اضغاث الاخوان وخوازيق الكيزان وفجر الجرذان (1).. سيف الحق حسن [email protected] فى بعض الاحيان يجب ان توقف ونلقى نظرة شاملة لما يدور حولنا ونرجع الامور الى نصابها و نحلل ما مضى لكى نكون نظرة نستشف منها المستقبل و نرسم رؤية لنرتقى ونتقدم بها. من أهم الهواجس التى تحيط بنا هو اقحام الدين فى السياسة ومن ثم ادخاله فى امور خلافية جدلية مثل الدستور والهوية وغيرها والتى يمكن ان تحل من دون اقحام الدين و الا قد تتسب فى فتنة تؤدى الى احداث انعكاسا سالبا على الدين واحدث شرخ فى الوطن. ماهو السبب أصلا فى جعل الدين هاجسا لإدخاله فى كل شئ؟ فالدين هو المعاملة و الفعل الطبيعى DEFAULT الذى يجب ان يربط الناس ويحكم علاقاتها لا سيما فى مجتمع غالبيته مسلمة. فأى حكومة ستأتى سيكون أفرادها مسلمون، حتى اذا كان من بينهم ذميون فان طباعهم ستكون متشربة بأخلاق الاسلام. وإذا ربطنا كل مسلم بأنه عادل فإن أى حكومة تأتى ستكون عادلة، وهذا ما يريده الشعب أن يكون حكامه عادلون وبالتالى حقوقهم مكفولة من حرية وعدالة وكرامة ومساواة. ولكن هل كل مسلم عادل أو هل كل عادل مسلم؟. فإذا لماذا هذا الجدل والصراع حول إقحام الدين فى السياسة والذى زادت حدته حين تبنت الجماعات الإسلامية و على رأسها جماعة الاخوان المسلمين هذا التوجه. يقول كثير من الباحثين ان جماعة الاخوان المسلمين نشأت بواسطة المخابرات الغربية لمحاربة المد الشيوعى الاشتراكى فى الشرق الأوسط. كلمة اسلام أو إسلامى تستقطب الكثير فالشعوب الاسلامية بطبيعتهم ميالين للدين وحتى يكون الواحد فى مأمن يتجه لمن اسمه مرتبط بإسلامى. حتى الحكام عند الزنقات يحورون خطاباتهم ويدخلون كلمة إسلام كورقة لكسب تأييد شعوبهم. نجد صدام حسين قد اضاف كلمة الله اكبر للعلم العراقى والقذافى كان يدّعى ان الثورة حرب صليبية جديدة ضد الاسلام. ويستخدمون الفقهاء وعلماء الدين لتفصيل ما يناسب من الفتاوى للمزيد من التحكم والسيطرة عن بعد. والتجار يستخدمون مصطلح اسلامى او يكون له ذقن ليستقطب الكثير من الزبائن. والناس لتكون فى مأمن تختار كلمة اسلامى. ابسط مثال اذا كان هناك مصرفان فى احدهما اسم اسلامى والآخر لا، فستجد الأكثرية فتحوا حسابات فى البنك الذى يحتوى على اسم اسلامى. لذلك نجحت فئة الاخوان المسلمون والجماعات الاسلامية الاخرى بجذب كثير من الناس إليها. وبالرغم من إختلافات المسلمون انفسهم نجد جماعة الأخوان قد قطفت من كل طائفة او فئة زهرة فهم يقولون نحن سلفيون وصوفيون وغيرهم من الجماعات والطوائف، فهم يقبلون القسمة على كل المذاهب والطوائف لأن العامل المشترك الذى يستخدمونه هو كلمة إسلام. إذا كانت جماعة الأخوان بريئة من تهمة انهم أنشئوا بواسطة المخابرات الغربية فإنهم ليسوا بريئين من إستخدام كلمة إسلام لأغراض عدة منها فى المقام الأول تكثير كمية او عددية الناس المؤيدين لهم، حيث نجدهم يتباهون باعداد المنضمين اليهم ولا ادرى ان كان يهمهم ان كانوا بغاث او غثاء، فإن ابتغاء وجه الله يستوجب الصدق والاخلاص والأمانة. تستحضرنى قصة فى هذا الموقف، كان هناك احد التجاريوصف بأنه (متدين-ولا أعرف المقاييس الشكلية التى تحدد بها هذه الصفة!!)، على العموم هذا التاجر يصلى بالناس يوميا صلاتى المغرب والعشاء. فبينما هو جالس خارج دكانه اتى شحاد طالب من الله، دنا للتاجر الذى هم بأن يعطيه ولكن عندما رفع رأسه وجده نصرانيا حيث يلبس الصليب فى صدره. فأغمد الرجل يده ولم يعطى هذا الشحاد. بائع متجول يسمى بالدرويش وهو احد الذين يصلون مع هذا التاجر شاهد هذا المنظر. عند الصلاة تقدم التاجر كالعادة ولكن الدرويش قال أنا الذى سوف أصلى. بعد جدل سُمح للدرويش بالصلاة. فبعد التكبير وبسم الله الرحمن الرحيم، قرأ: الحمد لله رب المسلمين، عدله التاجر: الحمد لله رب العالمين، قرأ ثانية: الحمد لله رب المسلمين، عدله التاجر: الحمد لله رب العالمين، قرأ ثالثة: الحمد لله رب المسلمين، عدله التاجر: الحمد لله رب العالمين. فألتفت الدرويش الى الوراء فقال: إذا انت عارف ان الله رب العالمين لماذا تجعل عطاءه للمسلمين فقط.... ان أول ما يلفت الانتباه هو الاسم، فتسمية الاخوان المسلمون لانفسهم من الاية :((فاصبحتم بنعمته اخوانا)) على حد تعبيرهم، اى اخوان بنعمة الاسلام. الاية الأخرى تقول :((و اما بنعمة ربك فحدث)) اى حدث بالاسلام وادعو له، وليس كما يفهم البعض حين يعطيه الله ويتمنى ان يزداد ثراءا ليصرف ويلبس ويبذر فبهذا يكون قد حدّث بنعمة الله، والله اعلم!!. و يقول المصطفى صل الله عليه واله وسلم :(حب لأخيك ما تحب لنفسك)، وهذا الأخ المقصود به أخاك فى الانسانية بأن تدعوه الى الاسلام تلك النعمة الكبرى على البشرية جمعاء. إذا المغزى ان ندعو للاسلام فى الدنيا التى هى اساسا مسلمة، فله أسلم من فى السموات والأرض طوعا و كرها، وباتالى ان تكون قد تحققنا أننا أصبحنا بنعمة الله ودينه الذى ارسله رحمة للعالمين اخوانا بشرفى هذه الدنيا. وهذا هو المعنى المقصود للأخوة الذى بمقتضى فهمه ستذوب وتتلاشى الفتنة بل سيجلب الخير للبشرية كلها، فلماذا نجعله ضيقا فى جماعة بعينها لتحتكر هذا المعنى السامى وتختزله فى شعارات لتزدرى على الغير وتحقره بل لتفرض عليه نهج الوصابة. فهذا ايضا يسمى بالارهاب الفكري، فمن أعطى الحق لهذه الجماعات أن تتكلم بإسمه الله عز وجل وتتحكم فى خلقه الذين خلقهم الله مختلفين لحكمة يعلمها وتقول هذا مخطئ ونحن الصح. ألم تسمع قوله تعالى : ((ويحذركم الله نفسه)).. و من قال لك إن هذه الآية تفسيرها كذاو كذا، فهذا القرآن لا يعلم تأويله إلا الله العزيز الوهاب. والإستدلال بأيات الذكر الحكيم والأحاديث فى غير موضعها وتفسيرها على الهوى هو من أخطر الأشياء، لأنه فيه إقحام هوى النفس والتوهم بأنه مراد الفعال لما يريد وبذلك التحكم فى خلق الله وعباده وعدم الإستماع لهم. هذا النوع من التعامل يولد جدالا لا ينتهى، اقلاه سيضيع زمن الجميع، ان لم يولد فتنة طائفية لن تخمد وربما شرارها يولد الحروب. لذلك يقول المناضل القس المسيحى مارتن لوثر كنغ: علينا تعلم العيش جميعا كأخوة او نفنى جميعا كالأغبياء... و نواصل