المؤتمر الوطني وأمريكا..(أحلام اليقظة) تقرير.. حسن بركية [email protected] تبدو قيادات حزب المؤتمر الوطني في حيرة من أمرها حول كيفية التعاطي مع الولاياتالمتحدةالأمريكية وتمتد الحيرة وعدم وضوح الرؤية حتي( للخبراء ) منهم في مجال العلاقات الدولية وكواليس الدبلوماسية،الولاياتالمتحدةالأمريكية لم تعد كماكانت في السابق وهي ليست مؤثرة في العالم وفي نفس الوقت ساهمت العقوبات الأمريكية في انهيار معظم الشركات والمؤسسات السودانية وتقف أمريكا وراء كل القرارات الأممية التي صدرت ضد السودان، هذا الموقف المربك للمؤتمر الوطني بحاجة إلي قراءات عميقة وذات خلفيات متعددة. (1) وتبدو مواقف الحكومة السودانية تجاه أمريكا غريبة ومتناقضة فهي تعترف في مرات كثيرة بأهمية ومكانة الولاياتالمتحدة وضرورة تحسين العلاقة معها ثم تعود وتقول أنها لاتحتاج إلي أمريكا(لابنخاف من العصا ولاطمعانين في الجذرة).وهنا يكمن التناقض وغياب الرؤية الاستراتيجية في هذ الملف،قبل سنوات وعندما كان وزيرا للخارجية قال الدكتور مصطفي عثمان اسماعيل في ورشة عن مستقبل العلاقات السودانية الأمريكية بمركز دراسات الشرق الأوسط\"العداء مع الولاياتالمتحدةالأمريكية ألحق بالسودان الكثير من الأذي والضرر البليغ. ومضي غازي صلاح الدين في ذات الإتجاه الذي يقلل من مكانة وقدرة الولاياتالمتحدة وقال في برنامج(حتي تكتمل الصورة) بقناة النيل الأزرق: الولاياتالمتحدة نفسها ليست هي الولاياتالمتحدة من ناحية قدرتها علي التأثير في المنطقة والدفع في إتجاه مضاد لاتجاهات السلام القائمة الأن ومن ناحية قدرتها علي تحريك مجلس الأمن. انتهي حديث غازي صلاح الدين الذي وصل إلي قناعة بعدم قدرة أمريكا علي التأثير في السودان رغم أن كل الاتفاقيات من نيفاشا وصولا إلي الدوحة كانت صناعة أمريكية. (2) وفي جلسة المجلس الوطني التي خصصت لمناقشة مستقبل العلاقة مع الولاياتالمتحدةالأمريكية قدم سفير السودان الأسبق في واشنطن مهدي ابراهيم صورة مختلفة لمقدرات الولاياتالمتحدة وتأثيرها علي السودان وقال(الحظر الأمريكي المفروض علينا أدى إلى انهيار الخطوط الجوية السودانية والسكة حديد نتيجة لمنع شركة البوينج الأمريكية والشركات الأوربية من التعامل معها وممارسة الضغوط على شركة سمنس الألمانية واويل النمساوية وتوتال الفرنسية وشركة سويدية من الانسحاب من العمل في السودان).وخلال المداولات في ذات الجلسة أتفق معظم أعضاء البرلمان بأن الحظر الاقتصادي الذي فرضته الولاياتالمتحدةالأمريكية ساهم بشكل كبير في انهيار الاقتصاد السوداني، وأعلنوا بصريح العبارة أن الانهيار الذي ضرب سودانير والسكة الحديد سببه الحظر الاقتصادي الذي فرضته الولاياتالمتحدةالأمريكية. (3) وعندما ارتفعت بعض الأصوات المطالبة بالدخول في مواجهة مع الولاياتالمتحدة في داخل المجلس الوطني كان رد صلاح قوش المدير السابق لجهاز الأمن والمخابرات ‘‘لن نعيش واقعا نتمناه، ولكن علينا التكيف مع الواقع الذي نعيشه. في حين يعترف مهدي ابراهيم بمدي الأذي الذي لحق بالسودان من جراء العداء مع الولاياتالمتحدة ويدعو صلاح قوش إلي التعامل مع الواقع كماهو واقع بمعني أن أمريكا موجودة ومؤثرة شئنا أم أبينا ، ولكن قيادي آخر من ذات الحزب(المؤتمر الوطني) يخرج عن النص السابق ويري بمنظار مختلف ويقول الدكتور بهاء الدين حنفي في حوار مع صحيفة(الرأي العام) : أمريكا ماعادت الدولة القوية مثلما كانت عليها قبل 30 أو 40 سنة وهي أرادت تحقيق أشياء سلبية كثيرة في السودان وفشلت. وحسب منطق حنفي انهيار سودانير والسكة حديد وتدهور كثير من القطاعات الانتاجية ليست أشياء سلبية أو هي نتاج لحظر غير أمريكي أو قل(قضاء وقدر) ويقدم حنفي تناقض جديد في رؤية الوطني للحوار مع أمريكا واوربا يقول في ذات الحوار: السودان هو من لايريد الحوار مع الغرب ليس لإعتبارات مبدئية وإنما لكون الاسلامييين تعودا أن يزايدوا أيدلوجيا علي بعضهم البعض وهذا معوق للتعاطي مع الغرب. انتهي حديث حنفي والخلاصة العداء مع أمريكا والغرب ليس مبدئي وبل مجرد مزايدة ونفس الوقت يعتبر هذا الموقف معوق للحوار، جملة من المغالطات في حوار واحد فقط مع تقاطعات واختلافات جذرية بين قيادات حزب واحد في قضية واحدة. (4) . . في رؤية عدد من الخبراء الحظر الأمريكي علي السودان ألحق أضرار بالغة بالاقتصاد السوداني وأوقف نمو كثير من القطاعات في الاقتصاد السوداني وبل ساهم في تدمير وإفشال كثير من المشاريع الاقتصادية.وتمضي التناقضات داخل مطبخ صناعة القرار في المؤتمر الوطني وتدخل في منعرجات متشابكة، فالولاياتالمتحدةالأمريكية أضرت بالسودان والحقت به الأذي وهي نفس الوقت فقدت مكانتها السابقة كماقال حنفي الذي صور الولاياتالمتحدة بأنها أقوي قبل 40سنة أي في زمن الحرب الباردة والقطبية الثنائية ووجود الاتحاد السوفيتي وهو يبدو غريبا كيف تكون الولاياتالمتحدة ضعيفة بعد زوال القطب الآخر المنافس وتدشينها مرحلة النظام العالمي الجديد الذي لايعرف غير قطب واحد! وكثيرة هي التناقضات في هذا الموضوع وعلي سبيل المثال لو وقفنا عند تصريحات غازي صلاح الدين الذي يوصف بأنه يدقق فيما يقول نجد له مواقف متعارضة ومتناقضة في ملف العلاقة مع الولاياتالمتحدةالأمريكية، في جلسة المجلس الوطني التي عقدت قبل أيام لمناقشة موضوع العلاقة مع أمريكا طالب دكتور غازي صلاح الدين رئيس الكتلة البرلمانية لنواب المؤتمر الوطني بمراجعة عائد التعاون مع الولاياتالمتحدةالأمريكية في المجالات الأمنية والسياسية والإنسانية وتطبيق مبدأ التعامل بالمثل ومن قبل قال غازي نفسه وهو يتحدث في مؤتمر صحفي عقب عودته من الولاياتالمتحدة في العام 2009م معددا النجاحات التي تمت من الزيارة : مجرد المقدرة على إيصال الصوت في داخل المجتمع الأمريكي في حد ذاته يعتبر نجاح حتى ونشر لي مقال بصحيفة الواشنطون تايميز وما كان هذا متوقع أن يحدث في الشهور الماضية وأتيحت أيضاً فرصة غير مسبوقة للحديث مع مؤسسات صناعة القرار في الكونغرس الأمريكي..انتهي غازي الذي بدا منتشيا بنشر مقاله في صحيفة أمريكية وبمجرد إيصال صوته للمجتمع الأمريكي ورغم ذلك أمريكا ليست مؤثرة وليست كما كانت في الماضي!