ) وهذا دليل واضح على سمو هذه الشريعة وصحة حكمها وهناك الكثير من أمثلة علماء أوربا الذين أنصفوا هذه الشريعة السمحة فمنهم القانوني المجري فمبري والفيلسوف الإنجليزي برنارد شو ولكن أختم بقول الله عز وجل فى محكم تنزيله بيانا\" لتفضيل حكمه على سائر أحكام الخلق وأهوائهم (أليس الله بأحكم الحاكمين ).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.