[email protected] تعني كلمة إقتصاد في أصلها الإغريقي Oikonomos , تعني إدارة شئون المنزل. أي كيف تدير ربة البيت , شئون بيتها من مأكل و مشرب و ملبس و غيره من لوازم المعيشة. و الإقتصاد , هو منزلة بين الإسراف و التقتير. يقول تعالي في محكم تنزيله ( و الذين إذا أنفقوا لم يسرفوا و لم يقتروا و كان بين ذلك قواما ) سورة الفرقان, الآية 17. و تقتضي الحكمة أن يوازن الإنسان بين دخله و إنفاقه, لكي يعيش حياة كريمة لا ضغوط فيها. لكن طرأت في السنين الأخيرة , ظاهرة سالبة, هي ظاهرة الإنفاق الإستهلاكي البذخي , الذي لا داع له, غير التقليد و محاكاة الآخرين, و حتي يظهر الفرد بمظهر لا يتفق مع حقيقة دخله, فيدخل في مصيدة الديون, عملاً بالمثل الذي يقول ( إدين و إتبين ). هؤلاء هم ( ناس أقرع و نزهي ) كما أشارت الكاتبة مني أبوزيد, في مقالها القصير ( مفارقة إقتصادية ). إن المشكلة الأساسية التي تواجهها الدول النامية و منها بلادنا , هي مشكلة التكوين الرأسمالي Capital formation. و يلعب الإستثمار السالب Dissaving دور في نشوء هذه المشكلة , إذ بدل من أن يعمل أفراد المجتمع علي تعلم فضيلة الإدخار , لمقابلة مشكلات الحياة , نجدهم يستحدثون بنود صرف لا داع لها. كانت تعمل الأسر في الماضي , علي الدخول في صندوق التوفير ( صندوق الختة ) و هو نوع من التأمين التعاوني Co-operative insurance , بحيث يتوفر للأسر , بعض المال يعينها علي مواجهة ظروف الحياة, مثل تزويج الأبناء. و كان يساعد المال الذي يتوفر علي حل مثل هذه المشكلات. لكن مع تطور الحياة و تعقدها , تم إستحداث بنود صرف أخري , عملت علي إستنزاف هذه المدخرات , مثل متابعة موضة الهواتف النقالة ( موبايل ) و العمالة المنزلية التي تعمل في خدمة المنزل و تلك التي تعمل في التجميل, و الحديث الكثير في الهاتف. و الأخيرة تعمل علي تآكل هذه المدخرات دون مقابل. لنحسب الهدر الذي يحدث جراء المكالمات هذه. و معلوم أن السودانيون, أكثر الناس حديثاً في الهاتف. و قيل أن أصحاب كبائن الإتصالات في دولة عربية, يسرون حين يدخل عليهم السوداني, للتحدث من الكبينة, فهو يتحدث كثيراً. لكنه حديث لا طائل من ورائه , غير تبديد المال. لقد سادت النزعة الإستهلاكية Consumerism في الولاياتالمتحدةالأمريكية , في القرن الماضي, بفعل وسائل الإعلان و الدعاية الضخمة للسلع, و من ثم أصيب الناس هناك بشره إستهلاكي لم يسبقه مثيل. دفعت هذه الحالة , جمعيات حماية المستهلك إلي مقاومة هذه النزعة الإستهلاكية , من أجل حماية المواطن الأمريكي من الوقوع في هذا الفخ الذي تم نصبه, لإستنزاف مدخرات المواطن. لابد من تنمية فضيلة الإدخار في مجتمعنا, و العمل علي محاربة بنود الصرف التي لا داع لها , و حفظ القرش الأبيض لليوم الأسود.