تأمٌلات يا مريخاب العقل نعمة كمال الهدي [email protected] أكدت الأزمة الأخيرة حول مباراة نهائي كأس السودان أننا سنظل نراوح مكاننا لسنوات طويلة قادمة طالما أن هذه هي العقلية التي تدار بها الكرة في البلد. وهذه ليست الأزمة الأولى ولا الثانية ولا الثالثة التي تحدث بسبب العشوائية والتخبط والمجاملات وضعف الشخصيات وإضعاف الكيانات وعدم انتهاج المؤسسية. والغريب أن إعلامنا يثور ويهيج في كل مرة وبعد أيام قليلة ينسى الجميع كل شيء ونعود لنفس النغمة القديمة وبيع الوهم والحديث عن الناديين الكبيرين وكأنهما ريال مدريد وبرشلونة. ما حدث حول نهائي كأس السودان يفترض أن يمثل لنا درساً بليغاً نفهم منه ألا فائدة ترجى من القائمين على أمر الكرة في السودان. المتابع للأحداث هذه الأيام يلاحظ الكم الهائل من هجوم الإعلام المريخي على مسئولي اتحاد الكرة ووصفهم بالضعف وعدم القدرة على الحسم، مع أن هذه أمور كانت واضحة منذ أول يوم أنتخب فيه ضباط الاتحاد الحاليين. لكنهم أي إعلاميو المريخ سعوا وقتذاك لاستمالة ضباط الاتحاد باعتبار أن الرئيس مريخي الهوى. تابعت اليوم حلقتين تلفزيونيتين في قناتي الشروق والنيل الأزرق حول هذه القضية وسمعت العجب. بدأت متابعتي للقضية بحديث مساعد رئيس نادي المريخ همد الذي جاء للأستوديو متأبطاً كماً هائلاً من الأوراق وأدعى أنه تواجد هناك للتحدث عن حقائق وبالمستندات، لكنه للأسف لم يحضر معه أهم مستند يفترض أن يكون حاضراً في هكذا قضية، أعني المستند الذي يؤكد أن اتحاد الكرة قد اتفق معهم على تأجيل المباراة. همد قال أن لديه خبرة أربعين عاماً في العمل الإداري، والمرء ليستغرب كيف لم تساعد كل هذه الخبرة الطويلة صاحبها في معرفة حقيقة أن جميع المستندات التي جاء بها للأستوديو لم تكن تعني شيئاً طالما أنه لم يحضر معها مستند التأجيل غير الموجود أصلاً. فهم يقولون أن اتفاقاً قد تم بين رئيس الاتحاد ورئيسي الهلال والمريخ، وهذا كلام ونسة ولا علاقة له بالعمل الإداري الراشد. أن يكون معتصم جعفر صديقاً لهمد أو أي من أعضاء مجلس المريخ الآخرين هذا شيء وأن يتعاملوا مع المؤسسة التي يديرها معتصم جعفر فهذا أمر آخر. المضحك أن همد اعترف بأن عدم التعامل بالأوراق كان خطأً وأنه يتعين عليهم أن يصبحوا ( خبثاء) في المستقبل ويطالبوا بالمستندات! ولا أدري أين موقع الخبث في التعامل بالمستندات بين ناد كبير واتحاد يشرف على اللعبة! الوضع معكوس تماماً يا سيد همد، ومن يتعامل بالمستندات شخص واضح ومنهجي وليس خبيثاً. والمربك في الأمر أننا حتى اللحظة لا نعرف بالضبط كيف تم الاتفاق الذي يتحدثون عنه، ففي قناة سمعنا من أحدهم أن الموافقة على التأجيل جاءت خلال محادثات هاتفية بين معتصم جعفر ورئيسي الناديين. وفي قناة أخرى سمعنا من يقول أن ثلاثتهم اجتمعوا واتفقوا على التأجيل. وهذا يعكس حجم الأزمة الكبيرة التي تعيشها كرة القدم السودانيين في ظل إدارات بهذا المستوى. وفي قناة النيل الأزرق قال الصحفي عبد الباقي أن المباراة كان من المفترض أن تلعب في نهاية الموسم وأنهم يشعرون بأن نوايا من قرروا أن تلعب في هذا التوقيت ليست سليمة ولهذا يتمسك أهل المريخ بعدم أدائها. الكلام عن النوايا في هكذا قضايا يبدو غريباً بعض الشيء. ولو أن هناك نية للإيقاع بالمريخ وتعريض بعض لاعبيه للإيقاف كما يزعم بعض المريخاب، فهذا الاحتمال يظل قائماً حتى لو لم يلعب المريخ نهائي كأس السودان. فالنوايا غير السليمة يمكن أن تقود لإنذار أو طرد أي لاعبين مهمين في المريخ خلال إحدى مباراتي المريخ أمام النسور والأهلي في الممتاز. التناقض هو سيد الموقف والقاسم المشترك في حديث كل أهل المريخ الذين تناولوا هذه القضية بالأمس. فهمد ورئيس النادي جمال الوالي أكدا أن المريخ ليس خائفاً، بل هو أكثر استعداداً من الهلال وحاولا التدليل على ذلك بإدعاء زائف هو أنهم يمكن أن يلعبوا المباراة لو وافق الاتحاد على أن تكون نهائي الممتاز وليس كأس السودان. منتهى الفوضى وعشوائية التفكير! وفي نفس الوقت قالا أن المريخ انفق المليارات من أجل الدوري الممتاز ولذلك لا يمكنهم أن يفرطوا فيه. وبصراحة يا جمال الوالي إن كنتم تنفقون كل هذه المليارات من أجل كأس الممتاز ( يبقى ما عندكم موضوع)! فالممتاز وفرقنا الضعيفة لا تحتاج لكل هذه الأموال التي أنفقتموها في المحترفين والمدربين الأجانب. ولو كنت تعني أن الممتاز يؤهل للبطولات القارية فأنتم مؤهلون لها سواءً فزتم بالممتاز أو حللتم كوصيف للبطل. المثير أنهما زعما أن المريخ أكثر استعداداً من الهلال، وفي نفس الوقت تناولا الأموال الضخمة التي أنفقها ناديهما من أجل الممتاز وهو ما يشير إلى أن أسباب انسحابهم من المباراة فنية بحتة. كما عبرا صراحة عن تخوفهما من حدوث إصابات أو إيقافات لو أن المريخ لعب نهائي كأس السودان اليوم. حاولا إقناعنا بأنهما يرفضان اللعب بسبب موقف مبدئي ومن حقنا أن نتساءل أين كانت مواقف مجلس المريخ المبدئية في الكثير جداً من القضايا السابقة! ربما أراد أهل المريخ اتخاذ موقف قوي ينسي جماهير ناديهم مواقفهم الهزيلة السابقة، لكن كان عليهم اختيار المعترك المناسب، بدلاً من افتعال هذه المعركة الخاسرة تماماً. أراد رئيس المريخ أن يقنعنا بأن رئيس الهلال قد تراجع عن الاتفاق الذي تم، وحتى إذا افترضنا ذلك فمن حقه أن يتراجع طالما أن كل شيء تم شفاهة وليس هناك مستندات يمكن الرجوع لها. وليس هناك شيئاً اسمه ( كلمة ) كما ذكر الأخ كابو، فنحن لا نتحدث عن أمور شخصية، بل هي مباراة كرة قدم في نهائي بطولة كبيرة وبين ناديين كبيرين. المستندات يجب أن تكون حاضرة في هكذا أحوال، والبرير ومجلسه يقفون في المكان الصحيح في هذه القضية. العجيب أن جمال الوالي يريدنا أن نلوم البرير على أمر لسنا متأكدين منه. فالاتفاق الشفهي ربما يكون مجرد كلام ينقل لنا، مثل تصريح أحد أعضاء مجلس المريخ الذي أشار له الوالي نفسه. بدا الأخ عبد الباقي غاضباً ومنفعلاً على غير العادة لدرجة الرد على أحد المتصلين بجفاف وتهكم. من الواضح أن منصبك الجديد كرئيس تحرير لجريدة المريخ هو ما دفعك لكل هذا الانفعال يا عبد الباقي ولو كنت مكانك لعدت أدراجي إلى الصدى أو الزعيم حتى لا أفقد أعصابي أكثر. المتصل قال أن المريخ خائف من مباراة الهلال، فرد عبد الباقي على ذلك قائلاً “ استغرب مثل هذه الآراء الساذجة\". لكن فات على عبد الباقي أن هذه الآراء التي وصفها (ب) الساذجة تمثل حقيقة موقف نادي المريخ بنسبة 90%، ولا أقول مائة بالمائة لأننا لم ندخل في قلوب الآخرين لنجزم على مواقفهم. لكن الشواهد وحديث الرئيس ومساعده والبيان الهزيل الذي أصدره مجلس المريخ تعكس حالة خوف من هذه المباراة. أكمل حالة التناقض العجيب التي يعيشها أهل المريخ الصحفي كابو الذي تحدث طويلاً خلال اتصاله بالبرنامج، وقد انصب معظم حديثه حول استهداف الاتحاد للمريخ. ويا له من أمر عجيب أن يزعم المريخاب دائماً أن الاتحاد يستهدفهم، رغم أن رئيس ناديهم عندما جاء للوسط الرياضي أول مرة كان بتوجيهات من رئيس الجمهورية شخصياً! هم دائماً يحاولون التدليل على استهداف الاتحاد لهم بهلالية مجدي شمس الدين، ويغضون الطرف عن مريخية معتصم جعفر ويتجاهلون الدعم الهائل الذي قدمه الإعلام المريخي لمعتصم عندما حل بديلاً لشداد. بالله عليكم لو كان شداد موجوداً، هل كان من الممكن أن تسير الأمور حول هذه المباراة بهذا الشكل المأساوي! كابو أيضاً عبر عن استهجانه عن نقض الاتفاق الشفهي المزعوم وقال هي (كلمة) يجب الالتزام بها! أيعقل يا كابو أن يتحدث رئيس تحرير صحيفة فنية يعايش كل يوم القضايا والمشاكل التي تنشأ بين مختلف الأطراف الفنية بهذه الطريقة! فلنفترض أن البرير وافق على التأجيل شفاهة، ثم بعد الرجوع لمجلسه قوبل الاقتراح بالرفض، فعدل عن رأيه وجاء للاتحاد بخطاب يؤكد رفض الهلال للتأجيل، أليس من حقه أن يفعل ذلك ويصحح خطأ القرار الفردي طالما أن رجال مجلس المريخ ما زالوا في سنة أولى إدارة ومنحوه الفرصة للتراجع! الهلال ليس طرفاً في هذا النزاع والكلام عن الاتفاق الشفهي المزعوم لن يفيدكم في شيء يا مريخاب. لو أن لديكم مستنداً يؤكد أن الاتحاد أجل المباراة، لا يستطيع أي كائن أن يغالطكم، أما بدون ذلك فليس لديكم حجة، ألهم إلا أن كانوا نسعى لتجهيل الناس وإضاعة وقتهم فيما لا يفيد ولا ينفع. وتأكدوا أن محاولات إقناع الناس بتراجع رئيس الهلال و ( تنصله) عن كلمته لا يعنينا في شيء. الطريف في الأمر أن الزميل معتصم عندما سأل همد عما إذا كانوا قد استشاروا مدرب الفريق في قرار التأجيل، جاء الرد بأنه شخصياً لم يفعل، لكنه أي همد أوضح أنه بحكم تجاربه الطويلة في العمل الرياضي استشار العديد من المدربين من ضمنهم ابراهومة الذي نصحه بألا يلعبوا المباراة! ونسأل همد مرة ثانية أين خبرة الأربعين سنة؟ بعد كل هذه الخبرة الطويلة تسأل إبراهومة الذي يصغرك بالكثير من السنوات! وكيف فات عليك أن ابراهومة حالياً ليس جزءً من الجهاز الفني المريخي؟! ألا تتفقون معي أعزائي القراء أن الحديث عن خبرة السنوات الطويلة في هذا المجال يظل مجرد كلام! أربعة أيام خبرة فقط تكفي لأن يفهم الإداري أن الشأن الفني في النادي الذي يديره يتعلق بمن يدرب الفريق وليس الأصحاب هنا وهناك. كما أن خبرة الأربعة أيام فقط تكفي لأن يفهم صاحبها أن مثل هذا الكلام يعكس للمتابع أن سبب الهروب من المباراة فني في المقام الأول. ثم كانت الطامة الكبرى عندما وافق أحد أعضاء الاتحاد على مضض بالرد على اتصال الأخت ميرفت خلال الحلقة. قال رئيس اللجنة التنظيمية أن المباراة قائمة في موعدها وأن الحكام سيتوجهون للملعب وفي حالة عدم حضور المريخ سوف يمنحون الوقت القانوني وبعدها ينهون المباراة. فسألته ميرفت سؤالاً وجيهاً:ماذا عن الجمهور وهل ستبيعون تذاكر الدخول لها؟ فرد مسئول الاتحاد بالقول \" لن نبيع تذاكر وفي حالة حضور المريخ سنضطر لفتح الأبواب ونسمح بدخول الجمهور مجاناً حتى لا تحدث بلبلة أمنية\" أي فوضى وأي عشوائية هذه التي يديرون بها اللعبة في البلد! هب يا رجل أن المريخ حضر للملعب قبل موعد المباراة بنصف ساعة، فهل سيكفي الوقت لدخول الجماهير التي قد تأتي بالمئات إن لم يكن بالآلاف! ولماذا أصلاً تصرون على مثل هذا الإجراء لو أن المريخ سلمكم ما يفيد كتابة بعدم رغبته في أداء المباراة! هذا الاتحاد ضعيف وفاشل وغير كفء وليس لدى رجاله القدرة على المواجهة وأرجو أن نفهم جميعاً أن كرة القدم السودانية لن تتقدم شبراً واحداً في ظل هكذا إدارة وهذا حديث قديم متجدد قلناه مراراً وتكراراً لكن لا أحد يسمع.