زاوية حادة مزكرات شاهد على المغرب (2) جعفر عباس (هذا النص مكتوب باللغة الدارجة عن قصد ولم يخضع للتصحيح اللغوي) اكتب هذه السلسة بوصفي مسقف وناشط ومفكر سياسي، كان شاهدن على الاحداس الكبرا في تاريخ البلاد، حتى وصلت مرحلة الفلول والغروب، وشرحت في الحلقة السابقة كيف ان الترك هم من رسم حدود السودان الشمالي والأوسط، وبالتالي فمن المشروع والمفهوم اننا صرنا اليوم نشتري الرغيف والشاورما والكراسي والبنابر من الاتراك، كنوع من رد الجميل، بل ومن باب مجاملة الترك زورنا التاريخ وقلنا انهم من اسس مدينة الخرطوم، ولو كان هذا صحيحن فالمفروض ان نصب عليهم اللعنات لان كل الكفوات التي عبرت بالسودان من مرحلة «أصبح الصبح» الى مرحلة الغروب والضياع حدثت من تحت راس الخرطوم.. وكتب التاريخ تقول ان اول من سكن الخرطوم هو الشيخ المحسي الزاهد ارباب العقائد (بالمناسبة فان «أرباب» كلمة نوبية تعني الملك ورئيس القوم ولا تنطق بفتح الألف الأولى بل بضمة خفيفة كما في حرف أو الإنقليزي o وتكتب Orbab أما أَرباب بفتح الألف فهي جمع «رب» كأن تقول أرباب العمل إلخ)، وانضم اليه لاحقا أهله من المحس، ولهذا كان العمودية في الخرطوم وقفن على المحس والدناقلة حتى خمسيناتات القرن الماضي، ولولا أن النوبيين من دعات التوحد الوطني لطلبوا من كل عربي يقيم في الخرطوم ان يبحث عن كفيل او يهاجر الى اليمن او الحجاز.. والجنوبيين قالو ان الخرطوم اسسها النوير لأن كلمة كرتوم تعني في لغتهم مصب المياه، وبينما يتمنى البعض زوال لغة النوبيين كان الراحل جون قرنق وعدد من المسقفين «العرب» يقولون أن الهوية التاريخية للسودان نوبية وأن تأثير السقافة النوبية ملموس في معظم أنحاء السودان، ولهذا كان قرنق يحلم بان يحمل السودان الجديد الذي كان يدعو له اسم كوش وهو اسم مملكة النوبيين العريغة التي دامت لقرون، ولم يكن ينازعها النفوز سوى البليميين (البجة) وهم أيضا أصابهم الدعاؤ بانغراض لقتهم، وبعد الانفصال فكر الجنوبيين في اطلاق اسم كوش على دولتهم الجديد، ولكنني قلت لهم: بلاش شغل الأونطة.. وليس صح ان يحمل بلد اسم كوش بينما هو لا يضم ارض كوش التاريخية معظم دول العالم رسم حدودها قوا استعمارية، ومسَلا، النمسا الاوربية الفنجرية كانت الى عهد غريب دولة شاشعة المساحة ولكن هزيمتها في الحرب العلمانية الأولى حولتها الى قوقعة زغيرة، والسودان الفسفسائي الحالي رسم حدوده الاتراك واكمل الانجليز المهمة وعلينا ان نعيش فيه كإخوت.. نبرطم ونطنطن بكل لسان ولكننا اولاد بلد واحدة.. بلد سكلانس .. حتى في العصير فان الكوكتيل احلى من عصير الفاكهة الواحدة.. وكان لابد من هازه الفلزكة التاريخية كي يعرف جيل الشباب الحغائغ: ونعود الى عهد الترك، الذي قسموا البلاد الى مديريات (ولايات) وابتكروا نظام الجبايات والضرائب، ولكنهم كانوا يفتقرون الى العبقرية وفات عليهم جمع ضرائب المغتربين والنفايات وجمركة كل شيء يعبر من مديرية الى أخرى، بل كانوا على درجة من التسامح إزا قلت لمحصل الضرايب «طز» عفا عنك لأن الطز وهو الملح لم يكن خاضعا للجمرك فإذا قلت له ان بضاعتك «طز» تركك في حالك، ولا علاقة له بطز الليبية القذافية، ولعدم وجود الكمبيوترات لرصد حالات التهرب من الضرايب اضطر الترك لاستخدام القطط في جباية الضرائب: تحاول تزوغ أو تستهبل، يربطون قطة داخل سروالك فإما أن تقرر الدفع خلال ثواني معدودة أو تفقد القدرة على الانجاب الى الابد. ثم جاء الإمام محمد احمد المهدي وهو لعلم بالمناسبة دنقلاوي رطاني هاجر الى السودان الاوسط طالبن العلم ثم قرر السورة على الظلم التركي، فنصره «عرب» النيل الابيض وكردفان وبعض عجم دارفور.. واحتقد ان السورة المهدية لم تحظى بالدراسة التحاليلية الكفاية ولهازا سأتناولها في مغال لاحق. الرأي العام