تراسيم.. هذا حال صحافتنا .. ياسيادة النائب!! عبد الباقي الظافر يروي الأستاذ علي عثمان أنه زار ذات عام روما للالتقاء سراً بأسامة الباز مدير مكتب الرئيس السابق حسني مبارك.. وزير الخارجية (وقتها) دعا رؤساء تحرير الصحف ليخبرهم بأمر الزيارة السرية.. بالطبع نوه الأستاذ طه أن الأمر ليس للنشر.. التلفزيون وفي صدره نشرته أخبر مشاهديه \"طه يكشف لدى لقائه برؤساء تحرير الصحف عن زيارة غير معلنة إلى روما التقى فيها بأسامة الباز\".. بعد هذه الفضيحة سكت الأستاذ علي عثمان عن الكلام المباح وأصبح يكتفي بإيماءة رأسية يصعب فك شفراتها. حكى النائب الأول هذه القصة للزملاء الصحافيين الذين رافقوه في رحلته لمصر.. وخص الأستاذ طه اثنين من زميلات المهنة قدر لهن مرافقته لأول مرة ببعض النصائح.. طه طلب من صحافتنا التحلي بالجرأة والاحتكام للضمير المهني وعدم مجاملة أي مسؤول. سأمارس تحكيم الضمير المهني وأحكي للسيد النائب الأول حكاية صحافتنا ولماذا هي أقل من الطموحات.. ابدأ بالتلفزيون الرسمي.. مدير التلفزيون الأسبق الأستاذ عوض جادين فقد منصبه لأن الكاميرا فشلت في ملاحقة موكب الرئيس الصيني الزائر للسودان. عندما زار الرئيس سلفاكير الخرطوم لأول مرة في الأيام الماضية كان التلفزيون ينقل الحدث برتابة وبرود.. تلفزيون الحكومة يفعل ذلك ليرضي مسؤولاً رفيعاً في وزارة الإعلام.. هل تصدق يا سيدي النائب أن خبر زيارة سلفاكير كان ترتيبه الثالث في إحدى النشرات الإخبارية. وهل تعلم يا سيدى النائب الأول أن العاملين بالتلفزيون بدأوا في ممارسة الربيع العربي من داخل الحوش الكبير عبر أكثر من وقفة احتجاجية.. الإعلاميون بالتلفزيون لم يتحدّوا الحكومة إلا أنها فشلت في دفع مخصصاتهم لعدة أشهر. سيدي النائب الأول هل سألت نفسك لماذا ينفر كبار الصحافيين خفافاً إلى مرافقتك في زياراتك الخارجية.. ويتثاقلون إلى الأرض عندما تدعوهم إلى زيارة فجاج أرض السودان.. أحسبك تظن أنهم يرون في السفر سبع فوائد.. الحقيقة أن جلهم تسحره نثرية اليورو التي مقدارها في اليوم الواحد ثلاثمائة وخمسين يورو أو تزيد. سيدي النائب رجال حولك يشاطرونني هذا الرأي.. عندما ينتقد أحدنا مقام الحكومة يتم استبعاده من الرحلات الممولة من جيب المواطن السوداني.. وعندما يتأدب ويحسن الثناء يجد اسمه مكرراً في سجلات الطائرة الرئاسية.. حيناً مع الرئيس ومرة مع نوابه ومساعديه. بصراحة.. أخي الأستاذ علي عثمان بؤس حال الصحافة السودانية سببه المباشر هو حكومتنا الموقرة.. سأعطيك مثالاً سيدي النائب الأول.. هاجمت الصحافة السودانية مممارسات وزارة الإرشاد والهيئة العامة للحج والعمرة.. وكان لهذه الصحيفة قدم سبق.. بعد كل هذه الحملة لم يسرح إلا موظف صغير وضعه حظه العاثر تحت أقدام أفيال الصراع.. وزير الإرشاد تتم الآن تهيئة سفارة خارج السودان تليق بمقامه.. ومير الحج والعمرة (الموقوف) ما زال في استراحة محارب. التيار