العصب السابع الجوع كافر..!! شمائل النور عندما استبعد زعيم الحزب الشيوعي إبراهيم نقد، قيام ثورة جياع في السودان عازياً ذلك -حسب تقديراته- لعفة النفس التي يتحلى بها الشعب السوداني والأنفة الزائدة، بالنسبة لي، الدهشة وصلت أعلى مستوى لها، فكيف يكون زعيم حزب سوداني يعيش داخل السودان وغير مواكب للتغييرات الاجتماعية التي طالت كل أطياف الشعب السوداني المكتوي بالفقر والغلاء الملتهب والتردي المعيشي الذي دخل كل البيوت إلا تلك التي أغدق الله عليها بنعم غيرها، ألا يعلم نقد أن العفة والأنفة التي تمنع التسول حلت محلها قيم جديدة لم يكن يعرفها شعب السودان، هي قيم يُحتم غرسها الوضع الراهن، غصباً عن الفرد، فأينما وُجد الفقر والغلاء تحتم وجود التردّي الأخلاقي بما فيه التسوّل لسدّ الجوع، أو لشراء دواء أو غيره من متطلبات الحياة الأكثر من أساسية، لأن منظومة الأخلاق هي رهينة الوضع السياسي والاقتصادي.. ولا ينكر عاقل ومواكب كيف أن الشعب السوداني أصبح يُسهب من الشكوى حتى في المواصلات العامة التي يتلاقى فيها الناس دون معرفة، فما إن يجلس جوارك أحدهم، إلا ويبدأ في قص مأساته إلى أن يصل محطته، ولم يكن الوضع كذلك قبل سنوات، وأول ذهاب ماء الوجه هو كثرة الشكوى للناس. القوم مشغولون بالحروب، وشغلونا معهم دون فائدة.. كانت القضية الأساسية والمصيرية بعد انفصال الجنوب هي الوضع الاقتصادي بالنسبة للرأي العام وإيجاد إجابة لسؤال.. إلى أين يسير بنا الغلاء في ظل فقدان ثلث الموارد وكيف تُخطط الحكومة لتجاوز هذه الأزمة المقيتة، والتي يعلم الصغير منّا قبل الكبير ألا خروج منها إلا بالضرب على ظهر المواطن، ثمّ لا خروج. الأسعار لا تملّ الزيادة، بل أصبحت خارج السيطرة، ولا تنفع معها محاولات الحكومة البائسة التي هي في الأساس لا محاولات، وهذه حقيقة بين أيدينا لا تحتاج كثيراً من الأدلة، فمنذ الانتخابات بدأ غول الأسعار يخرج رأسه، ومنذ ذلك الحين، الحكومة تمتع نفسها بالدهشة من زيادة الأسعار، وترمي لنا بمقولتها البايخة، لا مبرر لزيادة الأسعار، لتجيء زيادة جديدة على الأسعار الملتهبة أصلاً، أربع زيادات كبيرة لحقت بالأسعار منذ الانتخابات، وبعد إعلان الانفصال تجاوزت الزيادة السلع الاستهلاكية لتطال أسواقاً لم تشهد زيادة منذ سنين، كأسواق الملبوسات مثلاً، وهذا مؤشر لغلاء يجتاح كل السلع الأساسية وغير الأساسية، والحكومة تتفرج بل هي لا تدري ماذا هي فاعلة، وما استطاعت فعله الحكومة متمثلة في بعض المجالس التشريعية، هو الدعوة إلى مقاطعة اللحوم حتى يتأدب هؤلاء الجزّارون، في حين أن الجزّارين الحقيقيين في مأمن مما يصيب الجزّارين الذين تواجههم المقاطعة.. ثم هب أن كل الشعب قاطع اللحوم التي هي في الأصل غائبة في وجبة وحاضرة بعض الشيء في وجبة أخرى، حيث أن الغالبية من الشعب اختزلت العملية الغذائية في وجبتين، حسناً فلنقاطع اللحوم، وليأكل الشعب (خيار)، وكما قال الزعيم عادل إمام: \"الخيار مفيد للجبنة\"، هل يعلم هذا المجلس أن أقل تكلفة ل \"كيس\" السلطة أصبح يُباع ب (4-5) جنيه،، فليأكل الشعب في خاطره، فلم تعد تمثل فرقاً، لأن الحكومة ليست متفرغة إلا للحروب. التيار