في مقالات سابقة قلنا أن من يشعل الحرب فسيحترق بها قبل غيره. والآن مع كل مؤشرات التصعيد في الأيام القليلة فان مخاطر اندلاع الحرب أصبح وشيكاً. وإذا ما نشبت هذه المرة فإنها لن تكون محدودة المكان، مع البؤر المستعرة في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق ، إضافة إلى وميض النار المختبئ تحت الرماد في الشرق ومناطق السدود التي شيدت أو المقترح إقامتها. وحذرنا أيضاً من التسويف والتلكؤ في حل القضايا المعلقة ، وطالبنا بحسمها خلال الفترة الانتقالية كما نصت اتفاقية السلام الشامل ، لأن التعليق يعني إدخال البلاد في دوامة لا غرار لها، وهو خرق واضح لاتفاقية نيفاشا التي نصت في ديباجة، وسائل التنفيذ(ص151) إن الحركة الشعبية لتحرير السودان وحكومة جمهورية السودان يؤكدان مجدداً على إن الاتفاقيات والبرتوكولات التي تم التوصل إليها وهي:-بروتوكول مشاكوس في20 يوليو2002واتفاقية الترتيبات الأمنية في 25 سبتمبر 2003 واتفاقية اقتسام الثروة في 7يناير 2004 وبروتوكول اقتسام السلطة في 26مايو 2004 وبروتوكولي حل النزاع في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق في مايو 2004 وبروتوكول حل النزاع في منطقة أبيي في 26مايو2004م ، تشكل معاً اتفاقية السلام الشامل كحزمة واحدة لا تقبل التجزئة ولا التلكؤ في التنفيذ في المواعيد التي حددتها برامج تنفيذها وفقاً للتواريخ المحددة في اتفاقية نيفاشا في الصفحات من 155 وحتى 232 (راجع الاتفاقية). عدم تنفيذ هذه الاتفاقات والبروتوكولات هو الذي أدى إلى انفصال الجنوب وهو الذي سيؤدي حتماً إلى اندلاع الحرب إذا لم يتوصل الطرفان عبر الحوار وليس الحرب إلي حل سلمي ديمقراطي لكل المشاكل العالقة. حزب المؤتمر الوطني يتحمل المسؤولية الأكبر عن هذا التسويف والتلكؤ في التنفيذ ، بل والالتفاف حول العديد من بنود الاتفاقية مثل المادة (2-7) البند(2حتى8)المتعلق بجهاز الأمن، والمادة(2-6) الخاصة بالخدمة العامة وحتى قسمة السلطة والثروة ...الخ شكلت جميعها حاجز صدٍ ضد ما يسمى بالوحدة الجاذبة وأدى تراكم الغبن الناتج عن ذلك إلى انفصال الجنوب. الآن ومع حلول عيد الأضحى المبارك نشرت العديد من الصحف والمنظمات العالمية أنباء القصف الجوي لحكومة الشمال لدولة الجنوب الوليدة ورغم مبادرة الحكومة لنفي القصف الجوي، إلا أن بعض المنظمات الدولية ، ورغم مبادرة الحكومة لنفي القصف الجوي في معسكر (بيدا). بل وذهبت بعض الدول الكبرى في مجلس الأمن والمفوضية العليا لحقوق الإنسان وإلى إدانة القصف الجوي وكذلك فعلت سوزان رايس المندوبة الأمريكية الدائمة في مجلس الأمن مؤكدة إدانة حكومتها لحكومة السودان جراء القصف، وأكد شهود عيان في مفوضية شؤون اللاجئيين كانوا داخل المعسكر وقوع القصف الجوي. على حكومة السودان أن تثبت إن كل أولئك يكذبون بالأدلة والبراهين التي تستوجب وصول بعثات محايدة لمكان القصف والاستماع لشهود العيان وغيرهم من قاطني المعسكر ونشر الحقائق التي يتوصلون إليها على الرأي العام الداخلي والعالمي. ومع ذلك فان الواقع يقول أن خطاب رئيس الجمهورية في الكرمك في عيد الأضحى هو تحريض على الحرب. وهو تأكيد لما قاله نائبه الأول للجنود للاستعداد لاستعادة الكرمك لتصبح جزءاً من الدولة الإسلامية . أن ما قاله سيلفاكير في خطابه الأخير هو رد فعل لما سبق ذكره ويؤكد أن جمهورية السودان تستعد أيضاً للحرب دفاعاً عن النفس والتزاماً باتفاقية السلام الشامل، لتنفيذ القضايا الملحة التي لا زالت معلقة. إن ما يقوم به الجنرال المنشق جورج أطور من عمليات حربية واسعة في شمال أعالي النيل ما كان بمقدوره أن يقوم بها بعد الحصار الذي ضرب عليه من الجيش الشعبي وأوشك على التسليم ، لولا الدعم اللوجستي وغيره الذي وفًر له. ومع ذلك وبالرغم منه فان سلطة الرأسمالية الطفيلية لا تستطيع خوض كل تلك المعارك في مشارق السودان ومغاربه وهي تعني من الإعسار وسخط الغالبية العظمي من شعب السودان نتيجة للمعاناة غير المسبوقة التي يعيشها الآن. إلي جانب عزلتها الدولية والإقليمية حتى في إطار البلدان العربية والأفريقية المجاورة. ليس ذلك وحسب ،بل إن حكومة المؤتمر الوطني تعاني أكثر من ذي قبل من الانقسامات والانشطارات في داخلها ، وهو صراع مفتوح على كل الاحتمالات ، لأنه صراع من أجل المصالح الشخصية والتمسك بحياة الترف والبذخ والمال الذي لا يحصى . من آجل كل ذلك فإن معدمي الأمس مليارديرات اليوم مستعدون للدفاع عن هذا الكنز متمترسين بالشعارات الزائفة (هي لله هي لله لا للسلطة ولا للجاه)، حتى الموت كما فعل القذافي . ولا يهمهم شعب السودان حتى لو قضى نحبه في الحرب أو الموت جوعاً. إننا نخاطب بكل الجدية والشجاعة كل من يعارض سياسات المؤتمر الوطني هذه ومن تبقى فيه من ذوي الضمائر الحية ولا زال قلبهم مع الشعب والوطن أن يقفوا سراً منيعاً مع قوى المعارضة التي تعمل لإنقاذ الوطن من الحرب ومن حكم الأقلية التي استقطبت الثروة بين أيديها على حساب خراب البلاد ودمار الوطن وقوت الشعب وتشريد أبنائه إلى معسكرات في مختلف البلدان المجاورة. كل ذلك رهين بتوسيع الجبهة العريضة وتفعيلها عبر النضال اليومي الدؤوب لنيل حقوقها ومطالبها المشروعة ، حتى تقتنع بان ذلك غير ممكن إلا بعد الإطاحة بهذا النظام المتسلط الذي لم يرع حرمة أو ديناً أو وازع من ضمير. الميدان