نوافذ هاشم صديق.. ظهور \"بالقطاعي\" جمال ادريس [email protected] قرأت بأسىً بالغ ال \"تراجيكوميديا\" التي خطها يراع الشاعر المبدع هاشم صديق، بأروراق الزميل طارق شريف بصحيفة \"الصحافة\" الاسبوع الماضي، والتي تناول من خلالها باسلوبٍ لاسع؛ نكوص التلفزيون القومي وتباطؤه في تنفيذ اتفاقه معه في رمضان الماضي على انتاج مسلسل \"حزن الحقائب والرصيف\"، وبرنامج دراما 2000. فبعد أن استبشر المشاهدون بعودة \"طائر الشفق الغريب\" إلى \"عُشِّه\"، للتغريد من جديد عبر تلفزيون الشعب؛ عادت ادارة التلفزيون إلى عادتها القديمة، في المماطلة والتسويف والتنصل من الاتفاق التي سعت إليه بنفسها، وذلك عندما قام مدير التلفزيون محمد حاتم، بزيارة هاشم صديق بمنزله ببانت، وطرح عليه مبادرته التي طوت العديد من خطوات التردد بين الطرفين، ووضعت حداً للقطيعة بينهما، لتجد الخطوة حينها الاشادة من الجميع، قبل أن يعودوا وينتقدوا التلفزيون على موقفه \"الغريب\"، وتخاذله عن تنفيذ ما وعد به، في خطوة تدلّل بوضوح عن عدم احترام التلفزيون لكلمته مع هاشم صديق، وقبل ذلك عدم احترامه لجمهوره؛ وهي خطوة بلا شك ستوسّع لاحقاً من هوة الخلاف بين الطرفين أكثر مما كانت عليه. في شهر رمضان الماضي وأيام العيد شكّل هاشم صديق تواجداً وسيماً في عدد من الأجهزة الاعلامية، فكانت حلقات \"الزمن والرحلة\" الممتعة بإذاعة البيت السوداني، والتي سرد من خلالها سيرته الإبداعية، كما ظهر في النيل الأزرق في سهرة \"الخروج من النهر\"، وأيضاً في \"خيمة الشروق\"، ثم استضافه حمزة عوض الله في اليوم الأول للعيد بالتلفزيون القومي. وظن الكثيرون وقتها - وليس كل الظنِ أثمٌ- أن تلك الأجهزة \"الرسمية\" قد اكتشفت أخيراً جداً؛ أن هناك كنز إبداعي \"مُخزّنٌ\" في منزله، ومُحرّم عليه الظهور عبرها، فأرادت أن تكفّر عن خطئها، وسعت إليه جميعها في وقتٍ واحد، ولكن للأسف توقفت عن مواصلة سعيها، وكأنما هنالك مَن يحرّك تلك الأجهزة ويسيطر عليها، ويفرض عليها من يراهم من مبدعين، وهو التبرير المنطقي لما نراه على تلك الشاشات من مخرجات فطيرة، وغياب تام للإبداع الحقيقي. أغرب ما في الأمر أن التلفزيون القومي تحجج في عدم انتاجه لما اتفق عليه مع هاشم صديق، بعدم توفر المال؛ في الوقت الذي اشترى فيه مسلسلاً مصرياً جديداً هو \"رجل من هذا الزمان\" الذي يبث حالياً، فضلاً على قبوله انتاج برامج لكل المتعاونين معه من صحفيين ومبدعين، وإيفائهم حقوقهم عليها. أقول بكل صراحة إننا كصحفيين ومتلقين لإبداع هاشم صديق؛ نشعر بأننا مقصرين تجاهه كمبدع وهو يواجه كل هذه \"الحروب\" من كل الجبهات وحيداً، ونكتفي فقط بالتصفيق والتفاعل معه كلما قدّم لنا عملاً جميلاً، شعراً كان او مسرح او دراما تلفزيونية أو اذاعية. فمنذ ظهوره العام الفائت في أكثر من جهاز، انشغلنا عنه وعن غيابه، ولم نلتفت إليه إلا بعد أن أحرجنا بال \"تراجيكوميديا\" الأخيرة، والتي وقف كل من قرأها على حجم الجُرم الذي ترتكبه تلك الأجهزة في حق واحد من أبدع مبدعينا. ثم.. وكأن ظهوره في الأجهزة الرسمية يتم \"بالقطاعي\" فاجأنا خبر جديد عن ظهور هاشم صديق في \"تلفزيون ولاية الخرطوم\"، من خلال برنامج بعنوان \"الدنيا عيد\" يجمعه بالفنان محمد الأمين، وينهي القطيعة بينهما. ورغم فرحتنا بالخبر، إلا أنها تظل فرحة منقوصة، ولا نعشم في أكثر منها، من قِبل جهاز يتبع لذات المنظومة السابقة. أخيراً لا نملك سوى أن ندعو لمبدعنا الجميل هاشم صديق بموفور الصحة والعافية، ونقول له، لو ضاقت أجهزة الدولة عن استيعاب ابداعك وروائعك، ففي قلوبنا متسع لك ولكل مبدعي بلادنا الحقيقيين. نقلاً عن صحيفة (الأحداث)