حتي الجمل ..عايز فيزة ( حلاب) سيف الدين خواجة [email protected] حين كنا شبابا في الثانوي والجامعة كان همنا تقدم السودان ومن بين نقاشاتنا تلك هو ان تتبع الدولة سياسة تجعل السودان بلدا طاردا حتي تكف الهجرات المتتالية من كل الحدود حيث وضعنا الاقتصادي كان شامة مضيئة وحتي تخرج من بلادنا الجاليات التي وفدت الينا وما كنا نحسب في يوم من الايام ان تصبح بلادنا طارده حتي لفلذات كبدها الخبيرة في كل مناحي الحياة حتي اصبحت طرفه ان الرئيس نميري وعد بتصدير القمح فاذا هو يصدر الناس وتفتقر دولتنا الي جهد ابنائها وجاءت الانقاذ فاكملت الناقصة وزادت عليها فاحالت الناس الي الصالح العام فتشرد مئات الآف وذلك رغم وعود تمزيق الفواتير واحسب ان الانقاذ كانت تعني فيما تعني تمزيق الوطن حتي لو اصبح في حجم فرد كعب الرئيس فطالما هو جالس فلا شئ يضير رغم تنبيهات الخبراء والحادبين علي مصلحة الوطن ولم تكن صورة ما وصلت اليه الحاله ماثلة امامي بسبب غيابي القسري عن الوطن لفترات طويلة الا انني في آخر زيارة فوجئت في الخرطوم بما لا يخطر علي بال احد من الاهل في دول الاغتراب ان عمنا عبد الحفيظ المزارع الاصيل الملتصق بالارض قد استوطن الخرطوم ..الرجل الذي لقبته قريته بالجمل لطوله وقوته وصبره في العمل في الزراعة صمد السواقي وسيد النمرتين كما تقول الشاعرة وارقوق البلد ومرق بيوت العبدلاب ..الرجل الذي تتفاءل به القرية (ان كان اول مزارع يستسقي به لان ضراعه اخضر) فقد كان المزارعون يجتمعون عنده ويؤذن للصلاة ويصلي الفرض الحاضر داخل حوض من المزرعة ثم تفتح الماء للري ايذانا ببداية ( المسرة) الموسم سألته :- الحكاية شنو زاير الخرطوم للعلاج ام للراحة اجاب:- تعرف يا ولدي نحن راحتنا وسط زراعتنا وبهائمنا انا سكنت الخرطوم سالته:- لماذا اين الزراعة ولماذا تركت الارض اجاب بغفوية:- ناسك ناس السجم والرماد ديل كتلوا اي شئ والله بقت ما جايبه همها خليهم يخموا ويصروا بالنبيح قدوا اضانا نامن الرماد كال حماد والله غلبنا النسويه ما في بلد في الدنيا زي بلدنا دي اراضي وموية وناس لكين تقول شنو وان قلت منو بسمعك ديل في عكهم دا زي ناس البوش مافي زول يسمع كلام التاني ..كلهم ينكلموا مرة واحدة ...بلدنا دي ضيعها كترت الكلام وياريت كلاما فيهو فايدة ..لا طعم ولا لغم (لغم معناها قيمة او ما يقيم الاود) وحين هممت بوداعه ضمني اليه قائلا ( يا ولدي في بلدكم ما في بقر ومزارع ) فقلت له نعم فهمس ولاول مرة تنحدر منه دمعة حري وبصوت خافت ( ارسل لي فيزة حلاب) ساعتها فقط ادركت حجم الكارثة الوطنية اذا كان حتي الجمل عايز فيزة حلاب !!!!!!!!!!!