هناك فرق خير جليس سياسي ..! منى ابو زيد تناقلت وسائل الإعلام خبر استقالة نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الكويتي التي تزامنت مع لغط حول احتجاجات على تلكؤ الإصلاح إثر فضيحة فساد يشتبه بتورط مسئولين ونواب برلمانيين فيها .. هذا الحدث بصرف النظر عن طبيعة موقف الحكومة أو المعارضة منه، يعتبر استثنائياً جداً – ليس في الكويت المعتادة على مثل هذا، بل - في بقية الدول العربية التي لا يحدث أبداً تحت قباب برلماناتها أن يعُضّ الرجل كلباً ..! الإعلام تناقل أيضاً – قبل أيام – خبراً عن صدور حكم بإعدام أحد أعضاء الأسرة الحاكمة بالكويت بعد إدانته أميرا آخر بسبب خلاف إثر مشاجرة رياضية، وهو - بطبيعة القانون - حكم ابتدائي لم يعبر مراحل الاستئناف والتمييز والتصديق الأميري، لكن الإعلان عنه يأتي في إطار الشفافية التي تحكم مثل هذه الحوادث في الكويت على عكس المألوف في بقية مناطق الخليج ..! التجربة الديمقراطية في الكويت حالة مغايرة جداً للسائد والنمطي في أحوال الحاكمين والمحكومين العرب، وهي في فرادتها مثل زهرة لوتس تحيا بين برك الأنظمة العربية الشمولية الساكنة من المحيط إلى الخليج ..! الكويت تتفوق على بقية العرب بدستور فريد، ونظام حكم ملكي دستوري، وشعب مسموع الكلمة، ومجلس أمة قوي يضع حكومته دوماً على المحك، ويمارس النواب دورهم الرقابي والتشريعي كما ينبغي له أن يكون، من جلسات الاستجواب الحقيقية إلى صناعة التغييرات الوزارية ..! ولئن كانت هذه هي ديمقراطية منتصف الطريق، أو \"دمقرطة السلطة\" كما يحلو لبعض المحللين وصف نموذج الديمقراطية في الكويت، فما أحوج بقية العرب والمسلمين إلى مثل هذا المنتصف، على الأقل يبقى تحديث مفهوم السلطة التقليدية أفضل من الاستسلام لترسيخها، ويبقى التحديث – على إطلاقه – أنسب المداخل وأقواها لتحقيق أي تحول ديمقراطي ..! ومن وجوه التفرد أيضاً أن التيار الإسلامي في الكويت - وعلى الرغم من كونه قوة مؤثرة في الساحة السياسية المحلية - يتعايش بطريقة عصرية مع أطروحات تجربة الديمقراطية الليبرالية المقيدة التي تشهدها البلاد (والتي لا يعتبرها البعض مفهوماً مناوئاً للشريعة الإسلامية)، الأمر الذي يعود بنا إلى الحديث عن تفرد الممارسة السياسية في تلك القلعة الخليجية الهادئة ..! في العلاقات الدولية – أيضاً! - هنالك حامل مسك ونافخ كير، وجليس دولي سيء، إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحاً خبيثة، وجليس سياسي صالح، إما أن يجزيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحاً طيبة ..! العلاقات السودانية الكويتية شهدت هزة عنيفة في منتصف التسعينيات، وقد دفع الشعب السوداني ثمناً باهظاً حينما جالست حكومته ونادمت نافخي الكير، قبل أن تشهد علاقات البلدين تحسناً مشوباً بالحذر، ثم هاهي بداية مرحلة جديدة، لولا أن الخارجية السودانية قد تلكأت في تعبيد طريقها طويلاً ..! الاحداث