حلمت أن فكرة وزير المالية عن " أكل الكسرة " قد دوّرت في رأسي ، وصارت وسيلة جهنمية لجني الأموال السهلة من داخل وخارج الحدود . كتبت خطاباً منمقاً لمفوضية المنظمات عن اعتزامي إنشاء منظمة لتعليم العواسة وما شابهها ، حتي تنتقل بلادنا من حيز الأقوال للأفعال ، وقلت في الخطاب أن منظمتي ستدعم البرنامج الحكومي " نأكل مما نعوس " وأنها ستفشل خطط المعارضة الرامية لتأليب الشارع عن طريق الشعارات الهدامة مثل " لا لحكومة الجوع " . وحالما وافقت المفوضية في دقائق علي طلبي ، جمعت أولادي وبناتي وخالاتي وخطيباتي السابقات وجاراتي ومعهم زوجتي ومرة أبوها وسميتهم الجمعية العمومية وصرت مديراً عاماً للمنظمة ، كما صار بيتي الذي أسكن فيه بالإيجار مقراً لها . وعن طريق نافذين في الحكم حصلت علي تمويل من المحلية لأنشطة المنظمة ، وخاطبت ممولين في الخارج فأشادوا بالفكرة وحولوا لي مبالغ طائلة . وعملت ورشة عمل خاصة بتدريب مدربين في فندق خمسة نجوم ، وجبت " فلانة " العواسة لتقدم فيها ورقة عمل عن فنون العواسة في حضرة الشماسة . واستعنت ببروفيسور مشهور لتقديم ورقة عمل أخري عن فائدة الفتريتة بالموليتة وكيف يعطي الكولوروفيل مع النشويات سعرات حرارية عالية تجعل السلحفاة أسرع من الغزال . وشحنت المؤتمرات وورش العمل بالسدنة والتنابلة حيث أكلوا وشربوا علي حساب المنظمة وسنسرت الفواتير للممولين كيما " آكل عيش " أنا أيضاً . وتفاهمت مع صاحب منصب دستوري رفيع ليكون راعياً للمنظمة ورئيس لمجلس الإدارة ونفحته حافزاً محترماً صدّق لي بموجبه بقطعة أرض فاخرة لبناء مقر للمنظمة . وحالما استلمت شهادة بحث القطعة المميزة بعتها واستبدلتها بقطعة في ضواحي ام بدة وأودعت الفرق في حسابي الخاص . ودعاني الممولون " الداقسون " لمؤتمرات خارج السودان قدمت فيها محاضرات عن الكسرة والعواسة والصاج والطايوق . واندهش الخواجات من مصطلحات الطايوق والمعراكة والقرقريبة ودخلت في القاموس العالمي وموسوعة جينيس العالمية . وسألتني مجموعات مدافعة عن حقوق الحيوان عن أثر استعمال الطايوق علي حياة البقر والضان فقلت لهم أننا نستورد الطايوق التايواني " المضروب " وهو بلاستيك بنكهة اللحمة فصدقوني . وحذرني مندوب البنك الدولي من أثر تعليم العواسة علي سوق القمح العالمي ، حتي لا " أضرب " المصالح الأمريكية في المنطقة فطمأنته بعبارة " خت في بطنك بطيخة صيفي " . ومن قروش المنظمة فارقت الحافلات والدفارات وركبت " البرادو " ومن بعدها الهمر ، وانتقلت من بيت الإيجار التعيس للعمارة التي بنيتها في المنشية . وشاركت في مؤتمر حكومي بورقة عن دور منظمتي في مقاومة الطابور الخامس وخطرفات المحكمة الجنائية فمنحوني وساماً رفيعاً . حتي هذه اللحظة تعلم بفضل المنظمة ( صفر ) زول وزولة عواسة الكسرة وسأنقل المنظمة للجنوب لتعليم عواسة البفرة . الميدان